[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كل هذا الانشراح والفرح والحبور لإسقاط الطائرة الاسرائيلية، فماذا لو تحررت فلسطين او نصفها او بعض ملامحها؟ .. وماذا لو تكسر الجيش الاسرائيلي ودمر المجتمع الاسرائيلي بفعل ما سيكون من حرب عليه، سواء عبر ارتال من المجاهدين الذين قد يصلون الى الاراضي الفلسطينية، او من خلال الصواريخ العابرة.
تضحك امة وتبتسم، يكفيها الأسى الذي تعيشه، والدم الذي ينزف من ابنائها .. لا بد انها روح متوازنة، حين يضحك محزون، او يبكي فرحان. في علم الحياة لا سبيل سوى التناقض، فلكي يعيش المرء سيكون عليه ان يواجه المتناقضات وما اكثرها.
كثير من المقالات دبجت ترحيبا بإسقاط الطائرة العسكرية الإسرائيلية، فيما نام الإسرائيليون على ضربة في الرأس. هنا في روابينا اناس مسهم القهر طويلا فصار الفرح عزيزا عليهم، وعندما يبتسمون لحدث يمسهم، تراهم يقولون فيه اكثر من اللازم.
المقالات التي كتبت عكست صورة مجتمع وليس مجرد كتاب فقط .. ألم توزع الحلوى في الشوارع لهذه الغاية، وتكتب الآلاف من الكلمات ويتم تبادلها بين الناس في عمليات التواصل الاجتماعي .. هنالك نهر من القهر يجب ان تغسله الفرحة اكثر، لا بد من اخراج غصة الحزن العميقة بسلسلة افراح من هذا النوع الذي يستفز الاحساس الجميل.
قيل الكثير في ما وراء اسقاط الطائرة، لعله كله مصيب أو بعضه أو ربما عكس ذلك .. الأيدي الروسية ليست بعيدة، وايدي الجيش العربي السوري ايضا ليس لإيقاف اللعب الإسرائيلي الخطير، بل للغمز من القناة الاميركية ان هذا ما ينتظر طائراتكم في المستقبل .. والإيراني ليس بعيدا، وهو له اسلوبه في التعبير عن كل ما يخص الكيان العبري .. وحزب الله ايضا. هي مجموعة احتمالات، وكلها صحيحة لو اجتمعت او اخذت فرادى.
حتى الكتابات عن الطائرة الإسرائيلية وصلت إلى الانتماء الوطني والقومي .. بعضهم افرد في شأن الأمة، والبعض الآخر كتب باحثا عن عروبة جديدة. مهما يكن فالأمر تزينه نفس الكاتب والأصول العميقة التي ينتمي إليها عبر تاريخه منذ نشأته وحتى لحطة كتابته مقاله أو أفكاره.
في كل الأحوال، صار لنا حدث اعطي حجما مجلجلا .. هو ما نريده ان يكون لكي تخرج الأمة من حسابات التوابيت والجنازات اليومية، ومن الخراب المدوي في ربوعها، ومن الظلام الحالك الذي يبدو في بعيد ايامها. الميدان دائما يصنع الوجوه المنتظرة الأحداث، وكم من ميدان عربي يتبارى اليوم لغايات الخلاص وليس من خلاص .. فكلما داويت جرحا سال جرح كما يقول المثال العربي، وكلما خرجت من قهر وقعت في آخر، وكلما بحثت عن جواب سؤال متى يطلع النهار، كان الجواب علامتي تعجب واستفهام.
احب دائما تكرار بيت من الشعر لشاعر العروبة الراحل سليمان العيسى وكأنه يعلق على احداث من هذا النوع المفرح فيقول "الآن ابتدئ النزال بامتي / وتشع دنيا كالضحى عرباء " .. او ذلك البيت من الشعر لمحمود درويش " في اليوم اكبر عاما في هوى وطني / فعانقوني عناق الريح للنار " . . او ذلك القسم الذي تلته الشاعر فدوى طوقان ورددته اكثر من مرة بقولها " يمينا بعد اليوم لن ابكي " ، وكأنها تصف المشهد العربي وهو يتفاعل مع اسقاط الطائرة ويتابع فصولها.