[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fawzy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]فوزي رمضان
صحفي مصري[/author]
” .. تعتبر إسرائيل هى اللاعب الأبرز والأكثر انخراطا، فى صراعات مع دول الجوار الجغرافي في حوض المتوسط بشأن الغاز، فقد دخلت في صراعات مع الفلسطينيين، وعرقلت الاتفاقيات المبرمة للسلطة الفلسطينية مع شركات التنقيب في حقل (غزة مارين) واستولت لنفسها على أربع حقول لاستخراج الغاز، أهمها حقل (تامارا) الذى يعتبر ثاني أكبر حقل غاز طبيعي في منطقة حوض المتوسط ، باحتياطي 10 تريليونات قدم مكعب، ”

لم يشهد العالم خلافا على الطاقة يصل إلى التهديد، وصراعا يتصاعد إلى التلويح بالحسم العسكري، كما يحدث حاليا بين دول حوض البحر المتوسط الأغنى في العالم، بعد اكتشاف احتياطيات هائلة تصل الى 120 تريليونا من الغاز 1.6مليار برميل من النفط ، وكما تشير الدراسات فان غاز هذا الحوض وكذلك النفط موجودان على عمق واحد وفي حوض واحد، بداية من شواطئ شبة جزيرة سيناء المصرية غربا، مرورا بشواطئ فلسطين ولبنان وسوريا وقبرص واليونان وصولا الى تركيا.
لذا فمن يبدأ الاستخراج أولا يكون بإمكانه ان يستخرج حصة الاخرين من الدول المجاورة، بعد ان ظلت الحدود البحرية، قليلة الاهمية مقارنة بالحدود البرية المتنازع على معظمها، ونظرا لوجود صراعات وتوترات بين تلك الدول، فان القادم ربما يكون حرب الغاز بعد أن أصبح القرن الحادي والعشرين هو عصر الطاقة النظيفة.
ويفسر لنا هذا الصراع منذ التدخل العسكري الروسى الأخير على خط الأزمة في سوريا، لتكريس النزاع الدائر على مصادر الطاقة العالمية وتتطلع موسكو للسيطرة على امدادات الطاقة لأوروبا ، والاستحواذ على كعكة غاز المتوسط ، والسيطرة على غاز سوريا صاحبة اطول شواطئ على هذا الحوض، ويفترض ان تكون لها الحصة الاكبر من تلك الاكتشافات.
وتعتبر اسرائيل هي اللاعب الأبرز والأكثر انخراطا، في صراعات مع دول الجوار الجغرافى فى حوض المتوسط بشأن الغاز، فقد دخلت فى صراعات مع الفلسطينيين، وعرقلت الاتفاقيات المبرمة للسلطة الفلسطينية مع شركات التنقيب فى حقل (غزة مارين) واستولت لنفسها على اربع حقول لاستخراج الغاز، اهمها حقل (تامارا) الذى يعتبر ثانى اكبر حقل غاز طبيعى فى منطقة حوض المتوسط ، باحتياطى 10 تريليونات قدم مكعب، كما استولت من مصر على حقل (شمشون) الذى يبعد 114 كيلو مترا من المياة الاقتصادية المصرية، رغم ان القوانين البحرية تحدد 200 كيلو عمقا لكل دولة فى حدودها البحرية.
ولم تكن اسرائيل فقط المستغلة لحقول غاز المتوسط، بل ان حقل (افروديت) الذي اكتشفته واستغلته قبرص عام 2011 ، والذي يقدر قيمته بحوالي 200 مليار دولار، يقع في المياه الاقتصادية المصرية، كل هذه الانتهاكات تمت في غياب ترسيم الحدود البحرية بين تلك الدول ، ولم تظهر اية مشاكل اواعتراضات بين دول الاقليم لزمن طويل، لكن بظهور تلك الاحتياطيات الهائلة من الغاز، اصبح يمثل احد ابرز وسائل الصراع السياسى، الذى نشب بين مصر وتركيا على خلفية نظام الاخوان، بعد ثورة 30 يونيو، وبين قبرص وتركيا اثر الاعتراف التركى بشمال قبرص، وبين تركيا واليونان على خلفية الصراعات التاريخية بشأن القضية القبرصية وبحر ايجة.
لذا فقد تبنت مصر استراتيجية الدعم السياسي والتقارب مع خصوم تركيا في المنطقة خاصة قبرص واليونان، وعلى ذلك عقدت القمة الثلاثية في القاهرة بين رئيس مصر عبد الفتاح السيسى ورئيس قبرص ورئيس وزراء اليونان اسفرت عن اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية البينية، ودخلت حيز التنفيذ منذ العام 2014 كذلك اتفاقيات ثلاثية للتعاون العسكري.
وقامت السلطات المصرية إثر ذلك بالاتفاق مع شركة اينى الايطالية للحفر والتنقيب عن الغاز فى نطاق حدودها البحرية، وفقا للاتفاقية المبرمة بين الأطراف الثلاثة ، وتم إيداعها في الامم المتحدة كوثيقة معترف بها دوليا، ونتيجة لذلك كان انتاج حقل ( ظهر) الاكبر عالميا بمخزون احتياطى 30 تريليون قدم مكعب سيوفر 2.6 مليار دولار سنويا ومع تزايد مراحل الانتاج ، تصل مصر الى حد الاكتفاء الذاتى والتصدير فيما بعد، مما يعتبره البعض منحة ربانية تدعم خطط وطموح النظام الحاكم فى تمويل مشاريعه العملاقة.
وبعد ايام من الاعلان عن الانتاج المبكر لحقل ظهر، دخلت تركيا على الخط باعلانها، بدء التنقيب عن الثروات الكامنة داخل مياهها الاقليمية، وصرح داوود اغلو ان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المبرمة بين مصر وقبرص، عام 2013 شرق البحر المتوسط لأتحمل اية صفة قانونية، واعتبرت ان الحكومة القبرصية لا يحق لها التوقيع على اية اتفاقيات، طالما ظلت جزيرة قبرص التركية قائمة، رغم ان قبرص التركية وعاصمتها ليفكوشة لايعترف بها من العالم سوى الاتراك فقط ولاتتعدى مساحتها 35% من مساحة الجزيرة ،التى تشغلها الجمهورية القبرصية وعاصمتها نيقوسيا، والتى تحظى بالاعتراف الدولى وعضو في الامم المتحدة والاتحاد الاوروبى.
وعلية منعت تركيا اعمال الحفر التى تعاقدت عليها قبرص مع شركة إينى الايطالية، بل صدرت الأوامر للبحرية التركية للاشتباك واعتراض سفن شركات التنقيب في تلك المنطقة، الوضع جد خطير ينذر بحروب سياسية وعسكرية في ظل التوترات بين معظم دول الحوض ، فهل يصل صراع الطاقة الى حروب وتصفية حسابات .....الجميع يترقب، فمابين مرحب بتلك الحقول باعتبارها نواة تعاون إقليمى بين دول شرق البحر المتوسط وبين متوقع، باندلاع حربا حول تلك الحقول واعادة ترسيم الحدود، انها حروب الاقتصاد والطاقة والعيش، وليست حروب الديمقراطية والحرية.