خرج أبو خالد من عمله مهموما حزينا من الضغوطات التي يحملها على عاتقيه، كان أكثر ما يشغله أبناءه كيف يوفر لهم الأموال التي تعينهم على التعلم والتفوق في مشوار حياتهم، فالعلم هنا - في مدينته - يحتاج إلى أموال طائلة، كما اشتغل أبوخالد بمرض والدته الحبيبة ما فتأ وهو يبحث لها عن عيادة يجد فيها المنفعة بإذن الله دون تكلفة مادية باهضه، على شدة ما يحمله هذا الرجل من أعباء كثيرة فقد كان محبوبا لدى الجميع من زملاء العمل والطاقم الإداري يرونه أبا مثاليا يستشيرونه في أمور العمل والأسرة، وكان يخفي عنهم الكثير والكثير مما أحاط به....ركب سيارته بعد أ أطلق بسماته المشرقه في وجوه زملائه، فتح المذياع الذي حن إلى سماعه ليستمتع بنبأ يسعده، حقا ما أشد سعادته وهو يسمع آية ما أكثر ما يقرأها ولم يستشعر بحلاوتها إلا هذه اللحظة " لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا" نزلت من مقلتيه دمعة ساخنة وأخذت تتموج على خد متشقق ومتعب من الحياة.. يتحدث مع ذاته "آآآه كم هي حياتنا قصيرة مؤلمة عندما نلطخها بملوثات وأعباء ما أنزل الله بها من سلطان، سامحني يا رب لأنني اشتغلت بأمر قضيته وأحكمته علي ولم أشتغل بالحمد والشكر لك وحدك، ما اقصر عقلي وما أسوأ فعلي، لن اخشى على ابناء الفقر لأجل الاستزادة من العلم فالله تعالى وهبهم عقلا راجحا وقلبا صادقا وحقا سيهبهم مالا حلالا لتتحسن أحوالهم، أما والدتي سأبقى لها بارا ولدائها باحثا عن الشفاء بإذن الله كم هي الدنيا تافهة مقابل آية واحدة من كتاب الله العظيم "لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا " فلا يخلو قلب بشري من الأعباء التي تحوجه لله تعالى وحده لا شريك له، فلنراجع حسابتنا مع الله ولنثق به وحده لا سواه مهما ألمت بنا العواصف، فإن كنت فقيرا لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك امرا وإن كنت مريضا أو مديونا أو عازبا أو عاقرا أو محتاجا أو.، الخ، ردد بقلب خاشع "لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا "، هنا ستتحقق الغاية وتدرك روعة النهاية وإن كانت لا تسرك فما قضاه الله للبشرية جمعاء هو الخيرة التي لم تدركها عقولهم القاصرة فلن تدرك حتى تلقى الله وقد نالت ما تمنت ولقيت من المسرة والبهجة ما ينسيها آلامها.

أم عمر منى بنت حمد الزيدية