آية الله الاراكي:
يجب على من يتولى مسؤولية أن يكون عادلاً حتى يكسب قلوب رعايته ما دام قد تولاها
حاوره ـ أحمد بن سعيد الجرداني:
ـ عندما ابتعدنا عن كل ما أمرنا الله به ورسوله حل بنا التنازع والريح
ـ على المسلمين أن يكونوا أمة واحدة وأن يهتم المسلم بأخيه المسلم

إن الأوامر التي صدرت من الشرع مطلقة تشمل كل إنسان مؤمن يعيش في المجتمع الإسلامي ولذلك على هذا الأساس لابد من أن نربي مجتمعنا الإسلامي التربية الصحيحة لكي يكون إنسانا يعيش فيه متوسماً بوسام الإنسان العادل في شغله وحرفته ومهنته.
بالاضافة يجب أن يكون القاضي عادلاً ، وكذلك الشاهد والمقوم يجب أن يكونا عادلين والمقوم بشكل عام، وعلى الذي وجبت عليه المسؤولية لابد أن يكون عادلاً لكي يضمن مصلحة رعايته للآخرين ما دام قد تولى مسؤولية التي ترفض عليه رعاية الآخرين ليكون مأموناً في رعايته ومسؤوليته التي تولاها.

أخي القارئ الكريم ونحن نتفيأ ظلال ندوة العلوم الفقهية التي عقدت في شهر إبريل الماضي من هذا العام كانت لنا هذه الوقفات من خلال جلوسنا مع بعض العلماء والباحثين المشاركين في هذه الندوة العريقة ...
وحول هذا كان لنا الحوار الطيب مع آية الله محسن الآراكي من جمهورية إيران الإسلامية فقد افاض علينا من العطاء الجزيل من خلال جلوسنا معه والقراءة في بحثه فمع المادة ..

