[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
” تركيا المدّعية للتوافق مع روسيا, والمشاركة في المفاوضات السياسية, لم توقف دعمها لـلتنظيم الإرهابي "أحرار الشام" التابع للقاعدة ,استعملته وتستعمله لأهدافها العدوانية في سوريا. الأهداف التركية من الغزو تتقاطع مع الأهداف والمصالح الأميركية في شمال سوريا, وبخاصة بعد تصريح وزير الخارجية الأميركي تيلرسون, بأن أميركا ستظل في سوريا.”

بداية, من المثير للسخرية تسمية العملية العدوانية التركية على الأراضي السورية بـ "غصن الزيتون", فالأخير ارتبط منذ فجر التاريخ بالسلام, وصار رمزا له. بينما الذي نراه ,أن جيشا غازيا بدباباته وجنوده لأراضي دولة عربية عضو في الأمم المتحدة. هذا ما يحدث في شمال سوريا اليوم. العدوان التركي هو استمرار للسياسة الاستراتيجية التي انتهجها الرئيس التركي تجاه جارته السورية, بهدف تفسيخ وحدتها وتفكيكها الى دويلات عرقية وطائفية, وهو المشروع الذي أفشلته سوريا رغم حرب السبع سنوات. منذ بداية الحرب في سوريا وعليها تغيرت التحالفات, ولكن لا شيء قد تغير على ارض الواقع , سوى تقدم الجيش السوري في عملية تحرير وتطهير المدن واريافها. كما أن دعم التنظيمات الأرهابية ماليا وعسكريا واعلاميا لم ينقطع رغم مزاعم البعض العربي والأطراف الأقليمية, وبخاصة تركيا, والدولية وبخاصة الولايات المتحدة, كما العدو الصهيوني, وكل هؤلاء تدخلوا في الصراع في سوريا تحت شعار ديماغوجي هو "مكافحة الإرهاب" مستغفلين عقل المواطن العربي الذي يميز بين الغث والسمين, وبين الخير والشر الخبيث.
تركيا المدّعية للتوافق مع روسيا, والمشاركة في المفاوضات السياسية, لم توقف دعمها لـلتنظيم الإرهابي "أحرار الشام" التابع للقاعدة ,استعملته وتستعمله لأهدافها العدوانية في سوريا. الأهداف التركية من الغزو تتقاطع مع الأهداف والمصالح الأميركية في شمال سوريا, وبخاصة بعد تصريح وزير الخارجية الأميركي تيلرسون, بأن أميركا ستظل في سوريا. وهي ستنشىء جيشاً قوامه 30 ألفا من المقاتلين الأكراد وبعض العرب, لحماية حدود سوريا مع تركيا والعراق!. أردوغان يقوم بتقديم اغراءات لدول الاتحاد الأوروبي, باستجدائها الدعم من خلال مسألة اللاجئين, لكنه في نفس الوقت أعلن أن هدف عملية "غصن الزيتون" هو اعادة حوالي ثلاثة ملايين ونصف من اللاجئين السوريين الى ديارهم! بربكم أليس في هذا كلّ التناقض؟.
اما التواجد العسكري الأميركي, ففي الوقت الذي يخاطب فيه الرئيس ترمب شعبه بأسلوب غير مقنع , حين يزعم أن التواجد العسكري الأميركي في سوريا هدفه محاربة داعش, لكنه يدرك أن كل العالم يعرف , دون الكثير من العناء،,أن الاحتلال العسكري الأميركي لمنطقة سورية شمالية هدفه فرض واقع جديد, وان الدبابات التي ترفع العلم الأميركي في سوريا تريد رسم حدود اقليم كردي يمثل خطوة على طريق التقسيم العرقي والطائفي, وهو المشروع الذي فشل تماما, وسيتم دفنه في مواقعه الشيء الذي تخفيه وسائل الاعلام العربية المتورطة, والأميركية المساندة وإسرائيل, هو أن واشنطن لا تحارب داعش, بل تدعم هذا التنظيم السياسي الديني المتطرف, وهي سياسة اميركية قديمة ومتوارثة منذ انشاء تنظيم القاعدة ,وتجنيد الأحزاب والتنظيمات والحركات السياسية الدينية في خدمة الأهداف الأميركية والأجندات الخارجية.
تركيا تعلن أن ھدفها ھو تطهير شمال سوریا من العناصر الارھابیة, وأن لیس أمامها من خیار آخر, سوى إزالة كافة خطوط الارھاب في تلك المنطقة ,لكنها تنسى أنها تقوم بتدمير مدینة عربية سوریة, معتقدة أن الظروف مواتية لها تماما,عندما قامت بالعملية العدوانية التي أسمتها "درع الفرات", لكنها تدرك أو تتناسى أن تلك الظروف تم تجاوزھا, وبخاصة في المرحلة الراھنة, التي تختلف في شكل جذري عن المناخات والاجواء التي سادت عندما قامت بغزوِھا آنذاك ,وبخاصة ان القوات السوریة والأخرى الحليفة لها, استعادت زمام المبادرة, ولم تعد معادلات المیادین العسكریة وقتذاك قائمة, وتحدیداً بعد تحریر شرق حلب التي كانت عواصم دولية واقلیمیة وبعض عربية وتل أبيب تسعى لإقامة ولایة حلب فیھا, فضلاً عن ھزائم داعش وباقي فصائل الارھاب, التي راھنت عليها تلك العواصم لاسقاط الدولة السوریة. مثلما تمكنت سوريا من الصمود سبع سنوات, واستطاعت إفشال كافة المؤامرات التي استهدف تقسيم أراضيها وتفكيك جيشها وإقامة دويلات طائفية إثنية متنازعة, تحت شعار ديماغوجي كاذب عنوانه "إسقاط نظامها الدكتاتوري" ,ستفشل المؤامرات الجديدة وأهداف الغزو التركي لأراضيها.