[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
قبل حضور كولن باول وزير الخارجية الأميركية إلى مجلس الأمن في الاجتماع الشهير قبيل الغزو، روجت مختلف وسائل الإعلام الأميركية والعالمية والكثير من وسائل الإعلام العربية، لحجم الأدلة التي سيعرضها المسؤول الأميركي، والتي تؤكد امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، ومن يقرأ اهداف تلك الحملات الإعلامية يتأكد أن العد التنازلي لشن الحرب قد بدأ بصورة جادة هذه المرة، وقال الكثيرون إن في حقيبة كولن باول الجديد والمثير وسيعرضه أمام أعضاء مجلس الأمن، وأمام العالم أجمع، وكان ذلك في الخامس من فبراير 2003.
قبل أن يعرض كولن باول تقريره في مجلس الأمن، تم تشكيل فريق عمل عراقي لتقييم هذا التقرير وما ترد فيه من معلومات.
وتم تكليف عدد من المسؤولين في الخارجية العراقية، ومن مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء طارق عزيز بمتابعة ما يقوله كولن باول أمام مجلس الأمن، وتم إلقاء التقرير في الساعة السابعة وعشر دقائق بتوقيت بغداد، وقبل منتصف الليل، وضع المكلفون بمتابعة الموضوع تقريرا مفصلا، أمام وزير الخارجية العراقي د.ناجي الحديثي، الذي يفترض أن يناقشه مع طارق عزيز المسؤول عن الملف العراقي مع الأمم المتحدة.
وحسب ما علمته، أن القراءة العراقية حملت بعض الارتياح، منطلقة من عدم وجود أدلة أو مؤشرات حقيقية وملموسة في تقرير باول، وكانت خلاصة التقرير العراقي تؤكد على أن ما قدمه كولن باول، لن يؤثر في مجلس الأمن، باتجاه أقناع أعضائه في التصويت لصالح ما تريده الولايات المتحدة وبريطانيا، كما أنه لن يكون مؤثراً في الرأي العام الأميركي، الذي يطالب بأدلة أكثر قوة ووضوحا من تلك التي قدمها كولن باول، بعد أن انتظر الجميع ذلك التقرير.
كما أن القراءة العراقية، لهذا التقرير، تؤكد ضعف أدوات الإقناع لدى الإدارة الأميركية، وهذا الأمر دفع ببعض المسؤولين العراقيين في اللجنة المذكورة، إلى ترجيح عدم وقوع الحرب الأميركية على العراق.
هذا يعكس في الواقع، حالة الضبابية، التي كانت تسيطر على العديد من المسؤولين والجهات في الحكومة العراقية، بشأن الحرب واحتمالات اندلاعها، في وقت أخذ العد العكسي يزداد بين ساعة وأخرى، لشن الحرب.
لقد كانت القراءة العراقية، ليست دقيقة، وفي الواقع، كان تقرير باول بمثابة الإعلان الأول لبدء الحرب، وهذا ما قلته أنا شخصيا عندما اختارتني هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) لأناقش ما قاله وزير الخارجية الأميركي كولن باول، وكنت الوحيد، الذي أشترك في المناقشات من داخل العراق، واعتادت الـ (BBC)، على استضافتي، في النقاشات التي تتناول الشأن العراقي، وكنت قد استمعت للتقرير من خلال استوديو إذاعة البي بي سي من بغداد. النقطتان الأساسيتان، اللتان رددت بهما على تقرير كولن باول، من خلال البي بي سي، هما:
الأولى: أن وزير الخارجية الأميركي، تحدث عن قدرات استخبارية عالية جدا، من بينها استراق المكالمات الهاتفية لكبار الضباط في الحرس الجمهوري، ولكن قلت إنه بعد اثنين وثلاثين دقيقة، من حديثه عن تلك القدرات الهائلة، يأتي ليتحدث عن سحب أسلحة دمار شامل من تحصينات للجيش العراقي، قبل بضع دقائق من وصول قافلة سيارات للمفتشين الدوليين إلى الموقع، هذا يعني ضعفا كبيرا في تحديد الأهداف ومعرفة ما يجري داخل المواقع الحساسة. وهذا يناقض تماما ما بدأ به كولن باول تقريره من قدرات استخباراتية عالية جدا.
الثانية: عرض صور لأماكن قال إنها تعود لجماعة "أنصار الإسلام"، في المناطق الشمالية، وفي ردي على هذه النقطة، قلت إن المواقع، حسب تقرير باول تقع في المناطق الشمالية من العراق، وهذه غير خاضعة للسلطة المركزية، منذ عام 1991، وبالرغم من تفنيدي لجميع ما طرحه باول إلا أن الموجة العاتية ذاهبة صوب الحرب والدمار، وأن ما طرحه باول حلقة من بين حلقات الغزو والحرب على العراق.