[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
زار العراق سنة 1180م السائح اليهودي الربان بتاخيا من مدينة راتسبون، وقال إن في بغداد 1000 يهودي يخرجون مقنعين دائماً، وقال بعد وفاة الجالوت دانيال بن حسناي، تولى هذا المنصب ابن أخيه يسانده ربان سموئيل بن علي وكان للربان سموئيل ابنة فقيهة تدرس طلاب العلم وكانت تلقي الدروس عليهم من شباك عال وهم جلوس بحيث لا تراهم ولا يرونها.)
وظهر في بغداد في النصف الاول من القرن الحادي عشر شعراء مهمون وشخصيات ذات مناصب رفيعة في الحكومة ونذكر منهم الشاعر الرباني اليعزر بن يعقوب والفيلسوف اليهود عز الدولة ابن كمونة وعوائل الماشعييري والكرم وشبر والرباني اسحق الحوني ويعد هذا من منشطي العلوم أكثر مما يعد بين المؤلفين، وجاء الى بغداد من البرتغال الربان موسى بن شثت الشاعر الذي نقل الشعر العبري الى بغداد.
يعترف الكاتب اليهودي ابراهام بن يعقوب في كتابه (موجز تاريخ يهود بابل ص80 الطبعة العبرية القدس 1971) ان المغول قد احتلوا بغداد سنة 1258م بمساعدة اليهود، وتعد تلك السنة من التواريخ التي لا يمكن ان تنسى في تاريخ بغداد، ففيها دخل التتار مدينة الثقافة والعلم والحضارة، ودمروا كل شيء فيها واحرقوا مكتباتها، وكان يوم نزول المغول الى بغداد قد صادف منتصف شهر محرم من سنة 656هـ ودخل حفيد جنكيز خان بغداد وتحت امرته عسكر جرار، وفي اليوم السادس والعشرين من محرم، تم حصار بغداد من كل جانب، وفي الرابع من صفر اضطر الخليفة العباسي المستعصم بالله الى الحضور بين يدي القائد المغولي ومعه اهله واولاده، ثم دخلت عساكر هولاكو وخربت ودمرت وسلبت وقتلت وكان هولاكو قد طوى الصفحة الاخيرة من حكم العباسيين الذين حكموا مدة اكثر من خمسة قرون قام منهم سبعة وثلاثون خليفة.
وبقيت بغداد تحت الحكم المغولي من سنة 1258 الى 1335م، وتحسن وضع اليهود في ذلك العهد، وبلغ عدد اليهود الذين يدفعون ضريبة الرؤوس حوالي 3600 يهودي وكان لهم ستة عشر كنيساً.
وفي ايام الملك ارغون خان (1284-1291م) ذاع صيت اليهودي المعروف بـ(سعد الدولة الذي شغل في البدء منصب طبيب السلطان، وعندما وجد السلطان فيه الكفاءة المالية العالية، ولقربه منه عينه في سنة 1289م وزيراً للمالية واصبح هو المسؤول عن مراقبة الضرائب، اضافة الى اشرافه على واردات وصادرات الدولة، وبعد ان حقق نجاحات مالية كبيرة عينه السلطان المغولي رئيساً للوزراء على جميع الإمبراطورية المغولية واعطاه صلاحيات كبيرة، ولكن عندما مات ارغون-خان توجهت اليه اصابع الاتهام، وقيل انه هو الذي تسبب بموت السلطان وتوزعت الاتهامات بين كونه لم يقدم العلاج المناسب له، وبين ان يكون قد دس السم اليه، وقتل في سنة 1291، وانعكس ذلك على اوضاع اليهود وقيل انها قد ساءت وكان قد تم تعيين اخيه فخذ الدولة ناظراً عاماً على مزارع الدولة واخيه الثالث أمين الدولة حاكماً على الموصل.)
ويظهر طبيب آخر من اليهود ليحتل موقعاً حكومياً كبيراً، وهو الطبيب الثري الذي اسمه رشيد الدولة وقد بلغ مكانة عالية وعين رئيساً للوزراء في زمن السلطان اولجيتو – خان الذي سمي ايضاً محمد خربندر-خان (1305-1316م) وقيل انه قد دس السم للسلطان ايضاً واعدم سنة (1318م) وساء وضع اليهود من جديد كما يقول ابراهام بن يعقوب. ومن المعروف انه بعد ان سيطر المغول انتقل الحكم الى السلالة الجلائرية (1336-1376م) وكان وضع اليهود سيئاً جداً في زمن الجلائريين، ففي سنة 1244م وفي عهد السلطان الشيخ حسن بوزورج (بزرك) (1339-1356م) الذي ثبت بغداد عاصمة للسلالة، وقعت فيها مجازر باليهود، ونهبت املاكهم وخربت الكنس واتلفت اسفار التوراة واضطر عدد من اليهود الى تغيير دينهم، وحول ما حصل نظم الشاعر اليهودي اهرون براهام حكيمان الذي عاش في بغداد في النصف الاول من القرن الرابع عشر ، مرثاة في فترة افول الشعر العبري في الشرق، وكتب في بعض قصائده مديحاً لرئيس الجالية الوزير شلوم بن فنحاس الذي عمل بمنصبه هذا في بغداد، وفي سنة 1376م برز في بابل الزعيم دافيد بن هوذي.)
وفي سنة 1393م احتل بغداد تيمورلنك الذي دمر جزءاً كبيراً من المدينة، وهرب معظم السكان وبضمنهم الكثير من اليهود الى جبال كردستان والى مدن سوريا ومكثوا هناك فترة طويلة، وشمل ذلك مدناً عراقية عديدة اخرى، فخلت بغداد من يهودها لمئة سنة، ويقول (Mendelssohn) ان اليهود قد خافوا بعد ان دخل هذا الطاغية وان كثيرين منهم قد قتلهم التتار ويقال ان اصحاب تيمورلنك قتلوا في تلك السنة نحو عشرة الاف يهودي في البصرة والموصل وحصن كيفا ودمروا مدارسهم وانقطعت الرئاسة بينهم زمناً طويلاً، وتبددت الجماعة في المدن والاقاليم فغدت حالهم مؤلمة موجعة.)
ولما مات تيمورلنك رجع احمد الجالائري الى بغداد وتسلم مقاليد الحكم حتى سنة 1410م عندما استولت حكومة (الخروف الاسود) ثانية ، ثم بعدها حكومة الخروف الابيض وكان مؤسسها حسن الطويل..