لكل مجلس ميزته التي يتميز بها، وخصوصيته التي يختص بها؛ له ميزته التي تدل على كنهه وحقيقته، وله خصوصيته التي تحقق الغاية المرجوة، والهدف المنشود منه؛، فمثلاً مجالس العلم تتسم بالجدية والسؤال والجواب، والمناقشة والاستفسار، والنظر والبحث، والتحقيق والدقيق، ومجالس الذكر تتسم بالوعظ والإرشاد والترهيب والترغيب، ومجالس الفرح تتسم بالبهجة والتهنئة والتبريكات، ومجالس العزاء تتسم بالحزن والتسلية والمواساة، ومجالس السمر تتسم بالفكاهة والدعابة والمرح والمزاح وبث الشجون، وتبادل الأحاديث الودية والأخوية. والمجالس الأسرية تتسم بالجو العائلي الذي يسوده الحنان، وترفرف عليه العاطفة. للحديث بقية.
وإذا كان لكل مجلس من المجالس ميزته وخصوصيته، فإن جميع المجالس لها آداب عامة يجب أن تراعى، ويجب أن يلتزم بها، ويجب أن يحافظ عليها، ومن تلكم الآداب
*- أن يكون الإنسان على أحسن هيئة من حيث النظافة واللباس فالله جميل يحب الجمال طيب لا يقبل إلا طيبً.
*- الاستئذان وإلقاء السلام عند الدخول وعند الخروج من المجلس فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم فإذا أراد أن يقوم فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة".
*- التيامن في الدخول إلى المجلس والخروج منه، الجلوس حيث ينتهي المجلس، وعدم تخطي الرقاب.
*- لا يقيم الرجلُ رجلًا من مجلسه ليجلس فيه، يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: " لا يقيمنّ أحدكم رجلًا من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن توسعوا وتفسحوا" وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه.
*- لا يجلس الرجل بين اثنين فيفرق بينهما إلا بإذنهما، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما",
*- ذكر الله تعالى؛ فكل مجلس لا يذكر في الله تعالى يكون حسرة وندامة على أصحابه، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من قوم جلسوا مجلسًا وتفرقوا ولم يذكروا الله فيه إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار، وكان عليهم حسرة يوم القيامة".
*- توقير الكبير، والعطف على الصغير، ومعرفة حق العالم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ليس من أمتي من لم يُجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه".
*- التواضع واحترام الجالسين، والاستماع إليهم، والإصغاء والإنصات إلى حديثهم.
*- إذا كان المجلس يتكون من ثلاثة أشخاص فلا يصح لأحدهم أن يناجي أحد الشخصين، أو يهمس في أذنيه؛ حتى لا يتحسس الشخص الثالث، ويظن أنهما يتحدثان عنه، أو يدور في خاطره شيء؛ حيث تركاه بمفرده ولم يشاركاه في الحديث، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث".
*- ترك اللغو والفحش، والاستهزاء والسخرية، وتجنب المزاح الثقيل، أو الزائد عن الحد، وكذا تجنب كثرة الضحك، فإن يميت القلب، ويذهب بنور الوجه.
*- المحافظة على نظافة المجلس، وعدم إفشاء أسراره وما دار فيه.
*- إنهاء المجلس وختمه بدعاء كفارة المجلس فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك".

د. يوسف السرحني