[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
في الوقت الذي كان قادة البيت الأبيض والبنتاجون، ينتظرون بفارغ الصبر، ما يؤكد دقة الهدف الذي انتخبوه في ضربتهم الأولى لمدينة بغداد، فجر الخميس العشرين من مارس 2003، والذي قالت مصادرهم الاستخبارية، إن الرئيس العراقي صدام حسين وخمسة من كبار مساعديه يجتمعون فيه، وقت إصابة ذلك المكان، وهو القصر الرئاسي في منطقة الدورة، بجانب الكرخ من العاصمة العراقية، الذي يقع وسط بساتين النخيل، وبينما كان كبار القادة الأميركيين، ينتظرون وصول الأخبار السارة لحظة بلحظة، وكان العالم أجمع، يرقب تطور الأحداث في العراق بعد صدور أول بيان أميركي، في ذلك الوقت، كان صدام حسين، يتجول بسيارة نوع مرسيدس، من موديل الثمانينات في منطقة شارع أبو نؤاس، الذي يطل على منطقة القصر الجمهوري، من الضفة الشرقية لنهر دجلة، وتتبعه سيارة واحدة نوع بك اب، ولم يكن معه في السيارة، إلا الشخص الذي يقودها، وكان السائق يعتمر الكوفية الحمراء بدون عقال، وأمضى صدام حسين في ذلك المكان ما يقارب الخمس وأربعين دقيقة، كان يتجول اثناءها في الفروع المؤدية إلى شارع الكرادة الموازي لشارع أبو نؤاس، ثم يعود بعد مدة، إلى ذلك الشارع، في المسافة المحصورة بين فندق الميرديان والجسر المعلق.
توقف صدام حسين عدة مرات، عند المفارز التي كانت منتشرة هناك، والمكونة من مجاميع من حزب البعث وبعض أفراد الأجهزة الأمنية، ويقول شهود عيان، إن صدام حسين، كان يتابع البيانات الأميركية من خلال إذاعة البي بي سي، ويستمع إلى التقارير، التي تبث عن أول ساعات الحرب على العراق، وكان يغطي الأحداث من الجانب العراقي لإذاعة ال بي بي سي الصحفي العراقي المخضرم الاستاذ صبحي حداد.
كان أفراد هذه المفارز أول من تأكد من عدم دقة البيان الأميركي، الذي استمعوا إليه، بعد القصف مباشرة، وسقط خلاله (40) صاروخا نوع (توماهوك)، كما شاركت في الهجوم الأول قاذفتان من طراز (اف 117) وهي المعروفة باسم (الشبح)، والقت قنابل من نوع (جيه.دي.أي.ام) الموجهة بالأقمار الاصطناعية، وتزن الواحدة (2000) رطل.
توقع البعض، داخل العراق وخارجه، أن يكون صدام حسين، قد أعد خطابا، أو عدة تسجيلات لخطابات، تتلاءم وطبيعة الهجوم الأول، الذي تشنه القوات الأميركية، ويتم بثه، لتفادي أي طارئ محتمل، لكن لم يتسلم العاملون في تلفزيون العراق، ولا القناة الفضائية العراقية، أي تسجيل من هذا النوع، ولم يجهز حتى صيغة الخطاب، وربما بدأ كتابة خطابه، داخل السيارة، التي كان يتجول بها في شارع أبو نؤاس وفي المناطق القريبة منه.
في تلك الأثناء، لم تكن القيادة العراقية على علم بساعة الصفر، ولكن، وكما ذكر بعض الضباط، فإن التعليمات صدرت يوم الأربعاء 19-3-2003، إلى كافة القطعات، تؤكد أن الهجمات، قد تحصل هذا الليل، ورجح بعض الضباط، أن يبدأ القصف في ساعة مبكرة، وقبل انتهاء فترة الإنذار، الذي ينتهي في الساعة الرابعة صباحا بتوقيت بغداد، أي قبل أكثر من ساعتين من شروق الشمس في سماء العاصمة العراقية.
لكن بعد مرور ساعة على انقضاء المدة، شعر الكثير من العراقيين، الذين سهروا الليل بانتظار بدء الضربة الأولى، بأن الهجوم قد يتأخر، وربما يحصل في أي وقت، في تلك الأثناء.
منذ الساعات الأولى من يوم العشرين من اذار- مارس 2003 اصبح العراق تحت القصف الشامل والواسع والعنيف. ليزداد القصف مع كل ساعة جديدة.