من اكثر الندوات التي وجدناها توفيقا
في البداية آية الله الأراكي .. هل لكم من كلمة تفتتحون بها هذا اللقاء وانتم تتفيؤون ظلال هذه الندوة؟
لقد جاء تنظيم هذه الندوة جيداً وموفقاً وهى من أكثر الندوات التي وجدناها توفيقا سواء من حيث الإدارة او من حيث الحضور أو من حيث المواضيع التي تناولها الباحثون ولله الحمد فقد كان المدعوون على درجة عالية من الحيطة والمواضيع التي تناولوها، وكذلك الجلسات والمحاور والمناقشات التي تمت في الندوة بين المحاضرين والمشاركين كانت كلها جيدة وموفقه.
ونسأل الله لرعاة هذه البلد التوفيق والسداد وأن يحفظ لهم الأمن وأن يديم لهم الرخاء والاستقرار وان يزيد عليهم من النعماء .
يجب أن يكون الانسان المؤمن عادلاً بشكل عام
بما انكم شاركتم في هذه الندوة بورقة عمل حول العدل والرحمة، وآثارهما الفقهية.. هل لكم من توضيح حول معنى الرحمة؟.
نحن قلنا: إن الرحمة عندما تنسب الى البارئ جل جلاله نعني بذلك الإفاضة وهي إفاضة الخير، وإفاضة الوجود والنعم على الأخرين.
والآثار المترتبة على ذلك من خلال من ذكرناه في بحثنا أن الآثار التي تترتب على العدل والرحمة ، هي آثار على الفقه الفردي .
والمستوى الفردي يجب أن يكون الانسان المؤمن عادلاً بشكل عام، وكذلك قلنا أن الاوامر التي صدرت من الشرع مطلقة تشمل كل إنسان مؤمن يعيش في المجتمع الاسلامي ولذلك على هذا الاساس لابد أن نربي مجتمعنا الاسلامي على تربية الإنسان لكي يعيش فيه بسلام ، وهذا يأتي بالعدل أين كان شغله وحرفته ومهنته.
بالاضافة يجب أن يكون القاضي عادلاً والشاهد يجب ان يكون عادلاً والمقوم يجب أن يكون عادلا ، بشكل عام يجب على من تولى مسؤولية ان يكون عادلاً لكي يضمن رعايته لمصلحة الآخرين ما دام قد تولى مسؤولية التي ترفض عليه رعاية الآخرين فلابد أن يكون عادلاً وثقةَ حتى يكون مأمونا في رعايته لمصلحة الآخرين في مسؤوليته التي تولاها.
الواقع المعاش للأمة الإسلامية
وحول الواقع المعاش للأمة الإسلامية كيف تقيمون الوضع وانتم تشاهدون الأمة الإسلامية متفرقة؟.
أخي الكريم .. الواقع المعاش هو الواقع الذي حث عليه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن نكون متحدين فقال (عليه الصلاة والسلام) في الحديث:(مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى).
وقال(عليه الصلاة والسلام):(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه، وأكد عليه الصلاة والسلام بأن المسلمين متساوون كأسنان المشط).
وقد حث الاسلام ورسول الاسلام بأن على المسلمين أن يكونوا أمة واحدة وأن يهتم المسلم بأخيه المسلم ألا يغتابه ولا يعتدي عليه ولا يؤذيه .
كل هذه الأوامر التي امرنا بها رسول الله ، حيث يقول الله تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) وقال (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) ، فقد ابتعدنا وللاسف الشديد عن هذه التعاليم !!.
فعلينا ان نعترف بأننا ابتعادنا عن هذه التعاليم التي أمرنا الله ورسوله بها، فأصابنا الضعف لأننا ابتعدنا عن كل ما أمرنا الله به ورسوله حتى حل بنا التنازع والريح ، حتى ان اعداءنا أصبحوا لا يهابونا في كل شيء حتى أراضينا فأصابنا المرض والضعف حتى أنتهكت اعراضنا من قبل الاعداء، اصبحت اموالنا تنهب و بلداننا معرضةً للحروب واقل امناً في كثير من البلدان الإسلامية.
فبلا شك كون إننا مسلمون يؤلمنا ما يحصل و هذا كله نتيجة ابتعادنا عن المنهج الذي حدده الله ورسوله لنا .
لذا ندعو المسلمين جميعا وبخاصة القادة السياسين والمفكرين والعلماء أن يضعوا أيديهم بأيدي الآخرين وأن يرجعوا إلى ما أمر به الله ورسوله وأن يوحدوا كلمة المسلمين، لأن في توحيد كلمة المسلمين مصلحتهم جميعا من حكام وشعوب.
لأن الشعوب لا تريد من الحكام إلا العدل والرحمة والعمل بما جاء به الإسلام لأن هذا هو مصلحتهم .
لأن بلداننا ولله الحمد تزدهر بالعطاء والثروة لا يعوزنا شيء لكي نكون سعداء ولكي نكون أوفر حظاً على هذه الأرض، في حياتنا وسعادتنا من غيرنا.
ولذلك ندعوا أصحاب الفكر وأصحاب القرار في أمتنا الإسلامية أن يرجعوا الى إسلامهم ولو ان هذا يقضي بعض الآليات في ان نقيم المؤسسات التي تهتم بهذا الأمر كقيامها بمؤتمرات وأن نقر السياسات والقوانين فعلينا أن نهتم بذلك.
ونسأل الله تعالى ان يوفق هذه الأمة بالخير وان ينجز لنا وعده الذي وعدنا به يقول الله تعالى:(اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ..)
رسالة إلى القائمين على تنظيم هذه الندوة
في ختام هذا اللقاء هل لكم من رسالة للقائمين على تنظيم هذه الندوة المباركة؟.
الرسالة هي رسالة شكر وامتنان على الجهود التي بذلوها وعلى ما ابدوه من حسن الادارة ومن حسن اهتمام بالضيوف وكذلك حسن تنفيذ البرامج .
والرسالة الثانية إلى أوجهها إلى كل المشاركين في هذه الندوة بأن يهتموا بقضايا المسلمين وان يحولوا أفكارهم إلى اطروحات عملية وإلى اقتراح آليات لتنفيذ هذه المقترحات والتوصيات التي قدموها في هذه الندوة العريقة لأن هناك توصيات كثيرة ومقترحات قدمت في هذه الندوة بل في هذا المؤتمر المبارك .
لذا يجب اقتراح قوالب معينة واضحة لكي تستطيع أخذ هذه التوصيات وهذه الحلول طريقها إلى التطبيق والتنفيذ.
ونتمنى في المستقبل اجتماع أمتنا على كلمة واحدة وعلى طاعة الله ورسول .