[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/khamis.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس التوبي[/author]
يبدو أن عاشقي الفوضى الهدامة ومنتجي تنظيم "داعش" الإرهابي وإخوانه وأخواته لا يريدون أن يتنحوا عن دورهم، ولا يتخلوا عن أساليبهم الإمبريالية ومشاريعهم الاستعمارية، هذه هي حقيقة ما يعتور المشهد العام في المنطقة بوجه عام، والمشهد السوري بوجه خاص، لكونه في المنظور الفوضوي الإرهابي آخر الحلقات التي يجب أن تكسر لاغتصاب فلسطين كل فلسطين.
لذلك تجدهم يبذلون كل جهدهم لإبقاء سوريا أسيرة لأنياب الفوضى والإرهاب، والمخططات التآمرية والافتراءات والأكاذيب ليواصلوا صب ولَغهم على طهارة التراب السوري العربي القومي، وقتل النَّفَس القومي العروبي في كل مواطن سوري شريف، لم تخدعه الشعارات الجوفاء الكاذبة، ولم تمتطِه وريقات خضراء مشبوهة، ليحمل على ظهره مشاريع أعداء وطنه فيقدمه لهم لقمة سائغة.
وفي ظل كلمة الميدان الأمضى التي أكدت علو كعب الحق السوري، وعلو كعب الجندي العربي السوري في ميدان القتال وفي مواجهة فلول الإرهاب وباعة الأوطان، والذي لا تطأ قدماه شبرًا من أرض سوريا إلا وينحاز إلى جانبه بقوة الحق والصدق، يعد تعطيل ناتج هذا الإنجاز وفائضه في الحل السياسي آخر قذيفة في مدافع معشر المتآمرين على سوريا ومخططاتهم التدميرية، التي لا يزالون يستخدمونها وينقلون بندقيتها بالتبادل من كتف الطرف الأصيل إلى الوكيل والأداة والعكس صحيح، وذلك بحثًا عن وتد يغرزونه على أرض سوريا ليثبتوا به مظلة إرهابهم وفوضاهم، بعدما تكسرت جميع عكازاتهم الإرهابية.
الوثيقة اللقيطة التي ولدت نتيجة علاقة غير شرعية، وخارج سياق القانون الدولي والشرعية الدولية، والتي عرفت بـ"وثيقة مجموعة واشنطن" إنما هي مسعى لتكريس حالة الإرهاب والفوضى داخل القطر السوري، ومحاولة لفرض نوع من الانتداب الاستعماري بواجهة أممية، من خلال ما تضمنته وثيقة السِّفاح، وذلك بتحويل سوريا إلى كعكة تتقاسمها دول الاستعمار والاستحمار وفق مناطق نفوذ، لها مجالسها وإداراتها الذاتية، فيما تمارس منظمة الأمم المتحدة دور المحلل الشرعي بعد إسقاط الحكومة الشرعية الحالية المنتخبة من الشعب السوري، لتتولى إضفاء الشرعية على مشروع تقسيم سوريا من زاوية توليها شؤون الحكومة المركزية وإدارة مؤسسات الدولة، وإشرافها على إعداد دستور وصاية وانتداب على سوريا، كما حدث مع العراق الذي أعد الغزاة والمحتلون دستوره بإشراف وحضور أممي.
واضح أن المشهد السوري أمام محاولة لإحداث انعطافة تطيح بكل المنجزات التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه، وتذهب بالتضحيات التي قدموها وقدمها معهم الشعب السوري، وهي في النتيجة محاولة لعرقلة المسار السياسي الذي هو متجه إلى التبلور على نار الإنجازات الميدانية، ولوضع المتاريس أمام الذاهبين إلى منتجع سوتشي الروسي من أجل الحوار والبحث عن سبل الحل الممكنة، حيث ينظر إلى مؤتمر سوتشي على أنه يمكن أن يمثل رافعة للحل المنشود في مؤتمر جنيف، مثلما كان مؤتمر فيينا الذي اختتم أمس الأول إضافة على ما أُجري من ماء تحت جسر المحادثات السورية ـ السورية. وزيادة على هذا المعطى الثابت أن ما يسمى "معارضة الرياض" أعلنت مقاطعتها لمؤتمر سوتشي، مع تأكيد أن هذا ليس قرارها فهي ليست صاحبة قرار أساسًا بقدر ما هي واجهة أو أداة تكمل دور الأمم المتحدة كمحلل. لذلك لا نخترع الذرة حين نقول إن "وثيقة مجموعة واشنطن" هي وثيقة لقيطة، فهي جاءت خارج السياق الشرعي والقانون الدولي، وخارج إرادة الشعب السوري، بدليل أنها تتعارض مع القرار الأممي 2254 الذي ينص على وحدة التراب السوري، وأن وضع الدستور واختيار قيادته هو من مسؤولية السوريين أنفسهم، علاوة على ذلك أن هناك "معارضات" أعلنت موقفها صراحة أنها لا تؤيد "الوثيقة" اللقيطة؛ لأنها تلغي الدولة الوطنية السورية، وهو ما سيفقدها وظيفتها تاليًا، وستعود وقد لا تعود إلى الفنادق ودور أجهزة الاستخبارات الغربية والإقليمية التي كانت تسكنها وتعمل بها.
غير أن ما يثير السخرية والضحك هو أن يؤيد أو يتبنى "وثيقة مجموعة واشنطن" التي وصفها سفير بريطانيا السابق في سوريا بيتر فورد بـ"السخيفة" من لا يملك تاريخًا ولا إرثًا، ولا واقعًا يؤهله لذلك، ونسي أو تناسى أنه بذلك إنما يعلن نفسه على رؤوس الأشهاد أنه مجرد تابع وأداة وأجير، ليس إلا. وبحسب الوكالة الإخبارية السورية "سانا" فقد أكد فورد في مقابلة معقناة "الميادين" أن "الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون عبر ورقتهم فرض شروطهم على الشعب السوري دون أي تبرير"وقال: إن "توقيت الإعلان عن هذه الورقة لافت مع اقتراب مؤتمر سوتشي، وهذا دليل على ضعف واشنطن وحلفائها فهم خائفون من نجاح سوتشي ومابعد سوتشي وهذه الورقة سخيفة والأفكار فيهاغير واقعية".مضيفًا: "الولايات المتحدة تحارب سوريا منذ أكثر من أربعين سنة وهذه الحرب ستستمر بطريقة أو بأخرى والورقة هي دليل على ذلك".

خميس بن حبيب التوبي
[email protected]