حوار ـ خميس السلطي:
"قطب المعشوقين" رسائل إلى جلال الدين الرومي، هو أحدث إصدارات الكاتبة أمامة بنت مصطفى اللواتي، في هذا الكتاب ثمة سفر بديع مع الرومي حيث الحكايات والشعر واللمسات الصوفية، وهنا يجد القارئ رؤية مغايرة للتواصل معه، وتعرف الكاتبة أمامة اللواتية أنها ضمن الأقلام العمانية التي لها اهتمامات بالغة بالطفل، يتمثل ذلك في إصداراتها المتعددة إضافة إلى الحلقات النقاشية المستمرة في عدد من المؤسسات الرسمية والمجتمعية، تحب الكاتبة أمامة اللواتية أن تكتب بنكهة فيها الخيال والتشويق وفي معرض الكتاب ‏قدمت لها فرقة مسرح الدن‬ عرضا مسرحيا تفاعليا بعنوان "النجوم المعلقة" بمشاركة الأطفال بركن مسرح الطفل بمشاركة الممثلة نور الهدى الغمارية، إعداد وإخراج: محمد خلفان، حول الكثير من التفاصيل وعوالم الكتابة كان هذا الحوار:

-----------------------
- في بداية الأمر نود أن نفتش تلك الرسائل الموجهة الى جلال الدين الرومي من خلال كتابك الجديد (قطب المعشوقين) الذي صدر حديثا؟ كيف تخبريننا عنه؟
صدر الكتاب عن دار سؤال هذا العام وينقسم الكتاب إلى أربعة أجزاء تتفاوت في عدد صفحاتها، فالجزء الأول يحوي نبذة عن جلال الدين الرومي ومؤلفاته وبالذات كتابه المثنوي، والجزء الثاني: عن رحلتي إلى قونية بتركيا ومقام الرومي والحكايات التي التقطتها من هناك حول الرومي، والجزء الثالث يتكون من رسائل شعرية قصيرة ذات لمسة صوفية، والجزء الرابع: يحوي مختارات من المثنوي بأجزائه الستة من ترجمة الدكتور ابراهيم الدسوقي شتا.
- في تصورك ماذا يميزه عن غيره من المؤلفات في عوالم جلال الدين الرومي؟
ما يميز هذا الكتاب كما أجزم هو أنه يضم شيئا من الجانب التوثيقي والكتابة المنهجية في الجزء الأول حين يركز على جلال الدين الرومي وكتابه الأشهر المثنوي، ثم شيئا من أدب الرحلات والذي للأسف وخارجا عن ظروف الإرادة لم يتضمن الكتاب الصور التي التقطتها شخصيا خلال زيارتي القصيرة لمدينة قونية التركية، وثم نصوص شعرية من تأليفي وأخيرا مختارات من المثنوي. وبالتالي فالكتاب رحلة صغيرة منوعة ترضي من هو سائرٌ يتلمس خطواته على درب مولانا جلال الدين الرومي. وأحب أن أشير أولا إلى أن هذه المختارات التي ترجمها الدكتور ابراهيم شتا، والتي قمت بانتقائها من الأجزاء الستة، ووضع ما يناسبها من العناوين تمثل اختيارات شخصية، أحببت من خلالها أن أقرب هذا العمل الذي يتكون من عدة أجزاء، تتشابك وتتداخل فيها الحكايات والمواعظ والقصص إلى شكل أيسر للقراءة والاستمتاع بجمال ما كتبه مولانا في رائعته المثنوي. كما أنها تمثل تلك المقاطع التي شعرت بالقرب منها أكثر من غيرها سواء من حيث جمال اللفظ أو عمق المعنى.
- وما هو الدافع الرئيس الذي جعلك تقومين برسم ملامح هذه الرسائل في وقتنا الحاضر؟
وراء أي عمل ننجزه أو نكتب عنه تكمن عدة دوافع. الدافع الأول يكون نابعاً من اهتمام شخصي سواء في موضوع البحث أو الكتابة أو النشر. ثم ينبغي لنا أن نتساءل بعدها كيف سيفيد هذا الكتاب المطبوع والجهد الذي بذل فيه القارىء؟ وفكرة الكتاب جاءت متأخرة أي بعد ما يقارب السنتين من تعرفي على إرث جلال الدين الرومي، ولشهور ممتدة كنت أقرأ الأجزاء الستة من كتاب المثنوي لمولانا، في كل يوم كنت أعيش حالة التعلق والدهشة بهذا الجمال الباذخ من الكلمات والمعاني. وفي فكر جلال الدين الرومي ما يساعدنا اليوم على المحبة وتغيير سلوكياتنا خيث يمثل رباطاً إنسانيا يجمع كل المتذوقين لأصناف المعرفة على مائدة واحدة مع اختلاف الطعام واللون والذوق. لاحظت أن هناك أقوالا وعبارات كثيرة تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي عن مولانا وتتردد ربما أكثر من غيرها، في حين لم يتعرف أغلب من ينقلون أقوال مولانا الرومي على شعره كما ورد في كتابه المثنوي، ومن جهة أخرى وجدت أن قراءة الأجزاء الستة من المثنوي قد تمثل التزاما صعبا مع رغبة البعض في قراءة سريعة وربما مركزة في أقوال مولانا ولاكتشاف سر هذه الهالة التي تحيط بأفكاره وعباراته. ولذا أحببت أن أقدم بعضا من مختارات المثنوي في شكل يسهل على القارىء التعرف عليه وتذوق جماله.
