[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/11/yousef.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]يوسف الحبسي[/author]
أخذ تسيفاندين وهو يرى بساط السلطة بدأ يسحب من قدميه، يؤلب الرأي العام على المستوى الداخلي ضد المربية الفرنسية، كاشفًا عن ممارساتها وتأثيرها السلبية على السلطانة، وتدخلاتها في شؤون الحكم، مما يهدد المصالح العليا للجزيرة، أما على المستوى الإقليمي والدولي، فقد شرع يجري اتصالاته، مع شركائه البوسعيديين في زنجبار لأجل تدارك الوضع..

لم يكن وصول المربية الفرنسية إلى موهيلي ومباشرة مهمتها داخل القصر السلطاني محل ترحيب سكان الجزيرة، ناهيك عن كبار وجهائها الموالين للسيد سعيد بن سلطان سلطان عمان وزنجبار، الذين رضخوا للأمر الواقع على مضض، وكان يمثل هذا التيار الساخط بشكل واضح وجلي الجنرال "تسيفاندين" ـ زوج والدة السلطانة فاطمة، ويعتبر الممثل الأبرز لمصالح السلطان سعيد بن سلطان في موهيلي ـ الذي سرعان ما ناصب هذه المربية عداءً سافرًا، نظرًا لتأثيرها السلبي ـ حاضرًا ومستقبلًا ـ على جومبيه فاطمة، وقد يكون إبعاد زوجته "دزرين جومبيه" عن منصبها والاستغناء عن خدماتها بصفتها حاضنة للسلطانة فاطمة وأختها سلمى ـ أسهم في تعميق هذا الموقف العدائي الضاري.
أخذ تسيفاندين وهو يرى بساط السلطة بدأ يسحب من قدميه، يؤلب الرأي العام على المستوى الداخلي ضد المربية الفرنسية، كاشفًا عن ممارساتها وتأثيرها السلبية على السلطانة، وتدخلاتها في شؤون الحكم، مما يهدد المصالح العليا للجزيرة، أما على المستوى الإقليمي والدولي، فقد شرع يجري اتصالاته، مع شركائه البوسعيديين في زنجبار لأجل تدارك الوضع، واتخاذ ما يلزم حيال وجود هذه المربية في موهيلي، قبل الاستفحال وفوات الأوان.
قدم تسيفاندين بعد تنصيب وتتويج السلطانة رسميا من قبل الفرنسيين، ولجأ إلى زنجبار، في إطار مسعاه لحشد الدعم السياسي واللوجيستي، وإقناع السلطان سعيد بن سلطان بضرورة التحرك لإنهاء الوضع القائم في الجزيرة، وبالمقابل كان هناك لفيف من الوجهاء "الطابور الخامس" يرأسهم أندريان سيفولا، وهو خصم سياسي لدود لـ"تسيفاندين" يعملون لحساب فرنسا، ويساندون مصالحها في الجزيرة.
لما نمى إلى علم السيد سعيد في زنجبار وصول المربية الفرنسية إلى موهيلي بدعوى القيام بتربية الأميرة الصغيرة جومبيه فاطمة، أراد السيد أن يرد على هذه الخطوة الفرنسية بلا تأخير فأبلغ تسيفاندين في يناير 1848 عن نيته إرسال عامل عربي إلى الجزيرة في أقرب الآجال، ليقوم بإدارة الحكومة لغاية بلوغ جومبيه فاطمة، فقام على إثر ذلك "أندريان سيفولا" بالسفر إلى مايوت بصورة عاجلة لأجل إعلام الآمر الفرنسي هناك بهذه المعلومات، وقامت المجموعة الموالية لفرنسا التي يرأسها أندريان بمطالبة المستعمر الفرنسي بنفي تسيفاندين واحتجازه في أرض فرنسية، وقد لقي هذا المطلب ترحيب الآمر الأعلى في مايوت الذي وافق على الفور، وطلب من المحطة البحرية الفرنسية تدخلها في موهيلي لنفي تسيفاندين وترحيل مستشاره القاضي عبد العزيز إلى جزيرة القمر الكبرى، وتشكيل مجلس وصاية مكون من ثلاث شخصيات لإدارة الحكومة، وبادر تسيفاندين إلى تفويت الفرصة، وإنقاذ نفسه من هذا المصير المجهول الماثل أمامه إلى تليين موقفه أو بالأحرى تلوينه حيث أخذ يحتج للفرنسيين بالصداقة التي تربطه بهم، مؤكدًا معارضته لفكرة السيد سعيد في إرسال عامل له إلى الجزيرة، وربما هذا تكتيك وليس تغيرًا في الموقف وللقصة بقية.
يتبع ................................