[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
بدأت صناعة الكتاب بتجهيز نسخة أو أكثر بقليل من قبل المؤلف، ووصلت حاليا إلى حال مقارب لذلك بعد أن مرت بمراحل مختلفة، قد يبدو الأمر مثيرا للاستغراب، اتصلت بي عدة دور نشر عالمية مؤخرا لنشر بعض مؤلفاتي لكن ليس بالطرق التقليدية المعتادة في النشر، ويشرح القائمون على هذه المؤسسات طريقة النشر بأسلوب جديد يتساوق ومتطلبات العصر وبالاعتماد على التقنيات الحديثة، وبما يؤمّن طباعة الكتاب على افضل وجه واخراجه بجماليات جذابة، ووصوله إلى القراء دون هدر كميات كبيرة من الورق، ولأن ثمة معوقات كبيرة تواجه الكثير من الكتاب في نشر نتاجاتهم في القصة والشعر والرواية ومختلف الميادين الأخرى، فإن تعرف هؤلاء على وسائل الطباعة الحديثة والطرق المتبعة في تحويل الكتاب بنصه المكتوب والمدون إلى كتاب ورقي جاهز للتوزيع، أصبح ضروريا لمن ما زال ينتظر نشر مؤلفاته بالطرق التقليدية، وما تطالب به دور النشر الكبيرة والصغيرة، وحتى ما تفرضه المطابع الكبرى على المؤلفين الراغبين بطباعة مؤلفاتهم على نفقتهم الخاصة، حيث تصر على طباعة كميات كبيرة من النسخ او على الأقل بحدود الف نسخة من الكتاب، ومعروف أن ماكنات الطباعة ومستلزمات تحضير الطبع لا يمكن أن تحصل دون الاتفاق على مثل هذا العدد الكبير من النسخ، وهو ليس استغلالا من اصحاب المطابع ودور النشر لكن مكائن الطباعة مصممة بهذا الشكل، أي لا يمكن طباعة عشرات النسخ من الكتاب وفي حال حصل ذلك فإن كلفة النسخة الواحدة تكون باهظة جدا، لذلك انتشرت خلال السنوات الاخيرة ظاهرة الطباعة الرقمية، التي خفضت الكثير من كلف الطباعة وفتحت الأبواب امام المؤلفين ليقدموا على طباعة اعداد قليلة وبكلفة معقولة والبدء بتوزيعها، وفي حال ازداد الطلب على الكتاب فإن طباعة كميات اخرى يكون سهلا ومتيسرا ولا يحتاج لوقت طويل.
قلنا، في البداية كان الكتاب متوفرا بنسخة واحدة، وهي النسخة التي يخطها المؤلف، وفي حال رغب اخرون باقتناء هذا الكتاب فعليهم ان يقطعوا مسافات طويلة ومن ثم ينكب هؤلاء على نسخ المخطوطة الأصلية، ويحتاج ذلك لوقت ليس بالقصير، وقد يفقد المرء النسخة أو قد تتعرض للتلف وبذلك تذهب جهوده ادراج الرياح كما يقولون، وبعد المراحل التي مر بها عالم صناعة الكتاب نعود إلى النسخة الواحدة أو النسخ المعدودة وحسب الحاجة والطلب، وبدلا من السفر وعناء النسخ فقد اصبح ارسال نسخة لمختلف ارجاء العالم لا يكلف سوى النقر على البريد الإلكتروني للشخص المقصود بذلك، وأن وسائل الحفظ الحالية وخزنها تبعد عنها احتمالات الضياع أو التمزق والتلف.
بعد مرحلة النسخ التي استمرت لمئات السنين، احدث يوهان غوتنبرغ نقلة نوعية عندما اخترع آلة الطباعة في ألمانيا في منتصف القرن الخامس عشر، ثم تطورت مكائن الطباعة ليظهر الكتاب بالألوان وبكميات كبيرة وبسرعة فائقة، حتى دخلت صناعة الكتاب عوالم اخرى تصب جميعها في تسهيل انتاج الكتاب ووصوله إلى الآخرين.