[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
هكذا ختم الرئيس السوري بشار الأسد القسم الذي أطلقه أمس .. منذ زمان لم نسمع حاكما عربيا يتفوه بتلك الجملة، فكيف اذا ما دخلت في قسم الحكم والرئاسة لتتحول إلى عمل دؤوب من أجلها، إلى حتمية التحقق. في أصل القسم السوري إذن العمل من أجل وحدة العرب، مسؤول الرئيس الاسد عن هذا الشعار الكبير، صحيح أنه جزء من أمة، لكنه الرئيس العربي الوحيد الذي يشعر بمسؤوليته عن وحدتها، فكيف عن خلاصها.
تنده غزة على الرئيس بشار وهي في يوم عرسها، وينده لبنان كأنه طالع لتوه من رحم الشام، وتنده مصر، وينده العرب فردا فردا .. هو العربي الذي حول القسم إلى مهرجان، جعل من الحاضرين ومن كل مستمع إليه ويراه شاهدا على كلامه.
كان جمال عبد الناصر يبدأ خطابه بما يشبه عناقا لكل مصري وعربي بقوله " أيها الاخوة المواطنون"، كسر عبد الناصر المسافة بينه وبين الناس، وضعهم في صلب المسؤولية الوطنية، نزل اليهم كمواطن، ورفعهم اليه كمواطنين .. فعلها بشار الأسد، كقائد عربي في زمن رديء أن يقول بحتمية الوحدة العربية في قسم يجبره على أن يكون العربي المستند إلى عظمة المكان وإلى تاريخيته والى جغرافيته التي هي تعريف دقيق للمطل على فلسطين، وغزة جزء منها، شاءت في زمنها أن تنفرد بقولة قوة، تجاسرت على جبروت كيان يريد أن ينتزع منها عنوان إقامتها حيث شاء تاريخها وحيث عروبتها صنعت. هي غزة التي تنده على الرئيس الذي أقسم بالوحدة العربية أن لا يبخل وهو لم يبخل عبر عهود سبقت على قضية فلسطين.
كان خطاب الأسد سهلا مثلما هي حاله في قيادة سوريا الشابة التي تشبهه. كان بسيطا أدخل في روحية كلماته تلك العبارات التي بسطت المعنى فأراد أن يكون مفهوما .. كم قال الشاعر شيللي " اللهم اجعلني مفهوما" ، بتكوين الرئيس الأسد شعور قوي أنه يخاطب شعبا منحه الثقة كي يفعل ما يشاء، فاذا به يدلله الى حد الانصهار به، وهو من قال أنا واحد منكم .. هي عبارات الثقة بالموقع الذي يتحول فيه سيد القوم الى خادمهم .. وهو الذي قاد وإياهم معركة المصير، كان شجاعا وهو يتنقل في الأمكنة الصعبة في الساعات الصعبة في كل سوريا، يستمع هنا، ويصافح هناك، ويستمع لهمسات في اذنه من محب..
إنها الزعامة التي تلبس شمس بلادها وغبار عمله ورائحة أرضه ونسيم هوائه .. كلها تجتمع في المدى الكلامي الذي يستهويني تكراره نقلا عنه " وأن أعمل لتحقيق الوحدة العربية " .. كثيرون لايعرفون أن هنالك قسما يختصر كنه بلادها، هي الديمقراطية عندما تلتقي بالحرية لتكون سلاما لشعبها.
سيقال دائما في لحظة صفاء التاريخ إننا عشنا في عهد الرئيس بشار الأسد، كبرنا معه منذ أن كنا اطفالا، لكننا لم نشخ طالما أن رايته محمولة بين الأيادي المزروعة في تربة بلادها.
من كان قسمه الوحدة العربية ستكون سوريته صانعة لها، وهي كانت كذلك وفي التاريخ شواهد عليها.