[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedalkadedy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د.أحمد القديدي[/author]
” حين أستعرض الحقائق التاريخية ليقرأها الشباب المسلم ويعتبر بها إنما لأذكر المتألمين اليوم على إزهاق أرواح ضحايا (داعش) ونحن منهم بأن العنف الذي نراه وندينه بلا شك من فصائل مقاتلة تقتل بلا وازع إنما هو عنف مندرج في دوامة دولية متكاملة لا يجب أن نفصل بعض حلقاته عن بعضها الآخر ومن هذه الحلقات ما لا نسمع به تنديدا أبدا كالذي يجري في جمهورية إفريقيا الوسطى،”
ــــــــــــــــــــــــ
أصاب علماء المسلمين هذه الأيام حين نددوا بممارسات مجموعات مسلحة لبست لبوس الطائفية في حين تدعي مقاومة الطائفية لأن المسلمين اليوم في أشد الحاجة إلى وفاق يتجاوز المذاهب ويتعدى الحدود ليوحد كلمتهم ويجمع شملهم ويقويهم على أعدائهم ويبلغ بهم ذات يوم موعود درجة تحقيق الخلافة في عالم صليبي صهيوني هذا العالم المنافق الذي نشأ من رحم معاهدة سايكس - بيكو يوم 16 مارس 1916 ويسوده منطق العنصرية وتفوق السلاح و استغفال الشعوب العربية بالأراجيف من أجل تفريق صفوفها وتشتيت جهودها وتيسير تمزيقها إربا إربا حتى تنتهك أعراضها وتنهب خيراتها وتساق شعوبها إلى أسواق النخاسة العصرية وقبل أن تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها بعامين سنة 1916 شرع الأوروبيون الاستعماريون بأيدي الأمبراطوريتين الفرنسية والبريطانية في تدمير أخر حصن موحد للمسلمين المتمثل في خلافة الباب العالي بأسطنبول فانهار ذلك الصرح أيضا بسبب سوء التقدير وتهافت الاستخراب التنصيري فانفلق حب الأمة و نواها إلى دويلات (قومية) حرص المستعمرون القدامى على بقائها مجزأة عاجزة تابعة مغلوبة قابلة للفتنة الطائفية مؤهلة للتدمير إذا حاولت الخروج من بيت الطاعة. وفي نفس تلك العشرية بدأت الدول الأوروبية تجتمع وتتوحد وتحطم الحدود فيما بينها وتتحصن ضد المارد الإسلامي بالأسلاك الشائكة وبزرع الكيان الإسرائيلي في قلب المشرق بإحلال شعب دخيل مكان شعب أصيل ومع مرور الزمن وتخبط المسلمين شرقا وغربا توحدت أمة المسيح وشكلت ثلاث خلافات طاغية قوية هي الخلافة الأوروبية الكاثوليكية ذات السبع والعشرين دولة اليوم والتي توصد حدودها على ما تسميه هي الهجرة السرية لأبناء الجنوب والمقصود هم المسلمون الذين شارك آباؤهم وأجدادهم في تحرير فرنسا وأوروبا من النازية كما شاركوا في بناء سدودها وطرقاتها السريعة وعماراتها السكنية وحفر أنفاقها والخلافة الأميركية المسيحية الأنجليكانية ذات الخمسين ولاية والتي تولت قمع المسلمين و تعويض أوروبا في شن ما يسمى بالحروب الإستباقية وتعزيز قمع إسرائيل وضمان تفوقها العسكري وتأبيد الاحتلال الصهيوني لأراضي العرب ضد كل قرارات منظمة الأمم المتحدة منذ سبعين عاما والخلافة الروسية الأرثودكسية ذات الثلاثين شعبا (لاحظوا يا قرائي الأفاضل أن شعب الشيشان المسلم منذ سنة 18 هجري على أيدي الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تم قمعه منذ القرن التاسع عشر على أيدي القياصرة ومقاومة بطله أسد داغستان القائد شاميل زعيم الثورة القوقازية الإسلامية (ولد سنة 1797 وتوفي سنة 1871 في مكة المكرمة حيث أدى مناسك الحج وهو مدفون في مقبرة جنة البقيع كما تمنى بجوار الصحابة الأبرار رحمه الله) ثم استكمل إضطهاد المسلمين زعماء الشيوعية البلشفية على مدى سبعين سنة رافعين شعار (الدين أفيون الشعب) واستمر فيه قادة الكرملين ما بعد انهيار الإتحاد السوفييتي للقضاء على أخر نفس إسلامي بقيادة يلتسين وبوتين وخاصة محنة (غروزني ومقتل الآلاف من المسلمين الشيشان) منذ سنة 1990 إلى اليوم مرورا باغتيال سليم خان ياندربياف رئيس الجمهورية الشيشانية الأسبق في مدينة الدوحة يوم 13 فبراير 2003.
