[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
استحوذت "الصدمة والترويع"على مساحات واسعة من الإعلام الموجه للعراق، منه الأميركي والغربي ومنه العربي أيضا، وكان الهدف من ذلك انهاك العراقيين نفسيا قبيل بدء الحرب، وبدون شك حققت هذه الحملة النفسية نجاحا كبيرا.
فرض مصطلح الصدمة والترويع (Shock and awe) هيمنة كبيرة على الأوساط السياسية والبحثية والعسكرية في الولايات المتحدة والعراق، وطرق هذا المصطلح أسماع الملايين في مختلف أرجاء العالم، لكن المستهدف الرئيسي من كل ذلك هو الشعب العراقي، وأصدر (هارلان اولمان Ulman) كتاباً بهذا الصدد، وهو استراتيجي أميركي له علاقات قوية بدونالد رامسلفيد وزير الدفاع وديك تشيني نائب الرئيس جورج دبليو بوش، وجاء كتابه بعنوان (الصدمة والترويع: إنجاز الهيمنة السريعة) وذكر فيه ما نصه .. أننا نريدهم أن يتراجعوا ولا يحاربوا خلال دقائق، وليس أيام من خلال ضربة مهولة تشبه قنبلة هيروشيما.
في الواقع، أن هذا المفهوم، هو الذي بُنيت عليه الحرب، استناداً إلى ما قاله مسؤول أميركي لقناة (CBS) الأميركية، الذي ناقش الموضوع معه باستفاضة كبيرة مذيعها الشهير دان راذر، الذي سبق وزار العراق والتقى الرئيس العراقي صدام حسين لمدة ثلاث ساعات.
وضع العراقيون الأفكار والتصورات والقناعات، التي كانت تسيطر عليهم قبل عدة أيام، وراء ظهورهم، ولم يعد هناك أي مجال للحديث عن مسألة الاحتمالات في وقوع الحرب من عدمه، وبدأت تنهال على العراقيين مرة واحدة أكداس الحرب النفسية، التي سبق والتهمها العراقيون طيلة الأشهر المنصرمة وبكثافة غير مسبوقة، خاصة ما يتعلق بأنواع الأسلحة المتطورة جداً، والكم الهائل من التصريحات التي تم تسريبها عبر وسائل الإعلام، التي تتحدث عن حرب خاطفة. لدرجة أن البعض تصور، أن الحرب الأميركية، قد تستغرق يوماً أو عدة أيام، وهذا ما أوحى به الإعلام الأميركي، ونستطيع القول، أن العراقيين قد فهموا موضوع (الصدمة والترويع) بصورة غير دقيقة، وأخذوا الصدمة على أساس أنها تمثل حجم الضربة العسكرية الأولى، أو على الأقل في اليوم الأول، ولم يستبعد البعض، أن تستخدم القوات الأميركية، أسلحة محرمة لتحقيق هدفها في إحداث الصدمة عند العراقيين، وسرت شائعات بين الناس، عن نية الولايات المتحدة استخدام قنابل نووية تكتيكية صغيرة، لقصف مناطق معينة، مثل المواقع الرئاسية ومقرات القيادة والتوجيه، وأماكن انتشار قوات الحرس الجمهوري، وحتى بعض الأحياء السكنية، أن استدعت ذلك اشتراطات تحقيق الانتصار الأميركي، وحضرت في ذاكرة الكثيرين مدينتا هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين، عندما قصفتهما بالقنابل الذرية عام 1945. لهذا لم تكن الأيام الأولى من الحرب سهلة، ولكي نفهم الصعوبات الحقيقية، التي زخرت بها أفكار وتصورات ومشاعر العراقيين، لابد من دراسة تفصيلية، لموضوع (الصدمة والترويع)، التي يجب الاعتراف بأنها حققت الكثير من أهدافها، مرتكزة في نجاحها إلى الذكاء في اختيار المصطلح والترويج له، قبل فترة مناسبة من شن الحرب، والخروج عن الاصطلاح التقليدي، المستخدم في الحروب المعروفة في العالم بتسمية (الحرب النفسية)، وتوظيف وسائل الإعلام في تحقيق ذلك على نطاق واسع.
يضاف إلى ذلك التفوق العسكري والتكنولوجيا المتطورة، مع التذكير باستمرار بما شاهده العراقيون من قدرات عسكرية خلال أيام حرب الخليج الثانية عام 1991، والتأكيد على التطورات التقنية في حرب الألفية الجديدة، التي أطلقوا عليها تسمية الحرب الإلكترونية، إضافة إلى (أم القنابل) التي دخلت على خطوط التهيئة لهذا النوع الجديد من الحرب النفسية.
لكن سنكتشف لاحقا أنه بقدر ما نجحت أميركا في"الصدمة والترويع " فأن جيشها قد تعرض لـ" صدمة وترويع "عراقية على أيدي المقاومين الذين واصلوا هجماتهم ضد قواتهم وعلى أوسع نطاق خلال سنوات الاحتلال.