[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
واصلت واشنطن ضخ المزيد من المعلومات التي تشير إلى فشل برنامج التفتيش الذي بدأ عام 1991، بسبب غياب المفتشين أواخر عام 1998، وجاء في تقرير لوكالة المخابرات المركزية (CIA) وزعته أوائل أكتوبر عام 2002، أن بغداد استغلت غياب المفتشين لتنشيط برنامجها الكيمياوي والبيولوجي.
كما أكد ذلك التقرير امتلاك العراق مئات الأطنان، من الغازات السامة واستمرار العمل في ثلاثة مراكز لإنتاج الأسلحة الجرثومية. وجاء في التقرير، الذي روجت له وسائل الإعلام الأميركية والعالمية وحتى العربية على نطاق واسع، أن الجوانب الأساسية في برنامج الأسلحة البيولوجية الهجومية تعمل بشكل فعال، وأن معظم العناصر الداخلة في هذه الأسلحة أصبحت أكثر وأكبر تقدما مما كانت عليه قبل حرب الخليج، وأكد التقرير أن لدى العراق مختبرات جرثومية متحركة، يمكن إخفاؤها بسهولة.
في تلك الأثناء، التي تم فيها تسريب هذا التقرير، الذي لم يترك جانا من الأسلحة، إلا وأكد تطويره من قبل الحكومة العراقية، ولإعطاء الموضوع المزيد من المصداقية والانتشار في أوساط الرأي العام الأميركي والدولي، أقدم مدير وكالة المخابرات الاسبق جورج تنت، على تقديم تقرير إلى مجلس الشيوخ، كان ذلك في الخامس من أكتوبر 2002، وقصة ذلك التقرير جاءت على خلفية النقاشات الحامية التي حصلت أواخر سبتمبر، أي قبل أسبوع من ذلك التأريخ، داخل مجلس الشيوخ، وطالب فيها السيناتور بوب غراهام تقديم تقارير لها صلة بالعراق، واتهم لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، بانتهاج أسلوب العرقلة، لكن جاءت خلاصة تلك النقاشات، التي أثارت اهتمام الرأي العام، بما ينسجم وتحرك الإدارة الأميركية، حيث قال بوب غراهام، لقد حصلنا على معلومات كثيرة، كانت جلسة مفيدة للغاية، التي حضرها جورج تنت.
من جانبه، ناغم الرئيس الاميركي في حينه جورج دبليو بوش تلك التحركات وقال في خطابه الأسبوعي، الذي صادف في نفس يوم جلسة مجلس الشيوخ التي أشرنا إليها، قال: العراق يمثل خطرا متناميا لأميركا، وأن شن حرب ضد العراق ربما يكون حتميًّا.
كان كلام الرئيس الأميركي، الذي تزامن مع تسريب تقرير السي آي أيه، ونقاشات الكونغرس، موجها إلى ثلاث جهات، هي الحكومة العراقية، والرأي العام الأميركي، الذي تجري تهيئته للحرب، والأمم المتحدة، وبالتحديد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وبينما كانت الشبكة السياسية والإعلامية تنشغل بالشأن العراقي، وتعمل على اشغال الناس به، كان هانز بليكس كبير المفتشين يتباحث مع وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول وكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، وقال في نفس يوم خطاب جورج بوش، إنه مقتنع بضرورة تبني قرار جديد من الأمم المتحدة بشأن العراق، يضع آلية خاصة ومحددة لعودة مفتشي الأسلحة إلى العراق، أما كولن باول، فقد أعلن عن قرب التوصل إلى اتفاق في مجلس الأمن يفرض على بغداد شروطا حازمة جدا.
إن قراءة متأنية للنشاطات الأميركية والإعلانات التي صدرت من جهات مختلفة، خلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر عام 2002، والتحرك المستمر داخل أروقة الأمم المتحدة، تشير إلى أن الإدارة الأميركية، بدأت برسم الملامح الأساسية للحرب، لكن لم يتم تحديد موعد نهائي لتلك الحرب، التي ما زالت بحاجة لاكتمال بعض أدواتها الأخرى، ومن أهمها كسب المزيد من الأصوات المؤيدة لواشنطن في مشروع الحرب المقبلة، ويعتمد ذلك على طبيعة التحرك والضغوطات التي تمارسها الإدارة الأميركية.
بدأ تسخين الأجواء في مختلف دوائر القرار داخل الولايات المتحدة وبريطانيا، ونهض الإعلام الدولي والعربي بدوره في الترويج على اوسع نطاق لأكبر كذبة في التاريخ الحديث والتي نتج عنها هذا الكم الهائل من الدمار والخراب والدماء.