[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تأكدت القيادة العراقية خلال السنوات الطويلة والقاسية مع لجان التفتيش التابعة للأمم المتحدة أن هذه اللجان لا تعمل باستقلالية على الإطلاق، وأنها تريد الوصول في نهاية المطاف لتهيئة الأجواء لشن حرب على العراق، وهذا الأمر لمسه المسؤولون في بغداد من خلال تصرفات وسلوكيات تلك اللجان، وقد اثبتت الوقائع بعد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 دقة القراءة العراقية للمهام الموكلة للجان التفتيش عن اسلحة العراق المزعومة.
ذهبت قناعة القيادة العراقية في ذلك الوقت، من أن مهمة لجان التفتيش هي تجسسية، أكثر من كونها مهام فنية، خاصة بعد العام 1997، وهي الفترة التي غادر فيها رولف ايكيوس لجنة (اونسكوم)، والتي أكملت عمليات تدمير الأسلحة العراقية، من وجهة نظر المسؤولين العراقيين.
في تصريحات المسؤولين العراقيين يستشهدون بالعديد من الوقائع والأدلة التي تؤكد تلك القناعات، منها حادثة موثقة لدى الحكومة العراقية، فعندما حصلت عمليات إخلاء لبعض المعدات من إحدى منشآت التصنيع العسكري، وتحديدا في منشأة القعقاع، كانت هناك لقطات من عمليات الإخلاء، تم بثها من على شاشة (CNN) الأميركية، وظهرت علامة البنتاجون على الفيلم، ويبدو أن المسؤولين على البث، لم ينتبهوا إلى ذلك، وأن اللقطات وصلتهم عن طريق المخابرات المركزية. فقد تم نصب كاميرات مراقبة في جميع المواقع والمنشآت العراقية وترتبط بلجان التفتيش.
لكن علامة البنتاجون تلك اختفت في النشرات اللاحقة، التي بثت اللقطات، أي أنهم أدركوا حجم الخطأ الذي ارتكبوه، والذي فضحهم بالأدلة وبما لا يقبل الشك.
أثار الجانب العراقي هذه المسألة، مع مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي أثناء زيارته بغداد في ذلك الوقت ووعد المسؤول الأممي الجانب العراقي بمناقشة هذه الوثيقة.
ثمة وثيقة وصلت إلى إحدى الصحف البريطانية، تم تحويلها إلى الأمم المتحدة، وبينما كان وفد عراقي برئاسة الدكتور عامر محمد رشيد وزير النفط السابق في نيويورك للتباحث حول بعض الجوانب الفنية، تم استدعاء رئيس الوفد مع عدد من مساعديه للاجتماع على وجه السرعة مع مسؤولين كبار في الأمم المتحدة.
قدم مسؤولو الأمم المتحدة نسخة من تلك الوثيقة إلى رشيد، وطلبوا إجابة خلال (24) ساعة، فما كان من رئيس الوفد العراقي، وبعد أن ألقى نظرة عليها، حتى أعادها إليهم وقال إنها مزورة، الأمر الذي أصاب مسؤولي الأمم المتحدة بالدهشة والاستغراب، لقد كانت أول جملة في الوثيقة وقع عليها نظر د.عامر محمد رشيد، هي طريقة مخاطبة مدير عام المنشأة لوزير التصنيع العسكري، وكان حينذاك حسين كامل. لقد كانت المخاطبة بلفظة (معالي الوزير)، وهذه الطريقة لا تستخدم في المخاطبات العراقية على الإطلاق، وقال لهم إن (معالي الوزير) وردت في الوثيقة (18) مرة، وإن العراق يستخدم تعبير (سيادة الوزير) في المخاطبات الرسمية، ويروي د.عامر محمد رشيد، أن غرباء حضروا ذلك الاجتماع، ونقل إلى القيادة العراقية، أن هؤلاء (الغرباء) كانوا رجال مخابرات.
ثم فند بعد ذلك رئيس الوفد العراقي، ما جاء بهذه الوثيقة المزورة، التي أراد مزوروها إلصاق الاتهامات بالعراق والتحريض ضده، على اعتبار أنه يسعى سرا لإنتاج أسلحة الدمار الشامل.
بعد تلك الأحداث وما حصل من اعترافات بعد الغزو تأكد للجميع كذب لجان الأمم المتحدة وأجرام البيت الأبيض، فهل تكفر المنظمة الدولية عن خطاياها وما حصل ويحصل للعراق والعراقيين؟