[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
بين مصدقين وغير مصدقين، وقعت اتفاقية أوسلو التي يجزم البعض أنها انتهت لصالح اسرائيل .. وبحكم المعلومات التي نشرت عن تلك الاتفاقية والدور الذي لعبه الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أجل إنجازها، فإن التاريخ الوطني الفلسطيني وخصوصا في جانبه الكفاح المسلح، أقر في كل مناسبة، وفي أدبياته، بل في أغنياته المتعددة أن لاصلح ولا تفاوض مع اسرائيل، بل ذهبت احدى الاغنيات لتقول " لاصلح لا استسلام مليون لا ".
تلك المليون الرافضة لم تثبت على قسم، ذهبت ادراج الرياح، حين شرع في البحث عن كيفية انهاء الكفاح المسلح وهو الثورة الناطقة بلغة التحرير، وبعث الجانب المضاد وهو الحوار .. فلا الاتفاقية ثبتت فحواها، ولا الحوار ادى الى نتيجة سوى الى انقطاعه وزيادة اعداد المستوطنات .. بل كما يقول احد العارفين من اهالي الجليل الفلسطيني في وصف تلك المستوطنات، انها مجرد مواقع امنية في شكل بنائها، وفي الامكنة التي تبنى فيها، وهي تحديدا في رؤوس الجبال او المرتفعات من اجل السيطرة على محيطها ، او تحركها امنيا للسيطرة ساعة يتطلب الامر ذلك.
ذات سنة من مطلع الثمانينات وكان الرئيس اليوغوسلافي جوزيه بروز تيتو مازال حيا، لكنه في وضع صحي صعب للغاية، بحيث تتطلب مقابلته لدقائق عملية اعداد صحية طويلة، تم تحديد موعد كما يقول مستشار ياسر عرفات آنذاك للشؤون الحقوقية مع تيتو فأعطي له عشرون دقيقة فقط، وتم الاتفاق ان يطرح عرفات بشكل سريع كل مايريده من اللقاء .. وحين تم بالفعل سأل تيتو الوفد الفلسطيني عن افكاره بشأن مستقبل القضية الفلسطينية، تحدث عرفات لكن تيتو يبدو انه لم تعجبه الاجابة، فإنهى اللقاء بقوله له اياكم ان تفاوضوا اسرائيل او تصالحوها وانتم اضعف منها لأنكم ستخسرون قضيتكم حتما.
مرت الأيام ليحدث ماتوقعه تيتو حين سلمت القيادة الفلسطينية باتفاقية الضعيف الذي دفع ثمنها غاليا لعدم التزام اسرائيل بها، بل نفذت عكس ماجاء فيها ..
وهكذا كان، والواقع الفلسطيني يحدثك اليوم عن وضعه الصعب أمام زحف المستوطنات الاسرائيلية وتآكل الارض الفلسطينية، ناهيك عن العمل الدؤوب لشطب العودة، ثم جاءت خطوة الرئيس الأميركي ترامب باتخاذ مدينة القدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة اليها ، بمثابة الضربة التي صفعت كل امر فلسطيني بايجاد حل في المديين المتوسط والبعيد للقضية الفلسطينية.
اما الشعب الفلسطيني الذي حوصر بين الحوارات الامنية للسلطة الفلسطينية والامن الاسرائيلي، فقد تمرد تماما على اية اتفاقية وعلى أي التزام مشين بحقه، وراح يعبر بطرقه المختلفة عن حضوره الوطني والثوري والتزامه بروح التضحية التي لم يحد عنها .. حتى وصل الأمر بهذا البطل الشهيد احمد جرار من مقاومة جيش اسرائيلي باكمله حتى لحظة استشهاده .. اما البطلة الشابة عهد التميمي فيتحدث عنها الغرب اكثر من الشرق اعجابا بادائها ومقاومتها لجيش كامل من خلال موقف بطولي فيه الكثير من التحدي الذي يسجل لهذه القتاة الصغيرة السن.
ذهبت مليون لا اذن ادراج الرياح وحل محلها مليون نعم ظلت ملغومة ثم انفجرت بالقيادة الفلسطينية وادت بالشعب الفلسطيني الى تلك الحيرة، مما دفعه لخيارات خاصة اخترعها بنفسه بعدما اختنق من الحصار الامني الذي فرض عليه، ومن الصعب ان يرتاح او يمل او يكل.