تكتسب صناديق التقاعد أهمية قصوى في الإسهام التنموي، حيث تمتلك ميزات كبرى في تنشيط الاستثمارات المحلية، وقد اعتمدت البلدان الكبرى اقتصاديًّا على تلك الأموال، لتكون أحد أهم العوامل المحركة للاستثمارات الداخلية، بما في ذلك الاستثمار في أسواق المال، باعتبار هذه الصناديق أحد صناع السوق الذي يحفظ التوازن المطلوب ويحد من المضاربات، وذلك نظرًا لما تملكه تلك الصناديق من قدرات مالية هائلة، إذا أحسن استثمارها بشكل صحيح ووفق قواعد تنموية جيدة التخطيط، توائم بين الحاجة الوطنية في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام، وتنويع مصادر الدخل الوطني، وحقوق أصحاب الصناديق الأصليين في توفير عوائد اقتصادية مجزية لأموالهم، تتسم بالبعد عن المشاريع ذات المخاطر العالية، وتتجه نحو مشاريع طويلة الأجل تتميز بديمومة الدخل الذي يصب في تلبية احتياجات المشتركين بتلك الصناديق على المستوى الطويل.
بل إن هناك دولًا كبيرة في العالم أقامت أسسها الاقتصادية بتمويل من تلك الأصول المودعة في البنوك بعوائد اقتصادية قليلة لا تراعي زيادة احتياجات المشتركين في تلك الصناديق، فقد حرصت دول كبرى كدول الاتحاد الأوروبي والصين على السعي نحو زيادة قنوات الاستثمار للصناديق، ورفع العائد على الاستثمارات بها، بشكل يراعي كافة أطراف المعادلة، ويدفع نحو استغلال تلك الأموال في الخطط التنموية لكل بلد على حدة، وفق رؤيتها التنموية القائمة على المقومات الاقتصادية المتاحة، فقد تغيرت نظرة العالم نحو تلك الصناديق، وبات التوجه نحو وجود سياسات استثمارية مهمة لاقتصادات الدول من جهة، ولأصحاب تلك الصناديق المؤمن عليهم من جهة أخرى، وذلك لما لهذه السياسات الاستثمارية من تأثير مباشر على معدلات النمو وعلى المستويات المعيشية، عبر الاستثمار في مشاريع تشكل في حد ذاتها قاطرة للتنمية، تفتح الآفاق بشكل هرمي لمشاريع متنوعة ما بين كبيرة ومتوسطة وصغيرة ومتناهية الصغر، حتى يتعاظم العائد الاقتصادي منها، ويشكل قيمة مضافة كبرى للاقتصاد الوطني لهذا البلد أو ذلك.
وتعد أموال صناديق التقاعد هي أحد الموارد التي تمتلكها السلطنة لتسريع عملية التوجه نحو التنويع الاقتصادي، خصوصًا مع الانخفاض الذي تشهده أسعار النفط في السنوات الأخيرة، وهي بجانب السندات والصكوك، واستثمارات البنوك التجارية، مصادر تستطيع الاضطلاع بدورها في تحقيق التنمية المستدامة، بشكل يقلل من الاعتماد على الموازنة العامة للدولة، المرهقة أساسًا بفعل هذا الانخفاض المفاجئ والطويل لأسعار النفط، وسط مشاريع تنموية متعددة تسعى بها السلطنة إلى إقامة وضع اقتصادي جديد قائم على التنويع والتنوع، بشكل لا يتعارض مع سرعة التحول، ويأتي صندوق تقاعد وزارة الدفاع كأحد الصناديق المدركة لواجبها الوطني جنبًا إلى جنب لإدراكها لدورها الساعي إلى رفع عوائدها لأعضائها، حيث يعتبر صندوق تقاعد وزارة الدفاع أحد أكبر صناديق التقاعد في السلطنة، وله رؤى وسياسات أسهمت بشكل ملحوظ في الرقي بالخدمات التي يقدمها لكافة الشرائح والجهات ذات العلاقة، هذا بالإضافة إلى المشاركة الفعالة في حركة التنمية الاقتصادية للسلطنة من خلال الشراكات التي يسهم بها في سوق مسقط للأوراق المالية، وإقامة المشاريع المباشرة والدخول في شراكات مع الجهات المتخصصة لتعزيز القدرات المالية لصندوق التقاعد، وتقديم إضافة نوعية وقيمة مضافة للوطن والمواطن على حد سواء.