[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
” .. حياة الإنسان القائمة على النمو تكوينا وفكرا وتعليما وخبرة، في تدرج مرحلي لاكتساب المعرفة والمال والترقي واكتساب الأصدقاء وتدعيم شبكة العلاقات ... تتضمن مجموعة من الفصول التي تحكي قصة هذه الحياة، وللحياة الواحدة قصص وتجارب وخبرات لا تحويها المجلدات، أنماط من الأفكار والرؤى المتشابكة والمتباينة، نهج حياة، سلوكيات صالحة ناجحة وأخرى فاسدة فاشلة،”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتسم المراحل التي يمر بها النص الروائي بالترابط والتسلسل الطبيعي في عرض الأحداث وتقديم الشخوص الذين يصنع منهم الكاتب بما يمتلكه من أدوات إبداعية وملكات كتابية، الخيال الواسع، القدرة على توظيف اللغة في العمل الروائي، الأسلوب الشيق، السرد المحكم، الإلمام بتفاصيل الأحداث التاريخية والجغرافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية والعلمية ... ذات العلاقة بموضوع النص المعالج ...- يصنع - منهم أبطالا لروايته ليصل من خلالهم إلى تحقيق رسالته وغاياته من صناعة عمله الروائي، يكتشفها القارئ تباعا وهو يغوص في سطور الرواية شيئا فشيئا تدفعه الإثارة ويستدرجه التشويق ويستهويه تسلسل الأحداث وهو في أعلى درجات الاستمتاع والتحفيز، يستكشف المواقع ويطوف بين المدن ويشاهد الآثار وهي تطل من الكلمات، يستنشق غبار المعارك وعبير الأزهار ورائحة المطر، ويصغي إلى حوافر الخيل ويزلزله هدير الطائرات والمركبات والآلات في المصانع، ويعيش مع أبطال الرواية يتعرف على شخصياتهم وهويتهم وهواياتهم وسلوكياتهم وطرق تفكيرهم وأسلوب حياتهم ... التي يصوغها قلم الكاتب بتحكم واقتدار، براعة التشويق وصدمة المفاجآت هما فخ الاستدراج الذي يميز الرواية عن غيرها من الأعمال الأدبية، كما أن ترابط الأحداث في العمل الروائي والتسلسل المحكم في عرض الصور واستحالة فصل المشهد الأول للرواية عن المشهد الختامي يمنح الرواية صبغة العمل المترابط المتكامل الذي يستحيل تجاوز أو حذف فصل منه من خارطة القراءة ... الاستغراق في المتعة والإلمام بتفاصيل الأحداث والحكم على قيمة النص الأدبية وطبيعته والوصول إلى محتوى الرسالة التي أراد الكاتب إيصالها إلى القارئ، تلزم قارئ النص أو الباحث أو الناقد أو الهاوي قراءة جميع فصول الرواية، ومتى ما جاوز أيا منهم فصلا أو أكثر من فصول النص فسوف يفقد تلك المتعة وما يرافقها من تشويق، ولن يتمكن في المقابل من الحكم على قيمة النص بموضوعية واقتدار ولن يصل إلى أهداف الكاتب، إذ أن فصلا أو أكثر من فصول الرواية بات مفقودا من الخارطة المتضمنة بعضا من تفاصيل الأحداث ...
