ـ نجح في خفض الضرائب والبطالة ورفع النمو الاقتصادي وزيادة النشاط الصناعي وأخفق في تقليص العجز التجاري

ـ الرئيس الأميركي أغضب الكثير من حلفاء واشنطن.. وفقد مصداقيته بنقل سفارة بلاده للقدس.. ولا يزال يناور بتصريحاته حول إيران وكوريا الشمالية

ـ موَّل وسلح قوات كردية في سوريا.. ووعد ببناء جدار حدودي مع المكسيك.. وأخرج أميركا من اتفاقية التجارة الحرة عبر الباسفيك.. وانسحب من اتفاقية باريس للمناخ.. فوضع المصالح القومية الأميركية في حرج

[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/04/ayman-hussien.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]أيمن حسين
مراسل الوطن[/author]
تباهى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالإنجازات المحققة ـ على حد تعبيره ـ في عامه الرئاسي الأول، متطرقا إلى انتخابات منتصف الولاية في الكونجرس وذلك في سلسلة تغريدات على تويتر، وأبرز ترامب نجاحه في خفض الضرائب عبر تمرير تعديلات واسعة ما انعكس بالارتفاع على مؤشرات البورصة، تزامن هذا مع التوترات التي أثارها حول تحالفات دولية أميركية طويلة الأمد، وجدلا حول ملفي العنصرية والهجرة، وتناول ترامب الانتقادات التي تطاول استخدامه المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي بشن هجوم على الصحافة وهي هدفه المفضل.
وكتب ترامب أنه لا يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لأنه يحبها ولكن لأنها الوسيلة الوحيدة لمواجهة صحافة غير عادلة وغير أمينة جدا، وأضاف أنه يتم استخدام مصادر غير موجودة أكثر من أي وقت مضيفا أن العديد من القصص والتقارير محض خيال.
الأجندة الداخلية:
عبر شعار "أميركا أولاً" لخص الرئيس الأميركي دونالد ترامب نتائج أجندته تجاه الاقتصاد الأميركي منذ توليه منصب الرئاسة. واتضحت أهداف ترامب من هذا الشعار على مدار العام الأول من رئاسته لأكبر اقتصاد في العالم وهي الاهتمام بالبطالة والنمو الاقتصادي وعجز الموازنة الأميركية، وظهر اهتمام ترامب بالالتزام بخطته وبنود أجندته بالتنفيذ على أرض الواقع فيما توقف بعضها عند حد التصريحات.
ومع انقضاء العام الأول لرئاسته للولايات المتحدة يبدو أنه نجح في تحقيق تطوير في بعض الجوانب فيما يبدو أن البعض الآخر لم يكن ضمن أولويات الرئيس الأميركي. وتعد الوظائف في الولايات المتحدة هي أبرز أهداف ترامب منذ تولي حكم رئاسة الولايات المتحدة واتضح ذلك عبر شعار شراء كل ما هو أميركي وتوظيف أبناء الولايات المتحدة، كما حرص على نقل أعمال الشركات إلى داخل الولايات المتحدة لتعميم الاستفادة على المواطنين واجتمع الرئيس الأميركي مع رؤساء أكبر ثلاث شركات لصناعة السيارات (فورد وجنرال موتورز وفيات كرايسلر) في الولايات المتحدة ودعاها لتصنيع المزيد من المركبات في البلاد.
وتسلم ترامب الولايات المتحدة ومعدل البطالة عند مستوى 4.7% وفقاً لإفصاحات ديسمبر 2016 فيما أنهى معدل البطالة العام الماضي عند مستوى 4.1%.وتمكن الاقتصاد الأميركي من إضافة 148 ألف وظيفة في ديسمبر الماضي بتراجع حاد عن مستويات 252 ألف طلب المسجل في نوفمبر، كما أن طلبات إعانة البطالة شهدت تطوراً في العام الأول من رئاسة ترامب الجمهوري، حيث وصلت إلى أدنى مستوى في 44 عاماً في شهر أكتوبر الماضي وهو تعافٍ سريع بعد ارتفاعها لأعلى مستوى منذ أبريل 2015 بفعل الإعصارات المتكررة التي ضربت الولايات المتحدة .وفي الأسبوع الأخير من 2017 ارتفعت الطلبات إلى 250 ألف طلب.
