[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كان أحد المسؤولين العرب الكبار يقول ردا على سؤال حول خبرته في الحكم بقوله "الملك من لا يعرفه الملك" .. وكان اذا طلب منه الإيضاح، يضيف ان حياة المسؤول الأول في أي بلد، مهما كان وجود للمؤسسات فإنه يتحمل مسؤوليات جمة. حتى ان حوارا بين جمال عبدالناصر ومحمد حسنين هيكل خارج أطر الحديث في السياسة، رد فيه عبد الناصر على سؤال لهيكل حول ما سيكون عليه عند التقاعد، فقال بأسى، من يعمل بظروف عملي لن يعيش إلى مرحلة التقاعد.
واصعب من ممارسة المسؤولية، المعلومات التي تضخ يوميا عليه .. في التاريخ اللبناني شخصية حكمت سميت بالمستبد العادل .. مفارقة لغوية، كيف يكون مستبدا وعادلا في الوقت ذاته، حتى انه تروى احدى القصص عنه ان شخصا اتهم آخر بسرقة حليب بقرته، فتم احضاره على عجل وحين انكر السرقة، امر الحاكم ببقر بطنه من اجل ان يرى الصورة على حقيقتها، فكان ان خرج الحليب وبان.
احد الحكام كان يهرب اسبوعيا إلى بيت شخصية يأنس لها، لم يكن الى جانبه سوى مرافقه الوحيد وهو سائقه ايضا، وعندما يصل كان يطلب موسيقى هادئة، مع الحزم التام بمنع الحديث في السياسة.
عالم المسؤولية ليس سهلا بعرف كل من مارسه، لنأخذ مثلا حيا من سوريا التي اصابها الويل وانصبت المؤامرات عليها من كل صوب .. وكان الهدف الأكبر للمتآمرين اخراج الرئيس الأسد من الحكم بأية طريقة، قتلا أو تركا للبلاد .. ومشهد الرئيس الليبي معمر القذافي كان واضح المعالم لأن المطلوب في سوريا ما يشبهه تماما، أو في ابسط الأحوال ما جرى للرئيس العراقي صدام حسين الذي تم اسره ثم محاكمته صوريا وشنقه في نهاية الأمر، او ترك البلاد كما فعل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وزوجته.
لم يفعلها الرئيس بشار الأسد، بل انه لم يتوان عن الظهور في الأماكن العامة، واحيانا يقود سيارته بنفسه .. كان الظن السياسي ان مجرد القضاء على الرئيس السوري ينهي الأزمة في سوريا .. كانت قراءة غبية اذا ما تتبعنا اوضاع ليبيا بعد تصفية القذافي، ووضع العراق بعد رحيل صدام، ووضع مصر السياسي بعد مبارك ومحمد مرسي .. وحال اليمن بعد تنحي علي عبدالله صالح ..
كان الهدف سوريا بالتحديد بكل مكوناتها من جيشها إلى شعبها إلى مؤسساتها إلى دورها الوطني والقومي ...والاختباء بالتالي وراء شخصية الرئيس بتحميلها كل "المسؤوليات" .. صمد الرئيس وقاوم وقاد بلاده من اصعب اوضاعها إلى مرحلة يمكن القول انها خرجت من عنق الزجاجة. كان السؤال الدائم، كيف يعيش الرئيس وكيف ينام واين والأقمار الاصطناعية مثبتة ليل نهار فوق حركته اليومية. ويخبرني مسؤول سوري، ان الاسد زار بشكل مفاجئ كعادته احد المواقع العسكرية، وفجأة انهال الرصاص على المكان، وحين سأل عن مكان الارهابيين قيل انه لا يبعد اكثر من سبعين مترا فقط .
اول مثل عن المسؤولية التي تبدل اداء الرجل عندما يصبح في موقع المسؤولية ان "روما من فوق غيرها من تحت" .. ولهذا جاءت الاغنية المصرية عن الناس " اللي فوق " و" الناس اللي تحت " في عملية محاكاة بديعة.
احد المسؤولين العرب قال مرة لصاحب منزل زاره "احسدك على حياتك" ..