[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
عندما استأنف المفتشون نشاطاتهم ثانية داخل العراق، استيقظ أبناء مدينة بغداد، صباح السابع والعشرين من نوفمبر- تشرين ثاني من العام 2002، على صوت صفارات الإنذار، التي سرعان ما أعادتهم إلى حقب مختلفة ومتشابهة، كان أولها حرب الثمان سنوات مع إيران 1980-1988، وحرب عام 1991، ثم عام 1998. وانتشرت في بغداد شائعات عدة، بعضها يقول أن الأميركيين قد رتبوا مع لجان التفتيش التي وصلت قبل عدة أيام، وأن انقلاباً عسكرياً قد حصل ضد الرئيس صدام حسين، آخرون قالوا أن الطيران الأميركي تمكن من تعقب موكب الرئيس صدام حسين قرب القصر الجمهوري بمنطقة الكرخ، وتم قصف موكب الرئيس. الغريب أن هذه الروايات سرت بسرعة بين العراقيين، ويبدو أن الأجهزة المعنية، علمت بسريان تلك الشائعات، فصدر بيان رسمي، يوضح سبب إطلاق صفارات الإنذار، وكان بسبب وجود طيران أميركي على ارتفاع شاهق فوق بغداد، وتم تفسير ذلك على أنها رسالة أميركية واضحة، تقول فيها أنها -هنا - موجودة بالقرب من الحدث.
ما أن سارت الأمور في اليوم الأول من التفتيش بصورة طبيعية، وتأكد عدم صحة ما تناقله الناس، خلال ساعات الصباح، حتى أخذت أسارير العراقيين بالانشراح، ورأى الكثيرون منهم، أن العديد من التعقيدات في حياتهم، ستنتهي، خاصة إن جميع المشاكل والهموم التي أثقلت حياتهم ومستقبل أبنائهم، ارتبطت بموضوع أسلحة الدمار الشامل، التي ارتبط بها مصير العراق، بما سيؤول إليه موضوع الأسلحة، لأن رفع العقوبات، لا يمكن أن يتم، إلا بعد التأكد، من خلو العراق من هذه الأسلحة.
اعتقد الكثير من العراقيين، أن صفارات الإنذار، التي سمعوها، ربما ستكون آخر ما يطرق أسماعهم من هذا النوع من الأصوات، التي تنذر بالشؤم والقتل والدمار. ولم يدر بخلد الغالبية منهم، ما ستكون عليه النهاية، بعد هذه البداية الناجحة، التي وصفتها مساء ذلك اليوم ميليسيا فيلمنغ المتحدثة باسم انموفيك، وهي أميركية الجنسية، بأن عمليات التفتيش تسير بصورة جيدة. واستمع العراقيون إلى تلك التصريحات، التي أطلقتها فليمنغ من فندق القناة بجانب الرصافة ببغداد، الذي اتخذته لجان التفتيش مقراً لها، لنزع أسلحة الدمار الشامل، وتم تدمير هذا الفندق، بمن فيه في نهاية المطاف بعد الاحتلال الأميركي للعراق ، وكان ذلك مطلع آب/أغسطس عام 2003، بعد انفجار سيارة مفخخة تحت مكتب سيرجيو ديميلو ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، الذي قُتل من جراء ذلك الانفجار، ولم يمض حينها على الاحتلال الأميركي للعراق سوى أربعة أشهر في حين نجا مساعده غسان سلامه.
في ذلك اليوم، وهو الأول في عودة المفتشين، أعلنت مصادر (انموفيك) أن المفتشين متحمسون للعمل ولإنجاز مهامهم.
من جانبها، أطلقت وكالات الأنباء قصصها الأخبارية، ضمنتها عبارة متشابهة تقول، أن اليوم الأول من التفتيش، لم يشهد حصول أي حادث، باستثناء قيام طائرة أميركية بالتحليق على ارتفاعات شاهقة في أجواء العاصمة العراقية.
ولأن مهمة لجان التفتيش ليست غلق الملفات كما تقول المنظمة الأممية والبيت الأبيض، فأنها عملت على تهيئة الظروف لشن الغزو واحتلال العراق، فقد تواصلت نشاطات اللجان للإسراع بتنفيذ الغزو.