النمو الاقتصادي:
يعد النمو الاقتصادي هو أحد أكثر المجالات التي تمكن الرئيس الأميركي أن يحقق تطوراً كبيراً فيها لمستوى تجاوزت فيه آماله وطموحاته، وفي بداية تولي المنصب أعلن دونالد ترامب أنه يستهدف معدلات نمو اقتصادي 3% خلال 2017 وفي 2016 نما الاقتصاد الأميركي بنحو 1.6% أي أن ترامب استهدف مضاعفة النمو الاقتصادي في عام واحد، وعلى الرغم من تشكيك البعض تحقيق هذا المستهدف فإنه تمكن من تجاوزه، وفي الربع الثالث نما الاقتصاد الأميركي بنحو 3.2% خلال الثلاثة أشهر المنتهية في سبتمبر الماضي مقابل 3.1% في الربع الثاني من 2017.
وخرج ترامب بعد هذا الأداء للاقتصاد خلال الـ3 أشهر المنتهية في سبتمبر الماضي ليؤكد أنه كان يمكن أن ينمو بأكثر من ذلك لولا الكوارث الطبيعية، وذكر أنه لولا الأعاصير لحقق نمواً اقتصادياً ربما تجاوز الـ4%،كما يرى أكثر من نصف المواطنين أن وضع الاقتصاد في الولايات المتحدة جيد أو ممتاز لتكون تلك هي المرة الأولى التي يتم الوصول فها إلى تلك النسبة منذ 11 عاماً على الأقل.وارتفع سقف طموحات ترامب إلى أبعد من ذلك، حيث ذكر في الشهر الأخير من العام الماضي أن الاقتصاد الأميركي سينمو بنحو 6% بدعم الإصلاحات الضريبية.
العجز التجاري:
بالرغم من التهديدات الكثيرة والوعود المتكررة بخفض عجز الميزان التجاري خصوصاً مع الصين واليابان وألمانيا فإن ترامب فشل في أن يطور تلك المسألة، ووفقاً لآخر بيانات تم الإفصاح عنها ارتفع عجز الميزان التجاري في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى في 6 سنوات إلى 50.5 مليار دولار وهو أعلى مستوى منذ يناير 2012، وصعدت الصادرات الأميركية بمقدار 4.4 مليار دولار أواخر العام الماضي لتسجل 200.2 مليار دولار فيما ارتفع حجم الواردات الأميركية بمقدار 6 مليارات دولار ليصل إلى 250.7 مليار دولار.
وعلى مدار العام الماضي سجل عجز الميزان السلعي والخدمي للولايات المتحدة زيادة قدرها 11.6%.حدث ذلك على الرغم أن ترامب هدد بأنه لن يتسامح مع الاعتداءات التجارية المزمنة وسيصر على القواعد التجارية العادلة، بينما تسلم ترامب منصبه رئيساً للولايات المتحدة وعجز الميزان التجاري عند أعلى مستوى منذ 2012.
ومع تأكيد الرئيس الأميركي أن العجز التجاري لبلاده مع الصين ضخم فهو أعلى من أي رقم يمكن أن يتخيله أي شخص فإن فائض الميزان التجاري للصين مع الولايات المتحدة وصل لأعلى مستوى على الإطلاق في 2017.وليست الصين فقط هي من كانت موضع اتهام من الرئيس الأميركي فنالت ألمانيا قسطاً من تلك الانتقادات حينما صرح بأن بلاده لديها عجز تجاري ضخم مع ألمانيا مؤكداً أنه سوف يعمل لتغيير ذلك.
النشاط الصناعي والخدمي:
على مستوى النشاط الصناعي والخدمي الذي تعهد ترامب بتعميق تواجده في الولايات المتحدة شهد تطوراً في العام الماضي، وعلى مستوى أداء القطاع الصناعي أظهرت بيانات معهد الإمدادات ارتفاع المؤشر لأعلى مستوى في 13 عاماً خلال سبتمبر 2017 عند مستوى 60.8 نقطة، فيما كشفت بيانات مؤشر "ماركت" للأبحاث أن المؤشر العام اختتم الماضي عند أعلى مستوى منذ مارس 2015 مُسجلاً 55.1 نقطة.وبذلك فإن أداء المؤشر أحرز تطورا كبيرا على مدار 2017 حيث كان أنهى 2016 عند مستوى 54.7 نقطة، أما على صعيد قطاع الخدمات الأميركي فاختتم العام الماضي 54.2 نقطة في ديسمبر وهو ليس أفضل أداء، حيث ارتفع في أغسطس الماضي عند أعلى مستوى في 28 شهراً.
وكان قطاع الخدمات الأميركي ارتفع لأعلى مستوى في عام خلال الشهر الأخير من 2016.