- لديك عوالم متقاطعة حيث أدب الطفل وعلاقتك بها شغف شديد .. لنقترب منها ؟ نتعرف على أبجدياتها؟
الكتابة للطفل تجربة جميلة وممتعة وفيها شيءٌ من التحدي والابتكار. أحب أن أقرب المفاهيم الصعبة إلى الأطفال ولذلك كتبت مثلا قصة بعنوان ( لماذا لا تسقط النجوم) وهي تقرب الى الطفل مفهوم الجاذبية. أيضا أحب أن أكتب بنكهة فيها الخيال والتشويق وهي عناصر موجودة لدى الأطفال فهم يتخيلون بشكل أبرع من الكبار ويشعرون بالتشويق لدى اكتشاف فكرة أو شيء جديد. ثم كانت فكرتي المزاوجة بين ما أقرأه للكبار وما يمكن أن أقدمه للأطفال، وهكذا مرة أخرى وجدت في قصص المثنوي قصصا طريفة ذات معان صوفية وأخلاقية، قمت بإعادة كتابتها وقدمتها على شكل حلقات مسلسلة ومرسومة بألوان مشرقة بريشة الفنانة السورية كنانة محمد، يتم نشرها في مجلة الحسيني الصغير التي تصدر من مدينة كربلاء العراقية. إلى جانب سلسلة من الحكايات التراثية التي أيضا قمت بإعادة صياغتها ويتم نشرها في مجلة قنبر العراقية وبرسوم الفنانة العراقية انطلاق محمد علي. في حين يركز آخر إصدار والذي صدر عن بيت الزبير (سر الأسئلة الغريبة) على اعادة صياغة وتقديم قصص التراث العماني، وقامت برسم لوحات هذا الكتاب رسامات عمانيات بلوحات تحمل نكهة وجمالا عمانيا لافتا. وهناك أفكار أخرى قادمة في هذا المجال.
- جهودك في أدب الطفل حاضرة وبقوة، ثمة اهتمام بالغ من قبلك تجاه هذا الأدب لنتعرف عن ماهيته وإصداراتك في هذا الشأن؟
إصداراتي عديدة في هذا الشأن من بينها (الساندويشة) دار الهادي، بيروت 2008 و(القط والبحر) دار الهادي 2008، و(حوض الأسماك) دار الهادي 2008، و (العجائب السبع في بيت خيال) 2014، Author Houe , USA، أضف إلى ذلك (أريد أن أشتري جبلا) 2015 دار الغشام للنشر والترجمة، سلطنة عمان. و(البيت الغريب العجيب) دار أصالة، بيروت 2015، و(عطسة حمزة) 2016، دار العالم العربي، الإمارات العربية المتحدة. و (لماذا لا تسقط النجوم) 2017، دار البنان، بيروت. و(الفيل والمهندس نعمان) 2018، دار أصالة، بيروت. و(سرُ الأسئلة الغريبة) قصص من التراث الشعبي العماني ، 2018، مؤسسة بيت الزبير، سلطنة عُمان.
- كيف تجد أمامة اللواتي واقع أدب الطفل في السلطنة؟ هل ثمة تعويل على القادم في ظل وجود محاولات ملموسة لا سيما افتتاح مكتبة للطفل مؤخرا في العاصمة مسقط ؟ ماهي قراءتك لهذا المشهد عموما؟
يتكرر هذا السؤال كثيرا والتعميم أو التخصيص أيضا قد لا يفيد، ولكن يمكن أن أقدم وجهة نظري في ذلك. فأنا متفائلة بهذا الخصوص رغم وجود بعض المعوقات، ولكن ربما المعوقات هي ما تجعلنا نكرر المحاولة. تزايد الاهتمام بالطفل ومبادراته والقراءة له مجتمعيا ومؤسسيا. وقد لاحظت في معرض مسقط للكتاب إقبالا من الأفراد والمؤسسات على اقتناء كتب الأطفال، والإقبال على زيارة مكتبة الطفل العامة من خلال الزيارات المدرسية هائل ومشجع للغاية، لكننا ما زلنا بحاجة إلى الاستثمار الجيد والواعي في هذا الجانب. ما زلنا بحاجة إلى استثمار الجهات الخاصة والشخصيات المؤثرة والمقتدرة ماليا بالدرجة الأولى في مثل هذه المشاريع والعمل على تشغيلها واستمرارها، ومكتبة مثل مكتبة الطفل العامة بحاجة إلى اهتمام أكبر من قبل القادرين ماديا وبشريا لتطويرها. أيضا ما زلنا بحاجة إلى مزيد من التدريب والتأهيل في مجال الكتابة والرسم للطفل في عُمان وهذا النوع من الدعم محدود. نحن بحاجة إلى مكتبات متخصصة للطفل في كل المدن والقرى العمانية، وليس بالضرورة ان تكون على مستوى عال من الفخامة والضخامة بل يكفي أن توفر للطفل جديد المكتبات ودور النشر العربية وأن تنشأ بطريقة جذابة تحفز الطفل على البقاء فيها والقراءة.
