يبدو أن الرهان على الإرهاب وتجنيد المزيد من الإرهابيين وتجميعهم في إطار تنظيمات تعطى فيما بعد مسميات شاذة عن طبيعة نهجها الإرهابي، لا يزال هو الحاكم وسيد الموقف في سوريا التي لطالما أكدت مرارًا وتكرارًا أنها تتعرض لمخطط إرهابي كوني.. فما يجري من تدمير ممنهج وتخريب وإبادة وتشريد للشعب السوري عن سبق إصرار وترصد، ومحاولة اقتطاع أجزاء من التراب السوري لمشاريع استعمارية امبريالية إرهابية تدميرية تقسيمية، لا علاقة له بما يسمى "ثورة" ولا علاقة له بـ" مطالب اجتماعية "، ولا يستقيم تمامًا وإطلاقًا مع الشعار "مساعدة الشعب السوري" المتخذ ذريعة وغطاء للإرهاب وتنظيماته، ومحاولة إضفاء الشرعية عليه.
الأطراف التي استثمرت في الإرهاب منذ أول طلقة إرهابية وجهتها إلى صدر سوريا، وجلبت الإرهابيين والتكفيريين والظلاميين والمرتزقة، ووفرت لهم ميادين التدريب ودربتهم وسلحتهم وتكفلت بصرف الأموال عليهم، هي ذاتها اليوم تواصل حملتها الإرهابية المحمومة لاستكمال ما بدأته من تدمير وتخريب وتهجير قسري ضد الشعب السوري وبناه الأساسية ومؤسساته الاجتماعية والمدنية والرسمية، ومؤسساته ومراكزه العسكرية والأمنية من ناحية، ومن ناحية أخرى لمحاولة تحقيق الأهداف الموضوعة والمرادة من هذا المخطط الإرهابي، وهي تقسيم سوريا إلى كانتونات طائفية متناحرة، وتغيير العقيدة العسكرية للجيش العربي السوري وتحويله إلى مجرد شرطة تتولى حراسة المؤسسات الاجتماعية، وتغيير دستورها ووضع دستور يضعها تحت وصاية الاستعمار والفوضى ، وتنصيب حكومة تماثيل وأصنام تابعة للمستعمرين.
لذلك وفي ظل هذا الثابت من الحقائق، ليس مثيرًا للدهشة أو أمرًا مفاجئًا ما رصدته وزارة الدفاع الروسية عن وقيام قوات أميركية خاصة تعمل على تشكيل وتدريب تنظيمات إرهابية لشن هجمات إرهابية ضد الشعب السوري ، حيث يخطط هؤلاء الإرهابيون ـ وحسب الرصد الروسي ـ لأعمال إرهابية في دمشق وحمص ودير الزور لاستدراج قوات الجيش العربي السوري باتجاههم من ناحية إدلب. وقد تمكن الجيش العربي السوري من القضاء على مجموعة مسلحة في منطقة التنف، وعثر على أعلام وشعارات لتنظيم إرهابي، ومعدات عسكرية أوروبية أيضًا.
إذًا، الهدف من كل ذلك هو قطع الطريق على سوريا وحلفائها عن أي حل سياسي سوري ـ سوري يمكن بلورته، وعرقلة الجيش العربي السوري عن مواصلة تقدمه الميداني وضربه بؤر الإرهاب وتطهير المدن والقرى السورية المدنسة بالإرهاب، بالإضافة إلى ما ذكرناه آنفًا عن مواصلة عملية التدمير والتخريب والتهجير والتقسيم. ولمشاغلة الجيش العربي السوري وحلفائه عن متابعة تقدمه إلى الشمال، حيث يجري إعداد مخطط تقسيم سوريا من هناك بالتعاون مع ميليشيات كردية انفصالية بدمجها مع التنظيمات الإرهابية بقيادة تنظيمي "داعش والنصرة".. ويلتقي كل ذلك ـ للأسف ـ مع ما أعلنته دمشق من خذلان وتراجع في العمل السياسي من قبل ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا الذي اتهمته بالابتعاد عن الحياد والنزاهة وذلك في جولة المفاوضات التي عقدت في فيينا التي يفترض أنها تمهد الطريق لمحادثات سوتشي المرتقبة.