[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
رغم تسارع الأحداث، ودخولنا من نهر إلى شاطئ، ثم إلى بحر ومحيط هائج، خلال أيام معدودات، إلا أنه لابد من التوقف ملياً عند الأسبوع، الذي سبق الحرب، فقد شهد ذلك الأسبوع، تحركات واسعة جداً على الساحة السياسية، وتسارعت عمليات لجان التفتيش في البحث عن الأسلحة برئاسة هانزل بليكس، خاصة ما يتعلق بتدمير آخر ما تبقى من الأسلحة العراقية وهي صواريخ (الصمود 2) وعمليات استجواب العلماء العراقيين، على انفراد.
في 13 آذار - مارس 2003، وصل مجلس الأمن إلى طريق مسدود، بعد نقاشات طويلة وواسعة بين الأطراف المعنية بالقضية العراقية، وكانت لندن قد عرضت ستة شروط بشأن نزع أسلحة العراق، وقوبلت تلك الشروط برفض فرنسي-روسي-صيني-ألماني، وقال وزير الخارجية الفرنسي أن تلك الشروط تندرج ضمن ما أسماه في حينها بـ (منطق الحرب).
في ذلك اليوم، بدأت تتحدث بعض الأوساط السياسية العراقية، خاصة في أروقة وزارتي الإعلام والخارجية، عن احتمالات توجيه إنذار نهائي للعراق، من قبل الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، لكن لم يتكهن أحد بطبيعة ذلك الإنذار، وأعتقد البعض، أن الإنذار قد يتضمن الطلب من الرئيس العراقي التنحي عن السلطة، وتردد أن نجله الأصغر قصي صدام حسين، قد يكون البديل، ضمن حكومة مؤقتة، ثم يجري الإعداد لمؤتمر وطني موسع تشترك فيه قيادات من المعارضة العراقية في المنفى.
طبعاً لم تخرج هذه التكهنات خارج النقاشات والحوارات الداخلية، ومن غير المسموح أن تشير إليها وسائل الإعلام الرسمية، سواءً على شكل تسريبات أو تكهنات، ومن الواضح أن هذه التكهنات جاءت على خلفية رفض العراق استقبال اللجنة العربية، التي قررت زيارة بغداد، ليبقى الحوار عبر الخطابات مع واشنطن، وليس عبر الوفود، التي قد تطرح ما هو أقسى، خاصة تردد في ذلك الوقت عن مبادرات لاستضافة صدام حسين في بعض دول الخليج.
في ذلك اليوم الذي ظهرت فيه مواقف دولية رافضة للمنطق الأميركي-البريطاني، أعلن العراق، أنه سيسلم الأمم المتحدة تقريراً عن غاز (في أكس)، كما أنه سيسلم تقريراً ثانياً عن الجمرة الخبيثة (انثراكس).
كانت تعتقد الحكومة العراقية، أنها بخطواتها المتسارعة هذه، إنما يشكل ذلك مصدر ضغط كبير على الإدارة الأميركية، وأن كسب المزيد من الوقت، قد ينجم عنه الدخول في مناورات، من شأنها إضعاف الجبهة المضادة المتألفة في ذلك الوقت، من (الولايات المتحدة وبريطانيا وأسبانيا).
أما الإدارة الأميركية، فقد تحركت باتجاهين، فمن ناحية قال وزير الخارجية كولن باول، أنه من المتحمل عدم التصويت على قرار ثانٍ، وهذا إعلان صريح، على أن واشنطن قد تشن الحرب، دون الحاجة إلى موافقة الأمم المتحدة، إلا إن آري فلايشر المتحدث باسم البيت الأبيض رجح أن تستمر المشاورات لمدة أسبوع آخر، هذا على الصعيد السياسي، أما على الصعيد العسكري، فقد أبرزت وسائل الإعلام الأميركية، ونقلت عنها الفضائيات العربية ووسائل الإعلام الأخرى، أن البنتاجون بدأ بنشر قاذفات نوع (بي 2) ستيلث، وأمرت أكثر من (12) مدمرة قاذفة للصواريخ بالتوجه من البحر المتوسط إلى الخليج.
في تلك الأثناء أعلنت واشنطن يوم (13/3/2003) عن تسمية مراسلي قناة (CNN) و(BBC) لتغطية أخبار الحرب على العراق، وازداد الزخم الكبير من طلبات الشبكات والمراسلين، الذين وصلوا إلى العاصمة الأردنية، للوصول إلى بغداد وكان هناك من يقول أنها استحضارات وسائل الإعلام وآخرون في الأروقة العراقية فسروا ذلك أنها مؤشرات قرب اندلاع الحرب على العراق.
مئات الصحفيين والعاملين في فرق تلفزيونية دولية بدأت بالتقاطر على بغداد ، أنها مقدمات الحرب بدون شك.