[author image="http://alwatan.com/files/2014/04/ahmedalma3shany.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]أحمد المعشني[/author]
بدأت الفكرة في عقل رئيس الفريق منذر الذهين منذ أقل من عامين، عندما تواصل مع أصدقائه ليرافقوه فسحة للرياضة والتنزه، فإذا بهم جميعا مشغولين، وهناك جلس يفكر، ثم هداه تفكيره إلى فكرة أن يعلن عن برنامج للسير الطويل من صلالة إلى مرباط فاستحسن الفكرة خاصة أنها تلامس طموحه الشخصي بعد أن قرأ كتابا بعنوان " من سيبكي عليك حين تموت" للكاتب روبن شارما، وقد كرس الشاب منذر كثيرا من وقته لفهم الكتاب، واستخلص منه رسالته في الحياة، وهو أن يبدأ بإسعاد أسرته، ثم اسعاد مجتمعه، وخدمة وطنه، ثم تحقيق ما يشعره بقيمة حياته في هذا العالم، بحيث يختم حياته بعمل جليل يبقى أثرا مستمرا يجعل الناس يستغفرون له ويذكرونه بخير، أعلن منذر عن برنامج المشي من صلالة إلى مرباط، وخلال فترة وجيزة تلقى اتصالات كثيرة ممن ينتظرون هذه الفرصة بفارغ الصبر. قام بتشكيل فريق تطوعي من أصدقائه ومعارفه وأسرته وكون حملة دعم للمشائيين، وانطلقت المسيرة الرياضية الرائعة في سبتمبر من العام الماضي من صلالة، مرورا بولاية طاقة ليختموا مسيرتهم في مرابط التي استقبلتهم بالحفاوة والترحيب. نجحت التجربة وتلقى منذر تشجيعا معنويا كبيرا من الكبار والصغار فدفعه ذلك إلى تنظيم الفعالية الثانية للفريق وهي السير لمسافة 60 كيلومترا من منطقة أجدروت بنيابة شهب اصعيب بولاية رخيوت إلى مدينة رخيوت عاصمة الولاية، استقطب الإعلان كثيرا من الراغبين الذي عبروا عن رغبتهم في المشاركة، حضر منهم 48 مشاركا تجمعوا يوم الجمعة 23 فبراير وانطلقوا بعد الصلاة بقليل من جامع منطقة أجدروت. بدأ الفريق مسيرته بذكر الله وترديد الهتافات والأهازيج الوطنية والحماسية والفلكلويرية. جمع الفريق مشاركين تجاوز بعضهم الستين من أعمارهم وبعضهم لا يزالون في العشرين، ترافقهم حافلة نقل وشاحنات مؤونة وأغذية واسعافات طبية، وكل ذلك تكبده الفريق من مواردهم الخاصة، فلم يحظ بدعم مالي يذكر من الشركات ومؤسسات القطاع الخاص. كان لي شرف المشاركة في الفعالية وحققت حلمي بأن أمشي مسافة طويلة تمهيدا لمسافات أطول، وحظيت بالتفاعل مع رئيس الفريق والإستماع إلى آماله وطموحاته، وأعجبت جدا بأفقه الثقافي ووعيه وحماسه واتزانه، أظهر قدرات قيادية وكان يحظى بتقدير واحترام الجميع، ويمتلك مهارات تواصل رائعة مع مختلف الأعمار والفئات، وخاصة أن المشاركين في الفريق يمثلون بيئات مختلفة من المدن والجبال والبادية ومن خارج محافظة ظفار. كان المسير تحديا شاقا لم يخل من المتعة والإثارة، استمتع المشاركون بمناظر الطبيعة الخلابة فقد كان الجو في اليوم الثاني رائعا، حيث لبست السماء السحب ورحب النسيم بالمشائئين وخفف عنهم الإرهاق ومسح عن وجوههم العرق، وأشعرهم بالمودة والترحيب، بينما كان الفريق الاعلامي لماحا وذكيا تلتقط كاميرات أعضائه المشاهد والمناظر ، وجرب جميع المشاة الإجهاد واستشعروا أهمية التدريب واللياقة وضرورة الإعداد لمثل هذا البرنامج بوقت كاف، وتمثل الجميع قيم الأخوة والرفقة والإيثار وانصهرت الفروق والعادات والتقاليد، وقام الجميع بالخدمة ولبس الجميع زيا واحدا، واستمتعوا بالنوم في المخيم بعيدا عن الفرش والسرائر والمكيفات، تمنيت لو يعطى لهذا الشاب وأمثاله دورا كبيرا لإظهار مواهبهم التطوعية بما ينتشل الشباب من الفراغ والحيرة وهم ينتظرون من يأخذ بأيديهم إلى اكتشاف النور الذي في أعماقهم وينتظر فرصة الشروق. كان السير حثيثا واقتربنا من رخيوت وبدأ المشاركون ينشدون في إيقاع جميل " إلى رخيوت جينا .. رخيوت المجد تستقبلنا" استقبلتنا المدينة التاريخية بعبق الماضي وقوة الحاضر التي تتمثل في المنشآت الحكومية الخدمية التعليمية والصحية والزراعية والاجتماعية وغيرها، رحب بنا سعادة الشيخ سيف بن أحمد الغريبي والي رخيوت وأحاطنا بجو ترحيبي وكرم حاتمي منذ لحظة وصولنا وحتى لحظة الوداع التي حمل فيها فيها المشاركون أجمل وأسعد اللحظات.

د. أحمد بن علي المعشني
رئيس مكتب النجاح للتنمية البشرية