[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/06/h.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]حمد الصواعي[/author]
تعد وبشكل عام عملية الإصلاح هدفا متجددا ومرتبطا ارتباطا وثيقا بحاجات حياة الفرد والمجتمع بمختلف مجالاتها المتشعبة ليكون الإصلاح التعليمي بأهدافه الكبرى أهمها على الإطلاق، ولذلك ظلت قضية إصلاح التعليم بغالبية دول العالم لها أولوية وطنية عظمى في ظل المتغيرات الجذرية والصراعات المتقلبة والتنافسية الدولية في عالم المعرفة والذي فرضه رتم سرعة مخاض الحياة بمجالاتها الواسعة ، مما استدعي بذل المزيد من الجهود الفكرية والعلمية والميدانية والعملية والتقويمية من الأمم الحية التي تنشد الرقي والتقدم لشعوبها وذلك لما يمثله جوهر التعليم من تأثير كبير وعميق على حاضر الأمم ومستقبلها وكمقوم حقيقي من مقومات النهوض المجتمعي وكذلك كدعامة رئيسية لكل تنمية مجتمعية مستدامة ولاسيما لم تعد قضية الإصلاح التعليمي مقتصرة على الدول النامية من أجل حلحلة مشاكلها التنموية واللحاق بالركب التقدمي العالمي بقدر المستطاع بغية تحقيق التطور الاقتصادي والعلمي والتقني ، فغالبية الدول الصناعية العظمى كما تفرزها كافة المؤشرات ولغة الأرقام والحقائق والنظريات لم تكتف بما أنجزته من قفزات تنموية وعلمية وتقنية واسعة بل سارعت وبقرارات سياسية عندما شعرت بالخطر بتبني إصلاحات جذرية في أنظمتها التعليمية بهدف تحقيق التوافق بين المتغيرات المتسارعة والتحولات العميقة التي فرضتها الحياة المعاصرة حاليا استنادا لما تنشره المؤسسات الدولية حول مشاركات الطلاب من تلك الدول بالمستوى العلمي والتحصيلي في العلوم والرياضيات وكافة اللغات لطلبتها وحتى على مستوى الإنفاق ومعدلات الأمية .
فالولايات المتحدة أعادت في عقد الثمانينيات هيكلة نظامها التعليمي بقرار سياسي من أجل مواكبة المنافسة الشرسة اليابانية والدخول في مرحلة ما بعد التصنيع، وكذلك بريطانيا عندما شعرت بالخطر قامت وبسرعة البرق بتحولات كبيرة في نظامها التعليمي والأمر نفسه ينطبق على ألمانيا من خلال حملاتها الإعلامية المكثفة من أجل إصلاح نظامها التعليمي بعد حصول طلبتها على مراكز متأخرة في العلوم والرياضيات بالمسابقات الدولية.
ومن خلال ذلك نستنتج أن الدول الصناعية العظمى المتقدمة علميا وفكريا واقتصاديا رغم تقدمها تعمل بصفة مستمرة على تحسين مخرجاتها ونواتجها بحثا عن الجودة وبما يتوافق مع حركة الحداثة والمستجدات لإدراكها قيمة وأهمية هذا القطاع المحوري في عجلة التنمية لكون الإصلاح في مفاصل النظام التعليمي هو الاستثمار الأمثل في تشكيل ثروة وطنية واستراتيجية مستدامة من أجل مواجهة عصر العولمة والمعرفة والتقنية والتنافسية العلمية بكافة العلوم الحديثة.
ونظراً لقيمة هذا الوطن العظيم الممتد بتاريخه الطويل الزاحف منذ أزل العصور كنجمة ساطعة بالسماء لا تفل منذ قرون ساحقة من الزمن، ولذلك يستحق هذا الوطن العظيم نظاما تعليميا متطورا ولاسيما النظام التعليم من وجهة نظر الكثير من المتتبعين لا يحتاج فقط لتطوير في محور من محاور بل يحتاج وبسرعة قصوى إلى إصلاح جذري متكامل متمثل في الإدارة التي تبرمج هذا النظام وكذلك في تفاصيل المنهج وكذلك بتحفيز المعلم ورفع مكانته وكذلك في عنصر التقويم بالمنظومة التعليمية برمتها ليكون التحصيل المدرسي هو المقياس الحقيقي للتعليم وكل هذا من أجل إنتاج أجيال قوية قادرة على المنافسة والإبداع وتحقيق أهداف عظمى يستحقها هذا الوطن العظيم ، ولاسيما كانت هناك أمم وشعوب تسير خلفنا وتعاني أشد المعاناة من الاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولكنها مع مرور الوقت أولت التعليم أولوية خاصة وحاولت مراراً وتكرارا حتى تعلمت من أخطائها وسلكت الطريق السليم عن طريق بوابة التعليم لتكون بالحياة المعاصرة الرقم الصعب في المنافسة العالمية والتنمية في مختلف المجالات.
ضمير مستتر " التعليم ليس مشروع لملء جردل وإنما لإشعال حريق" بيتس

حمد بن سعيد الصواعي
[email protected]