وحياة الإنسان القائمة على النمو تكوينا وفكرا وتعليما وخبرة، في تدرج مرحلي لاكتساب المعرفة والمال والترقي واكتساب الأصدقاء وتدعيم شبكة العلاقات ... تتضمن مجموعة من الفصول التي تحكي قصة هذه الحياة، وللحياة الواحدة قصص وتجارب وخبرات لا تحويها المجلدات، أنماط من الأفكار والرؤى المتشابكة والمتباينة، نهج حياة، سلوكيات صالحة ناجحة وأخرى فاسدة فاشلة، علاقات مثيرة تربطه بعناصر الحياة، مضحكة ومسلية ومبهجة أحيانا، مبكية محزنة مؤلمة في أحيان أخرى، أثره وتأثره بهذا المحيط الواسع، التطور الذي يصاحبه، إنجازاته وفشله في الحياة ... قصة الإنسان هذه تتألف من عدد من المشاهد المتسلسلة التي تنقله طبيعيا من مشهد إلى آخر وفق حلقات متتالية ومترابطة ومنطقية يحكم تحركها زمان ومكان، في كل مشهد يعيش دقائقه الزمنية بحواسه فيستوعب تفاصيله ودقائقه وتطوراته وأحداثه بحلوها ومرها، بنجاحها وإخفاقاتها، يستفيد من تجاربها ويتعلم دروسها ويستوعب مضامينها، فينتقل إلى المشهد التالي وقد اكتسب من الأول مهارات وتجارب ودروس وخبرات لا تقدر بثمن في مسيرة الحياة الإنسانية، في هذه المشاهد المترابطة لا يمكن فصل جزء عن الآخر أو تجاوز مشهد من مشاهد الحياة والانتقال إلى ما بعده، وليس المقصود بذلك البعد الزمني الذي يستحيل تجاوزه أساسا، وإنما المقصود من ذلك أحداثه ومستجداته وإفرازاته وحيزه المكاني وتطوراته ومعارفه وما يميزه عن سابقه، ومشاركة الإنسان في صناعة الأحداث وفي صياغتها ومعايشة حركتها ونموها مؤثرا ومتأثرا بها يستفيد من دروسها ويتعلم من مدارسها، في هذه البيئة القائمة على الحركة والتفاعل والترابط يصبح من اليسير على الإنسان فهم أسرار الحياة وتحليل حركة الأحداث وقراءة التطورات الكائنة قراءة سليمة والانتقال تدريجيا في صناعة ومعايشة هذه التطورات ... أما في حالة انفصال أو غياب جزء من حياة الإنسان من الممارسة والمعايشة التي تشكل أساس حياته، أو تخلفه وتجاهله وسكونه عن الإسهام في البناء والتطوير والعمل والتعلم ومتابعة ما يحدث في هذا العالم من طفرات علمية وسياسية واقتصادية وبذل الجهد في محاولة فهمها واستيعابها وتحليل الواقع واستشراف المستقبل والإعداد له ... فسيؤدي به ذلك إلى الخلل والضعف والجهل، وهذا هو بالضبط ما حدث لمجتمعاتنا النامية التي انتقلت من مشهد الحياة التقليدية المتخلفة على جميع المستويات الفكرية والمعرفية والتكنولوجية والسياسية ... بممارساتها ومعايشاتها وأساليبها النمطية إلى مشهد المتلقي المستهلك للثورة العلمية التكنولوجية التقنية الآتية إليه من العالم المتقدم والتي أبقته على جهله وتخلفه بأسرار هذه الصناعات والوسائل والعناصر التكنولوجية الغامضة التي ظل برهة من الزمن غير مؤمن بوجودها أصلا حتى باتت جزءا من حياته يتقلب في نعمائها لكنه عاجز في المقابل عن القيام بنفسه بصناعتها أو حتى بإصلاحها متى ما أصابها القصور أو التلف، ذلك العجز وذلك الخلل والجهل سببه أن عالمنا الناعس انتقل من مشهد كان فيه الأصل والمحور إلى مشهد جديد، أصبح الآخر فيه هو المحور والأصل، المسافة في الطفرة العلمية والتقنية مضمونا ومحتوى أصبحت بمرور الأيام شاسعة، هذه المسافة عجز عالمنا عن ردمها فظل متسمرا كما هو في موقعه يتابع المشاهد الزمنية تتحرك وهو في موقف المتفرج الساكن المتواكل الخامل، لأنه انتقال غير طبيعي تجاهل فيه مشاهد العلم والعمل والإبداع والإسهام في صناعة التقدم ومشاركة عالمه صناعاته وعلومه في فصول رواية الحياة .


[email protected]