[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
يمكن القول إنها الحرب "المنسية" رغم أنها حرب بجميع المواصفات، حيث تواصلت الغارات الجوية العنيفة والقصف بصواريخ توماهوك، إنها الحرب التي أطلق عليها الأميركيون في عهد الرئيس الأميركي بيل كلينتون "ثعلب الصحراء" وهي استمرار لتسمية الحرب على العراق في مطلع العام 1991، والتي أطلقوا عليها حرب "عاصفة الصحراء"، ولهذه "الحرب المنسية" قصة أخرى وأجواء حربية وسياسية.
في يوم السادس عشر من يناير ـ كانون أول من العام 1998، كان العراق على موعد جديد مع الحروب والقتل والتدمير، ففي الوقت الذي كان الداخل الأميركي يشتعل بقصة الرئيس بيل كلينتون وعلاقته مع الموظفة في المكتب البيضاوي مونيكا لوينسكي، وبينما كانت أنظار وعقول الشعب الأميركي والعالم مشدودة إلى الأخبار المتواترة عن تلك الفضيحة التي هزّت أركان البيت الأبيض، كان عمل آخر يجري في بقعة أخرى من العالم وعلى بعد آلاف الكيلومترات، وبدون شك أن تفجير قصة ثانية لها علاقة بالعدو التقليدي للأميركيين "العراق" سيأخذ النصيب الأكبر من اهتمام الناس ويشغل الرأي العام وعلى نطاق واسع، وطالما أن وسائل الإعلام بحاجة لـ"قصة" مثيرة للاهتمام فقد كان الإعداد يجري لإنضاج فصول القصة الموازية والأكثر إثارة، ففي تلك الفترة كان العالم يتابع عن كثب نشاطات لجان التفتيش التي شكلتها الأمم المتحدة للكشف عن أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة، وحصل تصعيد مثير للاهتمام في الأسابيع التي سبقت بداية حرب ثعلب الصحراء والتي تزامنت مع انشغال الرأي العام الأميركي والعالمي بفضيحة الرئيس بيل كلينتون وصديقته مونيكا، ولم يكن التصعيد في ملف لجان التفتيش عفويا، إذ كشفت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية بعد أيام من تلك الحرب، أن تسريبات صحفية متعمدة تشير إلى وجود جواسيس ضمن فرق التفتيش لدفع العراقيين للتصعيد وجعل الأجواء متوترة، وهذا ما حصل بالفعل، فقد اعترض العراق على بعض زيارات لجان التفتيش برئاسة ريتشارد باتلر، وسارع الأخير لسحب فريقه، وقبل أن يصل العاصمة الأردنية في طريقه للولايات المتحدة بدأت "حرب الأيام الثلاثة" أو "الحرب المنسية"، واسمها الرسمي "ثعلب الصحراء".
لثلاثة أيام بلياليها لم يتوقف القصف الجوي والصاروخي، فقد كانت طائرات الشبح الأميركية تنطلق من الفرقاطات والبوارج المنتشرة في المحيطات والبحار، وتنطلق قاصفات الـ"بي 52" من أماكن أخرى من بينها بريطانيا، لتقطع ست ساعات قبل الوصول قرب بغداد لتبدأ القصف التدميري العنيف.
استهدف القصف الأميركي بيت الفنانة المبدعة ليلى العطار رحمها الله، وتردد أن هذا البيت كان أحد الأهداف الرئيسية التي كانت ضمن قائمة الأهداف، والسبب غريب، فقد قرر الرئيس بوش الأب الانتقام من هذه الفنانة التشكيلية المعروفة عربيا وعالميا، لأنها رسمت صورة لمجرم الحرب على العراق بوش في مدخل فندق الرشيد ببغداد، وهو المكان الذي يقيم فيه زوار العراق من مسؤولين ووفود وصحفيين، فقد تم وضع صورة بوش في المدخل بحيث لا يدخل أي شخص دون أن يسير عليها.
سقط الكثير من العراقيين قتلى وجرحى وتم تدمير الكثير من المنشآت التي لم يطُلْها قصف العام 1991، وكانت حربا إجرامية بجميع التفاصيل وتواصل الحصار بعد ذلك على العراق.