سيدني ـ د.ب.ا:
ذكرت دراسة جديدة نشرت في سيدني امس الثلاثاء أن ارتفاع درجة الحرارة بسبب التغير المناخي، يمكن أن يؤدي إلى انقراض فصيلة البطاريق الملكية بالقارة القطبية الجنوبية. وتوقعت الدراسة التي نشرت في دورية "تغير مناخ الطبيعة" بأنه مع استمرار "الأوضاع كما هي عليه حاليا"، فإن ما نسبته 70% من فصيلة البطاريق الملكية - التي يبلغ اليوم عدد الأزواج المؤهلة للتكاثر منها 1ر1 مليون زوج - يمكن أن تهاجر أو تختفي من الوجود بنهاية القرن الحالي. وتأتي طيور البطاريق الملكية التي لا تستطيع الطيران في المرتبة الثانية من حيث الحجم في قائمة فصائل البطاريق، وتأتي فصيلة الإمبراطور في المرتبة الأولى. وتتكاثر طيور هذه الفصيلة داخل جزر منعزلة محددة فقط، لا يوجد بها غطاء جليدي وتتمتع بطرق تؤدي إلى البحر بسهولة، وتقع في المحيط المتجمد الجنوبي، ويمكن للبطاريق أن تقوم برحلات ذهابا وإيابا تمتد لأكثر من 600 كيلومتر بحثا عن الأسماك والقواقع في مياه القارة القطبية الجنوبية، بينما يمكن لصغارها عدم تناول الطعام لمدة أسبوع. وأدى ارتفاع درجة حرارة المحيطات إلى دفع المنطقة الأمامية من مياه القطب الجنوبي باتجاه الجنوب، وهذه المنطقة عبارة عن تيارات مائية متغيرة غنية بالمواد الغذائية، وتحدث عندما تختلط مياه البحار العميقة بمياه البحار ذات الحرارة المعتدلة وتوفر الطعام لأعداد هائلة من الكائنات البحرية. ويعني هذا التغير أن طيور البطاريق البالغة يتعين عليها الانتقال بعيدا عن أعشاشها بحثا عن الغذاء، تاركة صغارها جائعة لفترة أطول من المعتاد. ويقول إميليانو تروشي أحد المشاركين في إعداد الدراسة وهو عالم أحياء متخصص في تطور الكائنات بجامعة فيرارا الإيطالية "طيور البطاريق الملكية ستضطر إلى الانتقال إلى أماكن أخرى وقد تتعرض للاختفاء".
ويضيف تروشي "إن أكبر مستعمرات هذه الطيور تقع في جزر ستكون أكثر بعدا عن مصادر الطعام. وبعكس البطاريق الإمبراطورية فإن البطاريق الملكية لا يمكنها أن تبني أعشاشها فوق الجليد. بينما تقول سيلين لو بويك المشاركة في إعداد الدراسة " لا تزال هناك بعض الجزر في اتجاه الجنوب يمكن لطيور البطاريق الملكية أن تمارس فيها عملية التكاثر، غير أن التنافس بينها حول مواقع الأعشاش والطعام سيكون حادا، خاصة مع فصائل أخرى من البطاريق. وتضيف "من المتعذر التكهن بما سيحدث مستقبلا، غير أنه من المؤكد أنه ستحدث خسائر، وإذا كان علينا أن ننقذ البعض فيجب أن نبدأ الآن جهودا نشطة وتتسم بالكفاءة لحماية هذه الفصيلة، وفوق هذا كله وجود عمل منسق على المستوى العالمي".
وتشير إلى أن الحالة السيئة للبطاريق الملكية يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار لمستقبل البيئة البحرية للقارة القطبية الجنوبية برمتها. وتوضح لو بويك وهي عالمة بيئة متخصصة في كائنات الحياة البرية بجامعة ستراسبورج أن "البطاريق مثل طيور البحر الأخرى والثدييات البحرية تحتل مستويات غذائية أعلى في النظم البيئية، فهي تمثل ما نصفه بالمؤشرات الحيوية التي تدل على نظمها البيئية. وتضيف إن "البطاريق بالتالي كمؤشرات حساسة للتغير في الأنظمة البيئية البحرية، تعد كائنات أساسية لفهم تأثيرات التغير العالمي على طبيعة المناطق التي تعيش فيها أنواع معينة من كائنات الحياة البحرية، وفي المناطق القطبية بالنسبة للكائنات التي تعيش في المناطق شبه القطبية والقطبية".
وأشارت دراسة أخرى نشرت في وقت سابق من الشهر الحالي إلى أن صيد الأسماك على نطاق تجاري واسع إلى جانب التغير المناخي، يهددان أعداد القواقع في مياه القارة القطبية الجنوبية، الأمر الذي ستكون له نتائج كارثية على الكثير من الكائنات البحرية. وشن العلماء وأنصار حماية البيئة حملة لإقامة منطقة بحرية كبيرة للحماية في القارة القطبية الجنوبية، وهي فكرة اقترحتها ألمانيا أولا ويدعهما الآن الاتحاد الأوروبي.