الأجندة الخارجية:
لم يكن 2017 عاماً سهلاً دوليا أو أوروبيا أو إقليمياً، فالعلاقات الأميركية-الروسية في منعطف جديد على خلفية أزمات عديدة على رأسها سوريا، كما أن العلاقات الأميركية-البريطانية لم تكن يوماً أكثر برودة، وزيارة الرئيس الأميركي القادمة إلى لندن والتي كان من المفترض أن تعيد لها بعض الزخم أعلن ترامب إلغاءها من طرف واحد، وليست العلاقات الأميركية بالصين أو اليابان أو جوارها الإقليمي في أميركا اللاتينية بأحسن حالاً.
وعام 2018 قد لا يجر معه تحولات إيجابية في العلاقات الأميركية مع الكثير من هذه الدول فأميركا على أبواب الانتخابات النصفية للكونجرس ما يعني أن السياسة الخارجية الأميركية ستظل أسيرة توازنات الداخل وتلبية شعارات القواعد الشعبية التي انتخبت ترامب في نوفمبر 2016 حتى لو لم تكن تلك السياسات تخدم المصالح الخارجية الأميركية.
والشرق الأوسط قبل أي منطقة أخرى في العالم معرض في عام 2018 لمخاطر تلك السياسات الخارجية التي تحركها الأجندة والتوازنات الداخلية، وإذا كان هناك تخبط وغياب للرؤية الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط فهذا لأن هناك تخبطاً وغياباً للرؤية الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، بحسب مسئولين أميركيين سابقين وخبراء في شئون الشرق الأوسط.
التنبؤ بمسار الشرق الأوسط في عام 2018 ليس سهلا وذلك لأن إدارة ترامب انتهجت مسارين متناقضين سارا جنبا إلى جنب حتى الآن وهما «الحذر الشديد» في قضايا و«التهور الشديد» في قضايا أخرى.
ويقول آرون ديفيد ميلر مستشار الشرق الأوسط في إدارتي الرئيسين السابقين باراك أوباما وبيل كلينتون إن السياسة الخارجية لترامب لم تقطع كل الخطوط مع إدارة اوباما فقد واصل ترامب سياسات انتهجها أوباما يلخصها ميلر في ثلاث:
أولاً: مواصلة الاستراتيجية الأميركية ضد «داعش» في سوريا والعراق.
ويوضح ميلر: أنه قد قرر ترامب مواصلة الحملة التي قامت على استراتيجية أوباما لمنع داعش من الاحتفاظ بالأراضي التي استولى عليها وأعلن قيام دولته عليها، وعززت إدارة ترامب الحملة وزادت من الانخراط فيها وظهرت نتائج هذا في طرد داعش من معقله في الموصل بالعراق وعاصمته المفترضة الرقة في سوريا بنهاية عام 2017 لكن محاصرة داعش على الأرض لا يعني انتهاء خطر التنظيم إيديولوجيا أو قدرته على التجنيد، كما أن تنظيم القاعدة والتنظيمات المنضوية تحته تسيطر على مناطق واسعة في شمال سوريا وتتحكم في نحو 2 مليون سوري وهي تنشط عالميا عبر خلاياها وهذا يعد خطرا أمنيا عالميا وتحديا أمام إدارة ترامب 2018.
ثانيا: الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني
ويقول ميلر إن ترامب الذي هدد بتمزيق الاتفاق مرات عديدة خلال الحملة الانتخابية، وفي العام الأول له في البيت الأبيض تم محاصرته من قبل مستشاريه وأعضاء حكومته وعلى رأسهم وزير الدفاع جيم ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، فكلاهما يرى مخاطر انسحاب واشنطن من الاتفاق، فالخروج من الاتفاق النووي الإيراني يعطي لطهران العذر للمضي قدما وبسرعة كبيرة في تجسيد طموحاتها النووية كما أنه يعزل أميركا دوليا في هذا الملف المهم.
ثالثاً:عدم الرغبة في استثمار موارد أو قوات أو أموال في أي مغامرات خارجية خاصة في الشرق الأوسط
ويقول ميلر: لم تظهر إدارة ترامب النية في تغيير ذلك النهج أو الرغبة في لعب دور فعال في إعادة تأهيل أو بناء النظام السياسي العربي، فترامب يرفض مبدأ إعادة بناء الأمم.
ففي الملف السوري مثلا سار ترامب 2017 على خطى أوباما، فبعد الهجوم بالكيماوي على مدينة خان شيخون شمال سوريا في أبريل الماضي شن ترامب هجمات محدودة على موقع عسكري سوري وهو نفس رد الفعل الذي كان أوباما سيتخذه دون تصعيد أو تورط أكبر في الساحة السورية.
