فـي احتفالية بمركز رعاية الطفولة

■ احتفلت أمس الأول وزارة التنمية الاجتماعية بيوم اليتيم بدول منظمة التعاون الإسلامي تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن سعيد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية حيث صدحت « فرقة الجنتان الإنشادية المكونة من أطفال مركز رعاية الطفولة بعدد من الأناشيد الجميلة وذلك في احتفالية يوم اليتيم بدول منظمة التعاون الإسلامي والذي يصادف يوم الـ 15 من شهر رمضان الفضيل بحضور جمع من مسؤولي الوزارة وموظفيها وعدد من الأسر التي حرصت على المجيء بأطفالها تحقيقا لمبدأ الدمج الاجتماعي مع أطفال المركز .
وقد شهد الحفل إلقاء الدكتور سيف الهادي كلمة توضح «مكانة اليتيم في الإسلام « ، حيث بدأ كلمته بالقول : يسرنا ببالغ السرور أن نشارككم هذه الفرحة العارمة بيوم اليتيم الإسلامي ، اليوم الذي يشعر فيه كل إنسان بأهمية هذه النسمة المباركة التي جعلها الله تعالى رحمة أو مصدراً للرحمة ، وذلك لأنها رحمة متحركة في أوساطنا ، ورحمة تتحرك في قلوبنا ، ورحمة تدفعنا إلى تقديم الخير في كل أوقاتنا ، ولذلك فإنه حظي بعناية كبيرة في القرآن الكريم ، حيث ذكر في 33 آيه ترسم مشهد اليتيم في القرآن الكريم ، وتبين الطرائق التي يجب على كل مسلم أن يتعامل بها معه ، فهو يتيم لكنه في الوقت نفسه شخصية سيكون لها اعتبارها في المجتمع ؛ لأنها عنصر فاعل بالتأكيد ، والتاريخ يشهد أن الكثير من مسارح الحياة رسمها الأيتام أو الذين كانوا أيتاماً في يوم من الأيام ، لكنهم رسموا صورة الحياة وبينوا أنهم عظماء بالفعل.وأضاف الهادي في كلمته : لنبقى أولاً مع القرآن الكريم ، وهو يصور الطريقة التي يتعامل بها الإنسان مع اليتيم ، فالطفل اليتيم فقد أحد أبويه أو كليهما ، وعليه فهو يحتاج في هذا الوقت العصيب إلى دفعة من الحنان يتقدم بها القريبون منه بدءاً بأقاربه الملتصقين به ثم بأفراد المجتمع الذين يعيشون قريباً منه ثم بالعالم بأسره ؛ لأنه رحمة مهداة أي أن الله تعالى أهداها لأهل البيت الذي هم فيه أو أهداها للمجتمع الذي يكون فيه اليتيم .. واليتيم كما قلنا مصدر من مصادر الرحمة ، وقد بين الله سبحانه في مواضع كثيرة أن رحمته لا تنال إلا أولئك الرحماء، واليتيم هو أقوى مصدر لهذه الرحمة فقد جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو قساوة قلبه فأرشده إلى المسح على رأس اليتيم.
مُشيراً إلى أن رحمة اليتيم تحتاج إلى تنمية ؛ فكلما شعر الإنسان بنقصان منسوبها في قلبه عليه أن يبحث عن الأشياء التي تنميها من جديد وتجعلها حاضرة باستمرار، والرحمة تقل في القلب عندما لا يتصرف الإنسان بسرعة أمام المواقف التي تحتاج منه إلى أن يبدي شيئاً من العطف، والحنان، والرعاية على أمثال هؤلاء، وذلك لأن الله تعالى أمرنا أن نكرم اليتيم.
وفيما يتعلق بمال اليتيم فقد أكد الدكتور سيف الهادي في كلمته بأن الله سبحانه وتعالى توعد الذين يقتربون من أموالهم بالنار، فقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ، والملاحظ في سورة النساء أنها اهتمت بالأحكام التفصيلية وليست الإجمالية ، فهي اهتمت بقضية الميراث نظراً لأن البشر يصطرعون على الميراث إن لم يكن هناك قانون إلهيٌ صارم لا يقبل التأويل ، واهتمت أيضا بقضية اليتيم فبدأت السورة باليتيم فقال تعالى:{ وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الخبيث بالطيب وَلاَ تَأْكُلُواْ أموالهم إلى أموالكم إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} ، ثم انتقل إلى اليتيم من النساء حيث قال: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَاءِ}، هنا يؤكد الحق الأمر بالابتعاد عن اليتامى فهم مظنهم أن يظلموا لضعفهم ، وبخاصة إذا كانت أنثى ، وذلك لأن الظلم بعامه محرم في غير اليتامى ، ولكن الظلم مع الضعيفة كبير، فهي لا تقدر أن تدفع عن نفسها، فأما البالغة الرشيدة من النساء قد تستطيع أن تدفع الظلم عن نفسها.
