حصان البحر هو نوع من الأسماك البحرية وليس هو كما يدل عليه اسمه، فقد اشتق له هذا الاسم من شكله الذي يشبه حصان ألبوني القصير وانسياب جسمه واعوجاج رأسه، يعيش حصان البحر في المياه المالحة ويوجد بكثرة في مياه البحر الأحمر في مناطق الشعاب المرجانية، وتم تعريف ما يقارب 100 نوع مختلف في الشكل والحجم من حصان البحر في العالم، وتعد من أجمل الأحياء البحرية، يوجد أربعة أنواع في المياه العمانية، واكتشف النوع الخامس مؤخراً في بحر عمان، هذا النوع الأخير تم تسجيله من قبل في خليج السويس في البحر الأحمر عام 1940م ويعد تسجيله في بحر عمان الاكتشاف الأول له في مياه السلطنة، ولهذا النوع من الأسماك أنواعا مشابهة له في الصفات وكثيراً ما يخطئ الباحثون في التعرف عليه وقد تم التأكد منه بعد عملية التنصيف بإرساله إلى احد المختصين عالميا في عائلة اسماك حصان البحر حيث أكد هذا التصنيف، وهذا البحث سيتم نشره قريباً في إحدى المجلات العلمية المختصة بعلم الأسماك والتي تصدر عن الجمعية البريطانية للأسماك.
شكله وأساليب حركته في الماء
حصان البحر لا يسبح في وضع أفقي كالأسماك العادية وإنما يسير في الماء في وضع رأسي بمساعدة زعنفة واحدة على ظهره سريعة الاهتزاز وذيله الذي يشبه ذيل الأفعى، لكن حركته تبقى بطيئة مقارنة مع الأسماك الأخرى، ويستخدم الذيل في السباحة في المياه الجارفة فيلف ذيله حول الأعشاب البحرية ليثبت في مكانه ولا يجرفه التيار، إلا انه يحب المعيشة بعيداً عن التيارات البحرية القوية، ويعيش حصان البحر في بيئة المياه الدافئة والمعتدلة وينشط في فصل الصيف لكنه يكف عن نشاطه في الشتاء، ويحب العيش في معدلات محدودة لدرجات الحرارة، فيتأقلم في درجات الحرارة بين 25 إلى 27 درجة مئوية.
طريقة الحياة
حصان البحر لا يخشى من بقية الأسماك، لذا فان حركته بطيئة نوعاً ما بالنسبة للأسماك الأخرى، وليس لديه وسائل دفاعية قوية عند الخطر إذ غالباً لا تهاجمه الأسماك، يمكنه التعايش مع أنواعا عديدة من الأسماك والكائنات البحرية ولكن في وجود الشعاب المرجانية، ويستطيع حصان البحر التخفي مبدلاً لونه بين الأبيض والأحمر والأزرق والبني والأسود، ويصل طوله حوالي 12 سنتيمترا.
تشكيلة الجسم وطريقة غذائه
يغطي جسم هذا الحيوان الجميل صفائح عظمية على شكل حلقات تحميه من أعدائه، والجدير بالذكر أن كل نوع يعتمد في تصنيفه على عدد من الحلقات، وعين حصان البحر تشبه أعين الزواحف الأرضية حيث تتحرك كل عين بمفردها وفي اتجاهين مختلفين، وبهذه الميزة يستطيع توجيه احد العينين نحو الأعداء في حين تكون العين الأخرى تبحث عن الفريسة وهذه من عجائب قدرة الله، ويقول العلماء: إن هذا الحيوان يملك أعين متقدمة في التطور وترى بوضوح في بيئتها.
وفم حصان البحر عبارة عن انبوب يشبه الخرطوم يمتص به طعامه المكون من الحيوانات البحرية الصغيرة وبيض الأسماك والكائنات الدقيقة الأخرى العالقة في الماء، ويشمل غذاءه كذلك القشريات والديدان واللافقاريات الصغيرة الحجم والبكتيريا وغيرها من الحيوانات وحيدة الخلية، وهو صاحب ذوق رفيع في الأكل إذ لا يمكن إن يتناول وجبة من أي حيوان ميت، لا يحتوي فمه على الأسنان ولذا فإن طريقة تغذيته تعتمد على الانتظار لفترة ثم شفط الفريسة بسرعة، ويحوي الفم فتحات صغيرة بها خياشيم تساعده على انتزاع الأكسجين الذائب في الماء.
طريقة التكاثر
تعد طريقته في التكاثر من اغرب الطرق حيث تقوم الأنثى بوضع البيض في جراب عريض أسفل ذيل الذكر، فيحتضنها الذكر حتى تفقس البيض، وغالباً ما يحمل الصغار بعد الفقس لفترة معينة حتى تصبح قادرة على الحركة والاعتماد على نفسها من دون مساعدة الأب، والأغرب في أساليب حياته هو العلاقة الحميمة بين الزوجين حيث تمتد لفترة حياتهما معاً، ولا يتم تغيير شريكة الحياة إلا بعد وفاتها، وقد يموت حزناً عليها، ودلت الأبحاث العلمية على أن مراسيم الزواج تتم عند اكتمال القمر بدراً، وعادة ما يكون للزواج طقوس من الغزل لعدة أيام قبل أن يتم التلقيح!! وبعده تقوم الأنثى بوضع ما بين 200-600 بيضة صغيرة في جراب الذكر الشبيه بكيس أنثى الكنغر، ويقوم الذكر بتلقيح البيض والاحتفاظ به في الكيس حتى يفقس، وتتراوح فترة الحضن هذه بين اثنين إلى ثلاثة أسابيع يخرج بعده الصغار من الجيب الذكري لا يزيد طول الواحد عن سنتيمتراً تشبه الأبوين إلى حد كبير، وتعتمد في غذائها على نفسها، وبعد ستة إلى عشرة اشهر تقريبا تصبح الصغار مكتملة النمو، وتقدر فترة حياة حصان البحر بأربع سنوات.
أهمية حصان البحر للإنسان
يتغذى الإنسان على حصان البحر بعد تجفيفه ويحضر في وجبات خاصة في العديد من دول شرق آسيا، ويعتقد أن لغذائه فوائد طبية خاصة ودورا فعالا في علاج الربو وأمراض القلب والتهابات الجلد وغيرها من الأمراض وقانا الله تعالى من شرها، ويتراوح سعر الكيلوجرام الواحد من حصان البحر المجفف ما بين 500 إلى 700 دولار أميركي، ونظراً لكثرة استهدافه وتصديره بكميات كبيرة إلى أوروبا وأميركا واليابان، فان المختصين يعتقدون أن هناك إشارات بقرب انقراض حصان البحر من بيئاته ويتوجب الحفاظ عليه من الصيد الجائر.