- من بين أعمالك الأدبية التي قدمت للطفل العُماني تلك الاعمال المباشرة وغير المباشرة والحلقات القرائية التي أقيمت في محافظات السلطنة،، لنقترب أكثر من تلك الحلقات ونتائجها؟
فكرة الحلقات القرائية ممتعة بالنسبة لي، لأنها تجعلني أرحل إلى الطفل، وحضور الأطفال لمثل هذه الفعاليات يبهجني لأنه يدل على اهتمام الطفل بالقراءة أولا، ويدل ثانيا على اهتمام الآباء والأمهات بإشراك أطفالهم في مثل هذه الفعاليات. أمنيتي حقيقة أن أزور كل قرية في بلادي ومعي قصة أهديها لكل طفل يهوى القراءة. أطفالنا مبدعون وحساسون وربما ينبغي ان نهتم أكثر بالأطفال الذين لا تصل إليهم الإصدارات الجميلة. أيضا مثل هذه الحلقات فرصة كبيرة لنخلق طفلا واعيا، يحترم بيئته ويقدر العلم ويقرأ الأدب، ويمتلك طموحاته وأحلامه الخاصة.
- من بين إصداراتك التي عرفناها إصدار (هل يمكن أن أشتري جبلا؟) على ماذا يطلعنا هذا الإصدار ؟
صدرت هذه القصة عام 2015 عن دار الغشام وبدعم من الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وقامت برسمها الفنانة الأردنية صبا بشناق بلوحاتها المبتكرة التي أحبها الجميع. تتحدث هذه القصة عن الفتى علي الذي يحب تسلق الجبال، ولكنه يصبح مريضا بعد ان هُدمت كل جبال مدينته من أجل بناء الشوارع والمنازل والمراكز التجارية، فيذهب في رحلة طويلة باحثا عن جبل حتى يحصل عليه فيزرعه إلى جوار منزله ثم يصبح في نهاية القصة متسلقا محترفا وبطموحه يصل الى قمة أفرست. هذا الإصدار ثمرة حبي لهواية تسلق الجبال التي كنت أمارسها في طفولتي والتي عدت لممارستها قبل شهور. ربما لا حب في قلبي يفوق حبي لبلادي بكل ما فيها من الصحاري والجبال والبحار. وقد تكون هذه القصة نتاج مخاوفي وقلقي فماذا لو أدت بنا المدنية والتفكير غير المخطط في تدمير بيئتنا المميزة ومنها جبالنا الشاهقة ؟
- وماذا عن إصدار (راحلٌ برفقة الملائكة)؟
يُعد هذا إصداري الشعري الأول والذي صدر عام 2012 عن دار نينوى السورية، ويضم نصوصي الأولى التي كتبتها في مجال الشعر. وأجزم ان تجربتي كانت في بداياتها حين أصدرت هذه المجموعة.
- انتهينا من فعالية معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الـ23 .، وقد كان حضورك ملموسا، كيف تجدين هذه التظاهرة؟ ماذا تعني لك ككاتبة ومؤلفة عمانية ؟
الجميع بالطبع ينتظر هذه الظاهرة بفارغ الصبر كل عام، مع قلة المكتبات الجيدة في السلطنة. ما أسعدني جدا في هذه السنة هو كثرة الفعاليات الثقافية والمحاضرات والندوات وحلقات العمل التي صاحبته، ورغم أني لم أتمكن من حضور إلا جزء يسير منها، لكن وجود كل هذه الفعاليات وإقبال المؤسسات الثقافية على تنظيمها وإقامتها ينعش الروح ويستحق الإشادة والشكر.
- ماذا سنقرأ لأمامة اللواتي في القريب المقبل؟
أحب دائما ان أترك الحديث عن المستقبل حينما يصبح حاضرا وملموسا، فالأفكار والأحلام كثيرة ونعتقد أحيانا أننا رسونا على الشاطىء الذي ننشده لنكتشف أنه بداية الرحلة فقط.