لكن مقابل مواصلة السير على خطى أوباما في هذه الملفات هناك انقطاع أساسي ومكلف وخطير عن سياسات أوباما في ملفات أخرى على رأسها الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، واتفاقية الشراكة عبر الباسفيك، لكن ما من قرار كان أخطر وأكثر كلفة سياسية من قرار ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس وهو قرار أوسع وأخطر من تحديد وضعية القدس قبل المفاوضات لأنه مرتبط أيضا بقضايا أخرى حساسة على رأسها الحدود وحق العودة واللاجئون الفلسطينيون.
وهذا القرار وصفه رئيس مركز الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما الأميركية جوشوا لانديز بالقرار الذي أدى إلى فقدان أي أمل في حل الدولتين فإسرائيل ستواصل بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلين ما يفتح الباب أمام مستقبل مظلم للفلسطينيين، حيث سيجعلهم تحت حكم عسكري اسرائيلي مباشر في المستقبل القريب، وهذه مقامرات يمكن أن تؤدي إلى تحولات في بنية الشرق الأوسط كله، ولعل قرار نقل السفارة الذي اتخذه ترامب بدوافع سياسية داخلية في أميركا لا علاقة له بالسياسة الخارجية حيث يوضح ميلر أن ترامب بهذا القرار كان يحاول إرضاء القواعد الشعبية التي انتخبته وليس خدمة المصالح الاستراتيجية الأميركية طويلة الأجل.
مقامرة بالتقسيم:
التناقض الحاد بين ما يقوله ترامب حول مساعي إدارته لإحياء عملية السلام والتوصل لصفقة كبرى تنهى الصراع العربي-الإسرائيلي من جهة وما يفعله عمليا على الأرض من جهة أخرى لا يقتصر على ملف عملية السلام ففي الساحة السورية تتحرك واشنطن بطريقة من شأنها إشعال الصراع أكبر في سوريا 2018.
فقد انتهى عام 2017 بهزيمة «داعش» في سوريا والعراق وطرد أغلب عناصر التنظيم من دير الزور والرقة والموصل لكن أميركا ليس لديها استراتيجية في سوريا بخلاف هزيمة «داعش»، وبدأت عام 2018 بتحرك سياسي- عسكري أثار انتقادات لاذعة دوليا وإقليميا وألقى بالمزيد من الشكوك على هدف أميركا الاستراتيجي في سوريا، فقد أعلنت وزارة الدفاع الأميركية خطة لتأسيس ما أطلقت عليه «جيش حدودي» في شمال شرق سوريا من نحو 30 ألف عنصر غالبيتهم من أكراد سوريا وهي الخطوة التي عارضتها روسيا وسوريا وإيران وتركيا وحتى فصائل المعارضة السورية المشاركة في جنيف فسرت كمحاولة أميركية لتعزيز سيطرة الأكراد على المناطق التي يريدون أن تكون جزءا من منطقة حكم ذاتي يأملون فيها بعد انتهاء الحرب في سوريا.
أكراد سوريا يقولون إن القوة الجديدة ستحمي الخط الفاصل بين الأراضي الواقعة تحت سيطرتهم وتلك الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية على طول نهر الفرات، ويعزز المخاطر أن الأكراد لطالما قالوا إنهم يريدون الاحتفاظ بالأراضي التي يسيطرون عليها كجزء من مناطق حكمهم الذاتي في إطار «فيدرالية سورية» ومع أن أميركا تقول علانية إنها تعارض تقسيم سوريا إلا أن سياساتها على الأرض تناقض ما تقوله علانية، فالخطوة الأميركية أدت أولاً بتحرك تركي عسكري أحادي الجانب ضد مناطق الأكراد شمال سوريا، وبالنسبة لتركيا فإن خطر قيام منطقة حكم ذاتي لأكراد سوريا على حدودها أفدح من بقاء الحكومة السورية، وهذا التحرك العسكري التركي ينذر في هذه الحالة بمواجهة مع واشنطن وكلاهما عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)،كما أن الخطوة الأميركية لها تأثير سلبي على أي تسوية سياسية محتملة للأزمة السورية وتفتح الباب لمواجهة عسكرية محتملة بين الأكراد والجيش السوري.
