تحدوه عناية رب رحيم كريم، وخير حافظ وكيل، يبدأ اليوم حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ زيارة خاصة لجمهورية ألمانيا الاتحادية الصديقة، وذلك لقضاء الإجازة السنوية ولإجراء بعض الفحوصات الطبية.
وتأتي الزيارة أيضًا في إطار ما يربط السلطنة بجمهورية ألمانيا الاتحادية من علاقات طيبة ووطيدة عبَّر عنها مستوى التفاهم السياسي والتبادل التجاري والزيارات، حيث استقبلت السلطنة مؤخرًا الرئيس الألماني السابق كريستيان وولف الذي حظي بترحيب خاص وبشرف اللقاء مع جلالة السلطان المعظم وتبادل معه حول كل ما يهم تطوير العلاقات ومصلحة الشعبين العماني والألماني.
لقد ظلت السلطنة في هذا العهد الزاهر حريصة على إقامة جسور العلاقات والتواصل الحضاري مع دول العالم، ولم تنكفئ على ذاتها انشغالًا ببناء الداخل، بل اشتغالًا على إقامة أركان الدولة العصرية داخليًّا وخارجيًّا.
ووسط آفاق بناء الدولة العصرية تحرص السلطنة على دعم جهود الأمن والسلام والاستقرار خليجيًّا وعربيًّا ودوليًّا عبر نهج هادئ وواضح وصريح في التعامل مع مختلف القضايا والتطورات، حيث ظلت السلطنة حريصة دومًا على تطوير علاقات الود والصداقة مع مختلف الدول والشعوب الشقيقة والصديقة، ليس مصادفة إذن أن يحظى جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بالتقدير الرفيع من جانب قادة العالم وشعوبه، وأن تحظى السلطنة وسياساتها بالثقة والمصداقية من قبل شعوب ودول العالم وفي مختلف المحافل الإقليمية والدولية، حيث إن النشاط السياسي والدبلوماسي الملموس والمتواصل الذي تقوم السلطنة به يؤكد ذلك على نحو واضح وجلي.
وما يدعونا للفخر أن بلادنا شكلت على امتداد التاريخ مركزًا حضاريًّا نشطًا تفاعل منذ القدم مع مراكز الحضارة في العالم القديم، ومن هذه الأرضية الحضارية انطلقت مسيرة النهضة الحديثة، متسلحة بمقومات القوة الضرورية لبناء حاضر مزدهر يربط بين تراث وأصالة الماضي العريق وآفاق وطموحات المستقبل المشرق. وفي مقدمة هذه المقومات القيادة التاريخية الواعية، والشعب العماني الذي صنع حضارته بيده، والموقع ذو الأهمية الحيوية، في تفاعل عميق بين إرادة الإنسان، قيادةً وشعبًا، وأهمية المكان، وبما يجعل العطاء الحضاري العماني متواصلًا ومتجددًا في الحاضر كما في الماضي، وكما سيكون في المستقبل.
إنها دولة عمانية عصرية وضعت الارتقاء بالإنسان هدفًا لها منذ بزوغ شمس نهضتها، وأعلت من قدره وكرامته ووضعته في المكانة اللائقة، إنها دولة ترتكز على حشد كل طاقات الوطن التي تشمل الإنسان والموارد، وترسيخ أواصر الوحدة الوطنية بكل ما تعنيه من قوة وتماسك وتعاضد وترابط بين أبناء هذه الأرض الطيبة، وتحقيق الشعور العميق بالأمن والأمان في كل ربوع الوطن، لذلك فإن ألسنة أبناء عُمان من أقصاها إلى أقصاها وقد تناهى إليهم خبر مغادرة قائدهم المفدى وباني نهضة عزهم وفخارهم ـ أيده الله وأبقاه ـ إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية لتلهج بالدعاء رافعين أكف الضراعة إلى المولى بأن يحفظ تاج عزهم وفخرهم وباني دولتهم العصرية من كل سوء ومكروه، وأن يحفظه قائدًا مفدى وينعم عليه من فيض آلائه ونعمائه، ويسبل عليه أثواب الصحة والعافية، وأن يمد في عمره، ويعينه على مزيد من الإنجازات لوطننا المقدس، إنه سميع مجيب.