[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لم يبق من الغوطة الشرقية سوى علامات الضامنين للمسلحين الذين لو قيل لهم ارحلوا، لرحلوا، أو قاتلوا حتى آخر نفس سيفعلونها. هؤلاء المأمورون رهن إشارة عن بعد، هم في الأساس وضعوا هناك لغايات، كانت حساباتها السابقة ان تصل إلى دمشق بدءا منها وصولا إلى المروحة الواسعة التي تنتهي جنوب العاصمة. فالعاصمة هي المقصودة وهي الهدف، وهي حلم المستعجلين في بدايات المؤامرة على سوريا.
اليوم تغيرت جذريا حالة الغوطة، صارت مجرد جيب في لوحة كبرى تحيط بها من كل جانب القوات العربية السورية، بدل ان تكون رأس الحربة باتجاه دمشق. لكن احلام العصافير ما زالت تسيطر على عقول المحرك والممول والمشغل لهذه البقعة التي تدافع عن نفسها بدل أن تلعب دورا مفصليا في كل مآلات الحرب المؤامرة تلك.
وعلى الرغم من معرفة الكل بدون استثناء، الضامن والممول والمحرك ومن ثم المسلح، ذلك النفر الذي زرعوه، بأن لا أمل امامهم من تغيير المعادلة، وان النتائج آلت نهائيا لصالح الدولة السورية، وان المعادلة الجديدة تقضي بإخراجهم إلى مكان آخر وبان الباصات الخضراء تنتظر المسلحين، فإن ما هو مفهوم ان الانتحار يعشش في رؤوس هذا الجمع .. فلربما، حسب افكارهم العصافيرية، تعود الأمور كما كانت حول العاصمة السورية، وهو تصور حرافي طبعا، فيتمكن هذا الجيب من التمدد من جديد ولعب الدور الذي كان مرسوما له في السابق.
هو الجنون على كل حال ما يحكم العقل المراهن والمتبقي في الجيب. هنالك قرار لا رجوع عنه باستئصاله تماما، وتكسير كل المراهنات عليه في النهاية .. فلا الأنفاق ستمنع الجيش، ولا المتاريس العملاقة، ولا الألغام، ولا المسلحين .. القوات العربية السورية في غاية الراحة، بعدما تمكنت من انهاء الوجود الإرهابي في كافة المناطق تقريبا، وصار بالإمكان على سبيل المثال ان يضع الجيش العربي السوي ما يوازي فرقة عسكرية والتي يمكنها ان تطيح بكل بساطة بكل ما يقف في طريقها.
تقول الواقعية كل هذا واكثر، لكن الذين يراهنون لن يتراجعوا، وهم الأبعد عن مسرح القتال، ولا يهمهم سواء مات كل المسلحين أو وقعوا في اسر الجيش أو هربوا إلى اماكن اخرى، ومن المعلوم كما قلنا ان الغوطة محاصرة تماما من كل جانب ولا طريق أمام المسلحين سوى التسليم أو الموت.
يعتقد العارفون، ان الأوامر لم تصدر إلى المسلحين بالخروج سالمين من المنطقة. هنالك لعبة دولية ومساومات تجري حول ما هو مقابل الانسحاب ان تم .. تريد القوى المشغلة للمسلحين قبض الثمن، ولربما تجري المفاوضات حول هذه النقاط، بل ثمة من يعتقد ان حرب الغوطة ذات لعبة عالمية لها اهداف ومرام اكبر من حجمها، والا لما تردد الجيش العربي السوري عن خوضها، وهو قادر على انهائها خلال ايام قليلة.
لا شك ان هنالك وضوحا في ما يخص واقع الغوطة، خصوصا بعد ان تم التصويت على وقف للنار في مجلس الأمن، وتم استثناء "النصرة ومن لف لفهم منه .. وان الحرب عليهم جارية ولن تتوقف .. بل يقال ان "جيش الاسلام "انذر" النصرة "بضرورة الخروج من المنطقة، فلربما يراد القول انها من ترفض الخروج من المنطقة وبالتالي تعطل الحل، اوان ذلك التنظيم وهو الأكبر تقريبا هناك، يريد تكييف اللعبة بعيدا عن وجود الآخرين.