ويقول لانديز هناك تحولات في موازين القوى في سوريا فمع وقوف أميركا مع الأكراد وضعت تركيا كل ثقلها في المحور الروسي- الإيراني وهذا سيكون له تداعيات في عام 2018 ولكن ليس من الواضح تماما ما الذي ستفعله واشنطن فيما يتعلق بالأكراد في سوريا، فأميركا تقول إنها لن تغادر سوريا فوراً وستساعد الأكراد في تجربة إدارة ذاتية وهذه أنباء جيدة للأكراد لكنها سيئة لسوريا فالعلاقات بين واشنطن وأنقرة ستتحول من السيئ للأسوأ في 2018.
ويحذر لانديز من أن خطوة دعم قوات كردية تعني أن أميركا تدعم عمليا دولة كردية مستقلة شمال نهر الفرات، حيث يسيطر الأكراد على جزء كبير من احتياطات النفط والغاز في سوريا، ومع عقد جولات جديدة من محادثات جنيف للتسوية في سوريا وعقد جولات من مسار سوتشي تحت رعاية روسية يمكن تصور الصعوبات التي تضعها واشنطن أمام أي تقدم في المحادثات. فاستخدام ورقة التقسيم للضغط على روسيا والحكومة السورية لتقديم تنازلات قد يؤدي إلى زيادة التصميم السوري على استعادة كامل الأراضي السورية وهذا يفتح الباب أمام استمرار الحرب لا إنهائها.
أميركا في الميزان:
رغم أن العمود الفقري لبرنامج ترامب الانتخابي الذي أدخله البيت الأبيض كان «أميركا أولا» إلا أن سياساته خلال العام الأول له في السلطة وضعت أميركا في المقام الأخير، فمن قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وتمويل وتسليح قوات كردية في سوريا، والوعد ببناء جدار حدودي مع المكسيك، والخروج من اتفاقية التجارة الحرة عبر الباسفيك، والانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وضعت المصالح القومية الأميركية في حرج، كما يقول آرون ديفيد ميلر.
وليس لدى ترامب سياسة خارجية واضحة المعالم، بل حالة ذهنية للرئيس يرى فيها ترامب أميركا ضحية سنوات من النهب والعلاقات الاستغلالية والصفقات التجارية الكارثية وحلفاء يركنون على أميركا لحمايتهم دون دفع ثمن تلك الحماية ما جر أميركا لحروب دائمة ومكلفة استنزفتها، وإذا تواصلت تلك الحالة الذهنية للرئيس وفشلت الإدارة في عامها الثاني في وضع سياسة خارجية لها ملامح محددة وأهداف واضحة فإن العالم كله سيدفع ثمن ذلك خاصة الشرق الأوسط، فالقرارات التي أنهى بها ترامب عام 2017 وعلى رأسها نقل السفارة الأميركية إلى القدس والتي بدأ بها عام 2018 وعلى رأسها تمويل وتسليح قوة كردية من 30 ألف شخص تلقي بظلال كثيفة على تطورات 2018.
ويقول ميلر: الشرق الأوسط في حالة اختلال لكن لا أحد يستطيع حل مشكلات الشرق الأوسط بما في ذلك أميركا، المنطقة أكبر وأكثر تعقيدا وفوضى من قدرة دولة واحدة على استيعابها، والولايات المتحدة منخرطة في أطول حربين في تاريخ أميركا وهما العراق وأفغانستان دون أن تنجح في حل مشكلات هذين البلدين، كما أنها منخرطة في جهود سلام الشرق الأوسط منذ نحو 50 عاما ولم تستطع حل كل هذه المعضلات، وإذا كان العجز الأميركي ماثلا خلال العقود الماضية فإنه أكثر وضوحاً الآن لأن حلفاء أميركا التقليديين يمرون بمرحلة ضعف بسبب التحديات التي تواجههم، وهو ما يترك فراغا كبيرا.
الخلاصة:
مع مرور عام على تنصيب دونالد ترامب الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة وقد نجح خلال الأشهر الـ 12 الماضية في تصدر الأخبار رغم قراراته الصادمة وتغريداته وتعليقاته المثيرة ووقع ترامب سلسلة من القرارات التي أغضبت العالم الإسلامي والحلفاء الأوربيين والجيران في أميركا اللاتينية، كما انتهج سياسة متخبطة تجاه سوريا وتذبذبت علاقته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي الداخل تخلص من الكثير من المستشارين والأعوان، وبالتأكيد كل ذلك سوف يؤثر انتخابات التجديد النصفي للكونجرس والتي ستعقد في شهر نوفمبر المقبل، وربما يفقد حزبه الأغلبية وهو ما يؤثر على نفوذه في دوائر الحكم.