تنمية أمواله
وأشار إلى أن الله سبحانه وتعالى بيّن بأن هذا اليتيم عندما يصل إلى مرحلة من العمر يكون فيها قادراً على الاستقلال بشؤونه الخاصة فإن الإنسان مطالب أن يسلمه أمواله كاملة دون نقصان فقال الله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافًا وَبِدارًا أَنْ يَكْبَرُوا... ، واليتيم لا يكفي أن تحافظ على أمواله فقط إنما مطالب على الإنسان أن ينميها في مشاريع استثمارية وفقا لما أكد عليه نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم.
منزلة عظيمة
وأكد الدكتور الهادي في ختام كلمته بأن منزلة كافل اليتيم عظيمة حيث رفع الله تعالى مرتبته إلى النبي عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ولا يمكن للإنسان أن يصل إلى هذه المرتبة إلا إذا كان قد قدم عملاً عظيماً فقال صلى الله عليه وسلم: « أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَلِيلًا « ، والنبي صلى الله عليه وسلم في الجنة أعلى المراتب فلا يوجد مخلوق يصل إلى منزلة الأنبياء ، وخاصة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن كافل اليتيم يحصل على ذلك بفضل من الله ورحمة ، وذلك لأن الرحمة التي يدفعها كافل اليتيم وما يعطيه من الرعاية والاهتمام تستحق أن ينال بها هذه المرتبة العظيمة عند الله سبحانه وتعالى ، وهذا من منطلق رحمة الله سبحانه وتعالى فهو من خلق الأيتام وهو الذي كلفنا برعايتهم.وقد بدأ الحفل بكلمة الوزارة ألقاها الدكتور يحيى بن محمد الهنائي مدير عام التنمية الأسرية ، حيث أوضح بأن الحكومة الرشيدة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ أولت اهتماما بالغا بالعناية والرعاية باليتيم ، ووفرت له سبل العيش الكريم وتنوع ذلك الاهتمام في تنمية النواحي الدينية والفكرية والتعليمية والمهنية ، وغيرها ، وأدل على ذلك وجودنا في هذا المركز المشرق ، والذي تشرف عليه وزارة التنمية الاجتماعية ، ويعنى برعاية الايتام والعناية بهم ، مما جعلهم يتطلعون إلى المستقبل بنفس طموحة راضية تكن الحب والولاء والعرفان لوطنهم ، وفي هذه المناسبة يستحضرنا ذكر المرحوم له بإذن الله تعالى الشيخ سعود بن سالم بهوان المخيني رحمه الله وغفر له وأدخله فسيح جناته لتبنيه تشييد هذا الصرح الاجتماعي الذي يقدم خدماته للأطفال الأيتام .
وأشار في كلمته إلى أن المنطلقات الأساسية التي تقوم عليها برامج الحماية والتنمية والرعاية للطفل اليتيم تنطوي تحت حزمة من التشريعات أولها النظام الأساسي للدولة ثم القوانين المختلفة منها قانون الأحوال الشخصية وقانون رعاية الأحداث وقانون الإجراءات الجزائية ، وقد توجت هذه القوانين بصدور قانون الطفل بالمرسوم السلطاني رقم 22 /2014، كما تجدر الإشارة إلى أن هناك جهات حكومية تقدم خدماتها للأيتام ، إلى جانب جهود الجمعيات الأهلية والأعمال التطوعية وقد شهدت الأمسية تكريم راعي الحفل وزير التنمية الاجتماعية جميع المشاركين الذين أسهموا في انجاح هذه الأمسية . وفي ذات السياق أقيم بمقر مركز رعاية الطفولة يوم أمس الأول ( الأحد الموافق 13 يوليو 2014م ) حفل الإفطار الجماعي بحضور معالي الشيخ محمد بن سعيّد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية وجمع غفير من مسؤولي الوزارة وموظفيها ، والذي اعتادت الوزارة على تكرار اقامته سنوياً في جو تسوده تلقائية الأسرة الواحدة ونفحات الشهر الفضيل ، ويعد فرصة طيبة ولفتة إنسانية جميلة تتيح الالتقاء وتعمق التواصل مع أطفال المركز، تعبيرا عن مشاعر التضامن من قبل مسئولي وموظفي الوزارة وأعضاء الهيئتين الإدارية والإشرافية للمركز ناحية هؤلاء الأطفال الذين يتيح لهم الافطار الجماعي – أيضا - الالتقاء والتواصل مع أفراد المجتمع ؛ ترجمة لمبدأ الاندماج الاجتماعي وترسيخا لمختلف العادات والقيم التي يرتجى من إقامة هكذا نشاط . ■