مع استمرار النفحات الإيمانية لأيام شهر رمضان المبارك، أطل علينا تقرير الأداء المالي والاقتصادي للسلطنة بمعالم الميزانية العامة للدولة بنهاية النصف الأول من العام الحالي، حيث شهدت الميزانية بنهاية مايو 2014م تسجيل صافي فائض بلغ (2ر551) مليون ريال عماني مقابل (6ر71) مليون ريال قيمة العجز المسجل بنهاية الفترة ذاتها من العام الماضي. وبلغ إجمالي الفائض المسجل بنهاية مايو الماضي (9ر582) مليون ريال عماني مقابل العجز المسجل في الفترة ذاتها من العام الماضي والبالغ (4ر110) مليون ريال عماني.
وما من شك أن تلك المفردات الرقمية تدل على كثير من عناصر التفاؤل بمستقبل أفضل على المدى المنظور، حيث من المتوقع أن تواصل عملية التنمية نجاحاتها، وفي نفس الوقت من المتوقع أيضًا تزايد في المشروعات الخدمية التي تمس حياة المواطن عن قرب مثل الصحة والتعليم والإسكان والطرق والكهرباء والماء، إلى غير ذلك من قطاعات.
وما من شك أيضًا، أن الميزانية قد تكون بالنسبة لقطاع كبير من الموطنين مجرد أرقام صماء تشعرهم بالتعب وهم يسعون وراء فهم ما سيعود عليهم من نفعها بشكل مباشر، ولكن في نفس الوقت ينبغي أن تكون هناك نظرة متعمقة أو محاولة فهم ما يحدث من قضايا تكون على جانب كبير من الأهمية ويجهد ذوو الاختصاص أنفسهم في ترتيبها ومحاولة إبرازها على الوجه الأحسن مثل نسب النمو، وإجمالي الدخل ومستوى دخل الفرد، ونسبة العجز، حيث أوضح تقرير البيانات الخاصة بالمالية العامة للدولة والمسجلة بنهاية مايو 2014م والصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن إجمالي الإيرادات سجل نموًّا بنسبة (5ر0) بالمئة ليصل إلى (1ر6044) مليون ريال عماني مقارنة مع (8ر6013) مليون ريال مسجلة بنهاية مايو 2013م. كما كشف التقرير عن انخفاض صافي إيرادات النفط بنسبة (6ر2) بالمئة لتصل إلى (1ر4335) مليون ريال عماني مقارنة مع (2ر4452) مليون ريال عماني مسجلة في الفترة ذاتها من عام 2013م، في حين انخفضت إيرادات الغاز بنسبة (9ر1) بالمئة وذلك من (9ر605) مليون ريال عماني مسجلة بنهاية مايو 2013م إلى (3ر549) مليون ريال مسجلة بنهاية مايو الماضي.
وفي الحقيقة إن تلك الأرقام إن لم تلفت انتباه المواطن العادي، إلا أنها تمثل عصب الميزانية وضابط إيقاع حركة التنمية ومفاعل توليد الطاقة الإنمائية، مع الأخذ في الاعتبار أهمية دراسة التوزيع العادل والجيد للاعتمادات والمخصصات المالية لجميع القطاعات التنموية، وهو ما يعكف عليه هذه الأيام المجلس الأعلى للتخطيط بالتعاون مع كافة المؤسسات الحكومية لإعداد الخطة الخمسية التاسعة (2016 ــ 2020م)، ويسعى المجلس إلى اتباع آليات جديدة ومضمونة لوضع بنية معلوماتية وإحصائية وجغرافية لتكون بمثابة قاعدة بيانات تعينه على تحديد أولويات المشاريع وتوزيعها بصورة عادلة مع مراعاة الاحتياجات الملحة، وكذلك تساعده على التخطيط السليم لما يتعلق بتوسعة المشاريع الخدمية القائمة أو استحداث مشاريع جديدة، واضعًا في الوقت ذاته عددًا من المقترحات من بينها تعداد سكاني إلكتروني (2020) والذي سيعمل على تكامل المعلومات بين الجهات الحكومية للوصول إلى أدق الإحصاءات والمعلومات للأفراد والمساكن والمنشآت بصورة لحظية باستخدام التقنيات الحديثة.
وهكذا تسير خطط التنمية للسلطنة منذ بداية النهضة المباركة في خط بياني صعودي يؤكد وضوح الرؤية التي رسمها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه.