[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
"دورة القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين " .... هو الاسم الذي أطلقه المجلس المركزي الفلسطيني على دورته العادية الثامنة والعشرين التي انعقدت يومي الأحد والاثنين الماضيين بمدينة رام الله بفلسطين المحتلة، حيث صدرت عن ذلك الاجتماع الكثير من القرارات المصيرية بشأن الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين.
وقد تمثل أبرز تلك القرارات في إقدام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية على تكليف اللجنة التنفيذية للمنظمة بتعليق (الاعتراف بدولة اسرئليل)، وهو ما أسماه بعض المراقبين بقرار فك الارتباط الهش بين الفلسطينيين وإسرائيل، متسائلين عمن الذي سيعود عليه هذا القرار بالنفع، اسرائيل أم الفلسطينيين؟
وعلى الرغم من صدور قرار فلسطيني سابق في عام 2015 بوقف التنسيق الأمني بين تل ابييب ورام الله، وهو ما شكك في جديته الكثير من الفلسطينيين انفسهم، الا ان النسبة الكبيرة في التصويت التي حظي بها قرار فك الارتباط اي سحب الاعتراف مما كسبه تأييد عضوية المنظمة في الشارع الفلسطيني، فإن بعض المراقبين يرون ان قرار سحب الاعتراف سيضيف على الحكومات الإسرائيلية المقبلة اعباء اضافية تتعلق بالأمن وأحكامه داخل اسرائيل.
غير ان هذا المحور نفسه سيجر على الفلسطينيين المزيد من الإجراءات التنكيلية التي تضيق بها اسرائيل الخناق على الشعب الفسطيني الأعزل، وذلك بحجة السعي لضبط الأمن وحماية الشعب الإسرائيلي وضمان سلامته.
وبوجود عدد من الفصائل الفلسطينية ظلت طوال سنوات التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي تأخذ موقفا رافضا لعمليات السلام مع تل ابيب، فإن اقبال اللجنة المركزية للمنظمة على خطوة فك الارتباط اي سحب الاعتراف، يرى فيها الكثيرون بأنها خطوة قد تسهم في توحيد الجبهة الداخلية للفلسطينيين، ولربما تسهم في ردم الهوة بين المنظمة والفصائل الفلسطينية الأخرى الرافضة لعمليات السلام مع إسرائيل.
غير ان هذا الضوء في اتجاه توحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية، لن تغفل عنه اسرائيل، خصوصا وانها تدرك جديا خطورته الأمنية بالنسبة لها، مما ينذر باحتمالية اقبالها على اجراءات أكثر صرامة، قد تتمثل في غارات او هجمات وقائية على بعض الفصائل الفلسطينية بحجة تحجيمها وتكسير قدرتها على القيام بأي عمليات عسكرية ضد اسرائيل.
وفي سياق الحديث عما يمكن ان تقوم به اسرائيل من عمليات وقائية انتقائية او عشوائية، فإن بيان سحب الاعتراف بإسرائيل، والذي تم اتخاذه في ظل حالة من الوهن السياسي العربي، والضعف العسكري العربي رغم امتلاك العرب لترسانات متراكمة من الأسلحة اصاب بعضها الصدأ، سيجد لإسرائيل المبرر للانفراد بالفلسطينيين وهي على يقين بأنهم لم يعد وراءهم من يخشى منه من وحدة صف عربي ومتانة قرار عربي كانت تهتز له ارجاء تل ابيب، خصوصا عندما كانت جامعة الدول العربية تدعو لأي اجتماع عاجل، وذلك قبل ان يتحول صدى زئير قراراتها إلى توصيات خجولة واصوات خافتة من الشجب والإدانة والتنديد.
وعليه، ورغم ان بيان سحب الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل، قد اعاد الروح في حيثياته إلى قضية اللاجئين الفلسطينيين التي كادت ان تتلاشى المطالبات بها خلال مراحل المفاوضات بين الطرفين، حيث اكد البيان على ربط استمرارية الاعتراف بإسرائيل بأهمية اعتراف الأخيرة بالدولة الفلسطينية وبحق اللاجئين في العودة إلى اراضيهم، وتأكيده رفض ما يسمى "بصفقة القرن"، مما يعني البعد عن المساومة بمصائر الفلسطينيين عبر صفقات غير مضمونة وغير واضحة وليست معلنة كصفقة القرن الغامضة، الا ان الظروف الجيوسياسية للمنطقة العربية في الراهن السياسي الحالي ترجح كفة ان فك الارتباط الفلسطيني الإسرائيلي الهش قد لا تكون في صالح الفلسطينيين في الوقت الحالي، وذلك رغم خسارة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني من هذه الخطوة.

طارق أشقر
من أسرة تحرير الوطن
[email protected]