حين استعرض الحقائق التاريخية ليقرأها الشباب المسلم ويعتبر بها إنما لأذكر المتألمين اليوم على إزهاق أرواح ضحايا (داعش) ونحن منهم بأن العنف الذي نراه وندينه بلا شك من فصائل مقاتلة تقتل بلا وازع إنما هو عنف مندرج في دوامة دولية متكاملة لا يجب أن نفصل بعض حلقاته عن بعضها الآخر و من هذه الحلقات ما لا نسمع به تنديدا أبدا كالذي يجري في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث أكدت منظمات أممية بأن مائة ألف مسلم قتلوا وحرقوا أحياء على أيدي عصابات مسيحية إرهابية متعصبة خلال ثلاثة أعوام و كالذي يجري من سفك دماء العراقيين والسوريين واللبنانيين بأعداد لا تحصى على أيدي جماعات تشكلت للضرورة وبدون سابق موعد ولا تنسوا قمع المسلمين بأيدي الهندوس في مينمار وحرقهم أحياء أمام عدسات الهواتف الجوالة (30 ألف ضحية خلال 3 سنوات حسب منظمة العفو الدولية!) والوحشية التي يرتكبها المحتلون المستوطنون اليهود في أرض فلسطين أخر حلقاتها إحراق الشاب بوخضير حيا ورمي جثته للكلاب! كما قتل الصهاينة الطفل محمد الدرة أمام عيوننا بالمباشر وهو في أحضان والده و قبله اغتيال الشيخ أحمد ياسين وهو يصلي الفجر وبعده الدكتور عبد العزيز الرنتيسي بلا أي تنديد من الخلافات المسيحية التي تطلق على نفسها اسم المجتمع الدولي !
إن العنف الذي ندينه اليوم من قبل (داعش) هو عنف عالمي اتسعت رقعته واستشرى شره في كل أصقاع الدنيا وتأكدوا بأن ضحاياه هم دائما من المسلمين لا غير وحسب منظمة الامم المتحدة للاجئين فإن الأغلبية الغالبة من اللاجئين الضاربين في أرض الله هم مسلمون ومنهم منسيون تماما لا يعرفهم العالم أمثال مليون لاجئ مسلم صيني من قبائل الأيغور (إقليم تشانج يانج) وهات وهات من محنة الإسلام والمسلمين التي ينهض فيها البعض من شباب المسلمين بردة فعل غير رشيدة تحكمها العاطفة وحب الإنتقام مما دعا المجلس الإسلامي العالمي الأعلى والإتحاد العالمي لعلماء المسلمين وحزب التحرير أن تعبر عن رفضها لإعلان (خلافة) إرتجالية وغير قابلة للبقاء وقائمة على طائفة مع إقصاء بقية الطوائف وهي مسلمة موحدة. الغريب أن محاولات كثيرة جربت لتوحيد الأمة لم توفق لأسباب عديدة منها الأغرب التي لا يعرفها الشباب وهي النداء الذي توجه به الزعيمان الملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة سنة 1966 و كنت حاضرا فيه بمدينة القيروان وأنا صحفي مبتدئ مراسل جهوي كنت أغطي زيارة الملك فيصل إلى تونس وإلى القيروان بالذات حين كان الزعيمان يؤسسان منظمة المؤتمر. فكانت منظمة المؤتمر الإسلامي محاولة لتحقيق وحدة الأمة وأهدافها لا تختلف عن أهداف الخلافة على المنهاج النبوي والفشل كان ذريعا لأسباب لا يمكن اليوم استعراضها لكن الوحدة الإسلامية ستظل و تبقى أمل كل المسلمين أيا سيكون شكلها وأيا سيكون باعثها فنحن نعيش في عالم لا يضم سوى الخلافات الدينية الكبرى وأهلها يموهون علينا ويكذبون حتى أصبح بعض المسلمين يتهكمون على وحدة المسلمين ويعتبرونها كما يشاء لهم أسيادهم الذين غسلوا أمخاخهم.....وهما من الأوهام و تطرفا إرهابيا!