[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
”إن مناسبة طرحي لموضوع الأمومة هنا يرتبط بما أتيح لي خلال الأيام القليلة الماضية عندما سجلت اسمي ضمن حملة عالمية تشرف عليها منظمة (منصة نساء العالم) تأييدا لإصدار إعلان عالمي يمجد الأمومة، مع تخصيص يوم سنوي دولي ترعاه الأمم المتحدة، ويتم إقراره في الجلسة 62 للاجتماع المخصص لهذا الموضوع بمقر المنظمة الدولية في نيويورك خلال شهر آذار/ مارس الجاري....”

تطول قائمة ازدراء الأمومة في مجتمعاتنا, إذا فحصنا العينات الأوسع من الواقع الذي نعيشه وبعيدا عما نتناوله من حقائق ومزاعم جاهزة عن احترامنا لها ضمن معادلات تغطيها الحقائق بعض الأحيان، وتكتسحها المزاعم أحيانا أخرى.
لا أنكر هنا أن موروثنا الديني والاجتماعي زاخر بالعناوين والأدلة على قدسية الأمومة ملخصها الشائع والمعروف (الجنة تحت أقدام الأمهات) مع وجود انتشار لمشاهد الحب والولاء والطاعة والاحترام المطلق والتقدير المتجدد لهن.
ولا أنكر أيضا أن عدم احترام الأمومة على رأس المعيبات الاجتماعية التي نحاول التشجييش الثقافي والاعتباري ضدها, ولكن مقابل ذلك هناك خروج واضح على هذه البديهيات والأعراف الاجتماعية الداعمة لقدسية الأمومة.
إن مناسبة طرحي لموضوع الأمومة هنا يرتبط بما أتيح لي خلال الأيام القليلة الماضية عندما سجلت اسمي ضمن حملة عالمية تشرف عليها منظمة (منصة نساء العالم) تأييدا لإصدار إعلان عالمي يمجد الأمومة، مع تخصيص يوم سنوي دولي ترعاه الأمم المتحدة، ويتم إقراره في الجلسة 62 للاجتماع المخصص لهذا الموضوع بمقر المنظمة الدولية في نيويورك خلال شهر آذار/ مارس الجاري بمناسبة يوم المرأة العالمي الذي صادف أمس الخميس الثامن من آذار امتدادا لمقررات المؤتمر العالمي الرابع للمرأة الذي عقد خلال شهر سبتمبر/ أيلول عام 1995 في العاصمة الصينية بكين وتضمن آليات عمل ومنهج أشار إلى إعطاء الأمومة المزيد من الاهتمام والرعاية, وهكذا تأتي الحملة العالمية الجديدة على وفق المحفزات الخاصة بذلك المؤتمر, انطلاقا من تشخيص يؤكد أن مساهمة الأمومة في تنمية المجتمع ليست مفهومة حتى الآن لدى الرأي العام, (مع أن الأمهات هن القلب والنسغ اللذان يحافظان على الأسرة بما لدى الأمهات) من خزين للعطف والحنان والمحبة, والقدرة بروح صلبة على مواجهة الكوارث التي تجتاح المجتمعات, بل إن حضور الأمومة داخل الأسرة يمثل خزين فضيلة هذه المجتمعات إذا ارتبط هذا الحضور بالمزيد من الاستيعاب, ولي هنا أن أضيف من الحالة الاجتماعية العراقية السائدة أن الانحرافات التي تصيب بعض الأسر وانتشار نزعة الخيانات تحصل عندما لا تكون للأمومة سلطتها الحقيقية في البيت وهكذا تكون هوية الأمومة عنوانا لهوية أي أسرة.
ومن عينات الازدراء الأخرى للأمومة, افتقار النصوص القانونية لأية أفضليات تستثمر لصالحها, وبمعنى مضاف أن هناك أمهات تتساوى حصصهن في الحقوق مع فتيات أو عازبات، في حين ينبغي أن تكون تلك الحصص بمعدلات أعلى, كما لنا أن نتوقف عند موضوع عدم مساواتهن في التوظيف ضمن الأسبقيات التي تنظم حركة القطاع الخاص؛ فالشركات والمؤسسات الخاصة المعنية تضع في الأولوية الإفادة من الموظفة أو العاملة فوق أي اعتبار آخر, وإذا توقفنا عند زواج القاصرات وما يتحملن من أعباء أمومة لا يفقهن مبادئها تكون مظلومية الأمومة كبيرة أصلا, والمحزن أيضا أننا لم نصل بعد إلى فهم ميداني قانوني واجتماعي ينص على اعتبار الأمومة وظيفة روحية وإنسانية تتقدم كل الوظائف الأخرى.
ومن عينات ازدراء الأمومة, أمهات يلجأن إلى مراكز رعاية المسنين حلا لمظلوميتهن من أبناء يرون في وجودهن عبئا اقتصاديا ونفسيا عليهم, وعودة إلى (الجنة تحت أقدام الأمهات) أرى أننا بحاجة إلى نصوص رادعة لكل الذين يخرجون على قدسية نعمة الأمومة, وثقوا لو أننا فعلنا ذلك فإن الكثير من الحرائق السياسية والأمنية ونزعات القتل والتخوين والتنكيل لا بد أن تنحسر.