[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
تعود تونس للتحرك شعبيا، فتذكرنا على الفور بأنها البداية لـ "ربيع" لم يهنأ فيه العرب ولا هم شاهدوا ازاهيرا بل قتلى وخرابا ودمارا ومدافع ودبابات وطائرات تقصف ..
يسأل المرء عما اذا كان هنالك دورة جديدة لهذا "الربيع" الطاغي من خلال تونس .. ولأننا ما زلنا نعيش اجواء غير طبيعية في منطقة متأججة، نكاد نصدق انها البداية الثانية لسنوات مليئة بالشراهة التدميرية وبالقتلى الجدد.
انه التذمر اذن، فهل يقوى التونسيون على اخضاع المنطق كي لا يجعلوا من الجولة الجديدة مشكلة وازمة، رغم انهم في ازمتهم الاولى عرفوا كيف يخرجون حتى من بين الكلمات المتفجرة.
على ما يبدو عربيا، فإن السخونة المعاشة في عالمنا، باتت ممارسة لأدبياتنا التي بعضها مؤجل .. هنالك نوع من الأزمات تنتهي ظاهريا، لكنها تظل كامنة إلى ان يأتي الحدث المفجر لها من جديد، عندها تتضح الحقائق التي تكون مخبأة وغير ظاهرة.
يحلم العرب بالعودة لما كان سائدا قبل التفجرات التي عصفت بديارهم .. تضرب الشعوب العربية كفا بكف وربما تلطم وجهها من هدير الرعب السائد في بلادها، وتكاد تجهل حتى الآن بعضا مما عاشته ولأي سبب كان، هي بعض الأجوبة المؤجلة المخيفة التي لم تعبر حتى الآن.
كلما اشتعلت في تونس اذن، هلعت قلوب العرب، فقد تكون كلمة السر الأخرى، وقد يكون المشهد فيها ايذانا بعقوبات جديدة نارية، مع ان جزءا كبيرا من الحرب اللعينة التي استهدفت الإنسان العربي في سورية والعراق تحديدا قد شطبت معادلات كبرى ومؤامرات اكبر، وقدمت حتى الآن الثمن الذي لا يراد التحدث فيه.
يقول احدهم، ان واقعة تونس الجديدة، دورة تطول عالما عربيا لم تطله احداث "الربيع" الذي مضى .. انه بعض الخوف على عالم جديد، فهل تصدق النبوءة التي سمعناها، بأن الأحداث لن تبقي بلدا عربيا بعيدا عنها، وكل سيأكل نصيبه منها، وسيتساوى الخراب في المجتمعات العربية .. فلا بد بالتالي من فرض واقع ازموي بكامله يطال الكل ولا يستثني احدا .. ولدت الشرارات كي تعم الجميع، وكي تستهلك المجتمعات العربية وتهدد حكوماتها وتغير في البنى القائمة، وتدمر الشعوب بعد ان تخيفها وتقلقها على المصير وتجعلها تستسلم، ليس برفع الأيادي، بل بغسل العقول لتكون جاهزة لمعان جديدة.
لكن التجربة التي مرت منذ سبع سنوات، اعطت صورة مناقضة لما خطط له .. فلا سوريا استسلمت ولا العراق انتهى دوره الداخلي والخارجي، وبقي اليمن على الق كأن الريح تحته، فيما ليبيا وافاها الأجل نتمناه إلى حين ..
والقوى التدميرية الإرهابية التي افرزوها في تلك الساحات، سرعان ما ولد ضدها عنادا كبيرا وصلابة موقفا وتضحيات بلا حساب .. تلك لم يكن محسوبا لها ان تكون .. ولهذا سقطت الجولة التآمرية بكل ما فيها ..
تونس الخضراء تنشط في هذه الأيام على وقع داخلي، والداخل دائما في أي بلد في العالم محك السياسات والقوى، كما هو محك الدولة في قدرتها على الحل الذي نخافه بعدما وقعنا فيه، وذهب إليه الغوغاء وما زالوا يحسبون انهم بدأوا البارحة .. لا يريدون الخروج من الفكرة التي ماتت وزالت، ان بالإمكان العبور إلى الدولة ساعة نشاء ببندقية ومدفع.