[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
” ألا تقتضي المسئولية والأمانة من أي مسئول كان أن يجنب مشاعره وعواطفه الخاصة بيئة العمل فلا يدخلها كمعيار يعتد به في عملية تقييم الموظف وعند التعامل معه وفي تأسيس أي علاقته به؟ وأن لا يأخذ إلا بمعيار الكفاءة والالتزام الوظيفي وحسن السلوك ومستوى الإنتاجية والقدرة على العمل في الظروف الضاغطة في عملية التقييم والتقدير والتعامل وتحديد المكافآت والترقيات ..؟ ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من السلوكيات المرفوضة التي تلتصق ببعض المسئولين أنهم يرفعون شأن من تستلطفه وتميل إليه نفوسهم ويدخل إلى قلوبهم من الموظفين فيصبغون عليهم من صيغ الحب والعطف الشيء الكثير ومعهما العديد من الامتيازات الإدارية والمالية وفوق ذلك عبارات الشكر والتقدير والإشادة ... فحب المسئول وثقته والقرب منه حلم لا يتحقق إلا للقلة القليلة من الموظفين فهنيئا لمن تحقق له ذلك الرضا وذلك الحب .. وتنفر قلوبهم وتشمئز نفوسهم من موظفين آخرين يقابله حرمان من كثير من الامتيازات ونكران لجهودهم حتى وإن كانت تستحق الاحترام والتقدير، وتبقى دوافع الحب وأسباب الكره غامضة لا يستطيع فهمها وإدراكها الموظفين أنفسهم أصحاب العلاقة ولا المسئولين الآخرين في المؤسسة والندماء والمقربين ممن يرصدون ويستمعون إلى ملاحظات وآراء أولئك المسئولين عن الموظفين كلما طرحت طلباتهم ومبادراتهم على بساط البحث أو نوقشت تقارير الكفاية المتعلقة بهم أو أبديت بعض الملاحظات المرتبطة بشئونهم الوظيفية عامة. فهل تبنى تلك العواطف على أسس الكفاءة من عدمها، أم على المظهر الخارجي للموظف استنادا على القبح والجمال والملبس، أم على رجاحة العقل القائمة على معياري الذكاء والغباء، أم على طلاقة اللسان وعيه، أم على حسن التعامل واللباقة أو صلفهما، أم أن جرأة الموظف وانحيازه إلى قيم النقد والشفافية والصراحة في التعبير عن آرائه بديلا لثقافة التملق وامتداح المسئول والتصفيق لكل قرار ورأي وخطوة يأتيها تحدد موقعه ومكانته أنسا أو نفورا حبا أو بغضا ؟ أم أن لكل مسئول معاييره الخاصة في تقييم الموظف والتعامل معه أي بحسب الطبيعة والأهواء والأمزجة التي يحملها الإنسان وعلى ذلك تتأسس العواطف وتتأثر المشاعر ؟ ولكن وفي المقابل ألا تقتضي المسئولية والأمانة من أي مسئول كان أن يجنب مشاعره وعواطفه الخاصة بيئة العمل فلا يدخلها كمعيار يعتد به في عملية تقييم الموظف وعند التعامل معه وفي تأسيس أي علاقته به؟ وأن لا يأخذ إلا بمعيار الكفاءة والالتزام الوظيفي وحسن السلوك ومستوى الإنتاجية والقدرة على العمل في الظروف الضاغطة في عملية التقييم والتقدير والتعامل وتحديد المكافآت والترقيات ..؟ إن السلوك المشار إليه ينشئ بيئة يتأرجح فيها مستقبل الموظف ومعه حياته الوظيفية بين الترقي والانكماش اعتمادا على عواطف المسئول أي بين حبه أو كرهه اللذين لا تعرف أسبابهما ودوافعهما الحقيقية، وحتى الأفعال المحققة للحب والإعجاب والأعمال المولدة للبغض والكره غير واضحة المعالم كما أسلفنا .. ولو أن ذلك الحب والنفور قد تأسسا على معايير الأداء والكفاءة والإخلاص في العمل لوقف القلم عن النقد والتجريح ولاستبدلهما بالإشادة والتقدير ففي ذلك مصلحة للمؤسسة والعاملين فيها وفي ذلك حرص على جودة الأداء وتحسين الخدمة والارتقاء بالعمل وهي أهداف أساسية لا بد منها لكل من نشد التطور والإصلاح والنهوض، ولو أعطاها كل مسئول حيزا من وقته وفكره وجهده لتغير الكثير في مؤسساتنا التي يفتقر البعض منها إلى إدارات واعية وإلى مسئولين يعون دور الإدارة ومهامها، ففي هذه المؤسسات تهدر كفاءات تمتلك أدوات التطوير ومهارات التخصص ولديها من الإمكانات والقدرات ما إن وظفت توظيفا قائما على التخطيط العملي المدروس والوعي بقيمة العنصر البشري والحس بالمسئولية لقدم لنا هؤلاء نماذج مشرفة يقتدى بها في مستوى الإنتاجية والنجاح في العمل والحس بالمسئولية، وينتقل المسئول من مؤسسة إلى أخرى ومن إدارة إلى إدارة حاملا معه ثقافته ومشاعره وطباعه وأفكاره الخاصة التي تؤسس حضورا قويا في كل ملمح من ملامح العمل الإداري والتنفيذي لدرجة أنها تتقدم على اللوائح والأسس والمعايير الإدارية السليمة، لهذا السبب نرى شخصية المسئول ومعها مزاجه العام يؤثران في اتخاذ القرارات وفي التقييم وفي التعامل مع الموظفين وفي الأسلوب الإداري بشكل عام، إن نجاح الإدارة وفشلها وتقدم المؤسسة وتراجعها إنما يعتمدان على مدى نجاح المسئول في تجنيب المسئوليات والمهام الرسمية وبيئة العمل وعلاقته بالموظفين ثقافته وأفكاره وطبائعه الخاصة .

سعود بن علي الحارثي
[email protected]