[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
هناك مجموعة تساؤلات كبيرة تطرح كلما زرنا منطقة حمرير التي تعد جزءا من سلسلة جبال ظفار الرائعة، الساحرة للقلوب والعقول في كل الفصول، وفي الخريف مثل هذه الايام، يزداد سحرها انتشار على كل الجوارح دون استثناء، تساؤلات تكبر مع كل زيارة لتلك المنطقة التي يقطعها طريق صلالة ثمريت الاستراتيجي، علما بان زيارتنا لها تعد أقل زيارات للعاشقين لجماليات الريف الظفاري، وادنى الزيارات مقارنة بالمسافرين برا عبر ذلك الطريق، زرناها قبل بضعة اشهر، وخرجنا منها بمقال عن (40) رقعة تشوه هذا الطريق رغم حداثته إذ لم يمض على افتتاحه سوى اشهر قليلة الا وقد غزته الحفر والتشققات، ويوم الجمعة الماضية سنحت لنا الفرصة لزيارة المنطقة، وكم كانت مفاجأتنا كبيرة لما شاهدناها من حفر وتشققات جديدة، ولما شاهدنا من جهود تعمل تحت الرذاذ والضباب لإعادة تأهيل مساحة كبيرة تقع تحت عقبة حمرير مباشرة، ومعها انهالت علينا مجموعة تساؤلات كبيرة، لن نتمكن من كتمانها، وسنطرحها كما تأثرنا بها من الميدان؟
التساؤل الأول: هل سيكون قدر هذا الطريق دائما ،، الترقيع ،،؟ التساؤل الثاني: من يفسر لنا غزو الحفر والتشققات القديمة والجديدة رغم انه لم يتجاوز عمره ثلاث سنوات تقريبا؟ علما بان هذا الطريق يعد المرحلة الثالثة والأخيرة من مشروع ازدواجية طريق صلالة ثمريت الاستراتيجي، فبعد (40) رقعة التي رصدناها في مقال سابق، وقد شكلت لنا ظاهرة مقلقة لوقوعها بعد بضعة اشهر من افتتاح هذا الطريق، فإذا بالحفر والتشققات تغزو مجددا هذا الطريق بصورة لافتة وملفتة بحيث تنقلنا من حالة القلق الى طرح التساؤل الثالث والمهم جدا، وهو، هل نشم من وراءها رائحة فساد أم قصور في التخطيط ؟ هل يمكن أن نستبعد الاحتمال الأخير في ضوء ما صرح به مسئول رفيع في وزارة النقل والاتصالات أثناء افتتاح هذا الطريق عام 2012؟ ونستعيد من الذاكرة فقرته التالية : ان هذا الجزء الهام من الطريق قد خضع إلى دراسة هندسية واسعة وأجريت عليه تعديلات في المعايير والمواصفات الفنية المتعلقة بالسلامة المرورية وذلك لزيادة درجة الأمان لمستخدميه ولتجنب الحوادث المرورية التي كانت تحدث باستمرار وخصوصاً للشاحنات الثقيلة، والتصريح يتحدث على وجه الخصوص عن هذا الجزء الثالث والأخير من ازدواجية طريق صلالة/ثمريت والذي ينحصر في تحسين الطريق الواقع في المسافة مابين قمة عقبة حمرير نزولاً في منحدراتها الحادة وصولاً إلى تقاطع الطريق المؤدي إلى عين صحلنوت بطول خمسة كيلومترات ، إذن ، أين تكمن المشكلة ؟ هذا التساؤل يطرح كاستنتاج تحليلي كبير بمعنى أنه ليس ضمن التساؤلات الكبيرة التي تطرح نفسها منذ الوهلة الأولى التي زرنا فيها المنطقة، وهو يقودنا الآن أي التساؤل التحليلي إلى التساؤل الثالث والمهم جدا ،وهو ، يكمن حول دور المستشار الفني ، كيف أجاز هذا المشروع رغم عيوبه الفنية الكبيرة الواضحة ؟ وهذا الوضوح يمكن رصده وبسهولة العيون غير الخبيرة، فكيف بالخبيرة ؟ فبعد افتتاح الجزء الثاني من المشروع رصدنا في الطريق ما بعد قمة العقبة (40) رقعة تم تسويتها لإخفاء البقع والتشققات، والآن تظهر نفس العيوب وبصورة أكبر في أجزاء متتالية في الطريق، فأين تكمن المشكلة ؟ تساؤل كبير ليس من السهولة الإجابة عليه ،، نظريا،، لكننا نطرح القضية وفق جميع احتمالاتها المشروعة دون ترجيح أي منها ، رغم ما يثور التساؤل حول دور المستشار الفني من اشكاليات متعددة ، دوره التخطيطي ودوره الإشرافي ، وبالمنطق والعقل ، إذا كان سيكون مصير مشاريعنا العمومية على شاكلة هذا الطريق، فما هي فائدة المكاتب الاستشارية؟ سنكون طبعا في غنى عنها، لأن في ذلك سيكون خسارة مضاعفة لموارد الدولة على اعتبار القيمة المالية التي تدفع للمكاتب، ربما يكون المستشار الفني قد قدم ملاحظاته ولم يؤخذ بها؟ وهذه ستكون قضية كبيرة كذلك .. كل الاحتمالات واردة، ولابد من فتح باب التحقيق بشأنها ، ونتائجه لابد أن تعلن للرأي العام ، لأن هذه القضية قد أصبحت تثير الاستياء العام ، كون ازدواجية هذا الطريق وإعادة تأهيله لكي يكون في مستوى أهميته الاقتصادية والاجتماعية خاصة بعد كثرة الحوادث المرورية فيه ، إحدى الأحلام الاجتماعية الكبيرة منذ عدة عقود ، ولما تحقق الحلم ، نكتشف تلك العيوب الفنية الكبيرة ، فهذا يدعونا بإلحاح الى المطالبة بفتح باب المساءلة والمحاسبة لمعرفة أين تكمن المشكلة ؟ لأنه لا يمكن الصمت على مشاهد تدهور هذا الحلم بصورة تدريجية ، فوراءه الملايين التي صرفت من خزينة الدولة، لو صرفت على تحسين معيشة مجتمعنا لحدثت الفارق كبيرا .
هل نتأمل من أعضاء مجلس الشورى عن محافظة ظفار ومجلس ظفار البلدي فتح هذا الملف بصورة مشتركة؟ فهذا دورهم طبعا، ولن يقبل منهم المجتمع رفع توصيات يكون مصيرها سلة (الملفات) أو مناشدة الجهات الخدمية بالإسراع في تنفيذ المشاريع المعتمدة والمؤجلة – كما قرأنا ذلك في تقرير رئيس المجلس البلدي – فهذا ليس الدور الذي ينتظره منهم المجتمع ، ولا يتناغم مع روح الإصلاحات والتطورات الكبيرة التي حدثت في بلادنا منذ عام 2011، المجتمع يريد منهم نتائج ملموسة ، صحيح وراء هناك مشكلة كبيرة في نوعية الإصلاحيات الممنوحة لهم والتي تفرض مجموعة وصايا حكومية عليهم ، لكن أين أداؤهم الذي يمكن ان يعوضهم عن سلبية صلاحياتهم ؟ أين صراعاتهم الايجابية التي يمكن أن تحرك المياه الجامدة ؟