[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
حقا انه عالم بلا امان لانه فقد عقله، وفاقد الشيء لا يعطيه، فكيف لدولة عظمى كأميركا، ان تكون نزيهة وهي ليست كذلك .. اصحاب الخبرة يقولون كلاما من هذا القبيل لا يقبل التأويل لأنه حقيقة ساطعة.
يتصرف الاميركي كدولة لها وصاية على الأرض .. ذات زمن، قيل عنها انها جاءت محملة بكل ما يشع انسانية على البشرية .. فإذا بها تفتح عهدها ذاك بقنبلة ذرية على هيروشيما واخرى على ناغازاكي، ثم تتبع ذلك بحرب تدمير كوريا وقسمتها إلى شطرين. ثم مظالمها في اكثر من مكان وصولا إلى الدعم اللا محدود للكيان العنصري العبري، بل يبدو ان تجاربها في العالم، كان بمثابة خبرة للتمتع بنا نحن.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال انها وسيط غير نزيه، كرر جملته الاثيرية مرات من اجل ان تثبت في عقول الفلسطينيين، حتى اذا اخفقت كل السبل لإقامة دولة فلسطينية تكون هي المسؤولة، بل هي من اوصل القضية الفلسطينية إلى هذا المناخ الشيطاني.
كم حلمت شعوب بنصير دافئ ليس له ملامح طمع أو مصالح تطفو على سطح علاقاته. لن نجد مثل هذا النصير في أي مكان، وبالتالي ستسقط اقنعة الأنسنة التي غطت بها اميركا وجهها كي تتقرب إلى الآخرين، والحقيقة انها شاء الآخرون او لم يشؤوا كانت ستخترقهم بشتى الطرق ولو سحقا، فهي ايضا لن تكون وسيطا غير نزيه فقط، بل دولة تمد يد عون من الفولاذ الذي يحطم الآخر.
كثيرا ما أثارتني في مرحلة الشباب الغض تلك العلامة على اكياس من انواع مختلفة ليد تصافح يدا وعليها العلم الأميركي .. كانت اميركا بنظرنا في تلك الأوقات حلما او جنة من الجنات كما وصفها احدهم .. بل كانت تعبيرا عن قفزة انسانية مثيرة لما بلغته من امكانيات وقدرات ومواهب ومحققات ونجاحات في كل الحقول .. وكان العقل العربي اذا ما اراد طريقا إلى نصرة ذاته، يتعلق بأميركا ويجد نفسه ودون ان يدري سالكا الطريق إليها.
كانت عالما يسيل لعاب كل من يفكر بالسفر إليها، حلم كبير لمن يريد مكانا ليس له شبيه تحت الشمس .. كانت الأمل الذي راود شبابا من جيلي، لكن بعض المواهب الفذة من امثال غيفارا بدأت تقدم قراءتها لشكل الدولة العظمى على انها لن تكون كما تقدم وصفه بل هي الامبريالية بعينها، وهو وصف تحطيم لها.
عبرتنا كان العراق، احتلاله زاد في تعرية تلك الدولة وفي اصغائها لصعاليك من "المفكرين" الصهاينة وغيرهم. وها هي اليوم تزيد من بشاعة تاريخها مع العرب في الواقع الذي تريد فرضه في شمالي سوريا، ولا اخفي دورها في مسألة الغاز العالقة بين لبنان واسرائيل، بل التعدي الإسرائيلي على الثروة الغازية الوطنية اللبنانية.
من اين اذن يمكن ايجاد نصير للدول النامية التي تشكل الجزء الأكبر من هذا العالم .. اذا احصينا حقيقة تلك الدول سنجدها خائفة مذعورة على مستقبلها من الأميركي تحديدا، وخصوصا عالمنا العربي في كل مندرجاته، واكثر تحديدا في مستقبله الوطني والسياسي، وفي مشكلته القائمة منذ نكبة فلسطين وهي القضية الفلسطينية.
هو العصر الأميركي اذن الذي تحدث عنه كثيرا محمد حسنين هيكل من باب التنويه للعرب بحقيقة القوة التي تحكم العالم وتحكمهم لكي يتنبهوا.