[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
انا معجب بكوبا اعجابي بزعيمها الراحل فيدل كاسترو وبأحد رموزها الكبار تشي جيفارا، وبشعبها الذي منح وقته وتاريخه وعاطفته وعمله من اجل بلاده التي منذ ان تمت الإطاحة برئيسها الديكتاتور السابق باتيستا وهي ملعونة من قبل الاميركي، بل وانها بعد سنة تقريبا تم فرض الحصار عليها وعاشت تأكل مما تزرع، وتلبس مما تصنع، بل اغلق كاسترو الجامعات ليرسل الطلاب إلى الارياف والقرى من اجل تعليم الأميين، وتعتبر كوبا اليوم من اعظم بلدان العالم في كافة اختصاصات الطب والعلوم.
مات فيدل، لكن الستارة لم تسدل على تجربة الستين عاما من الاشتراكية .. صحيح ان زعيمها هذا تنازل عن حكم كوبا بسبب اوضاعه الصحية إلى اخيه راؤول، لكن هذا الأخير ها هو يقترب من تنازله ايضا إلى نائبه الشاب بناء على وعد سابق بأن لا يحكم اكثر من عشر سنوات وها قد تم انجاز الرقم تماما.
اذن كوبا بعد الأخوين كاسترو، وهذا يعني الكثير بعدما فقدت ايضا معظم رجالات الثورة ان لم يكن كلهم بسبب الوفاة أو المرض أو الكبر في السن. وقفة تحتاج لتأمل امام الضرورات التي سوف تعصف بالجزيرة السمراء التي ظلت نموذجا لقدرة الدول الفقيرة على مقارعة الأغنياء والكبار، خصوصا وانها لا تبعد سوى ثمانين كيلومترا عن الحدود الاميركية، وأول طروحاتها كان تسمية اميركا بالامبريالية العالمية التي يجب محاربتها بشتى الطرق، هكذا قال جيفارا وقبله فيدل، بل ان الثائر الأممي تشي ذهب ابعد من ذلك حين حول افكاره إلى ممارسة وبدأ ميدانيا بحرب ضد الدول التي تأتمر بأوامر اميركا وصولا إلى الأكبر.
اليوم كوبا لا بد لها ان تتغير، ثمة جيل او اجيال تتطلع إلى الخارج، دون ان يعني ذلك ارتهانها للولايات المتحدة، او اعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أي بالعودة الفجائية والمباشرة إلى النظام الرأسمالي .. الاشتراكية فيها كوبية الخصوصية، لكنها تطمح إلى طلائها بديمقراطية ناجزة ستكون علامة في تاريخها، وذلك عبر انتخابات شعبية في صناديق اقتراع،، ومن اصل 605 نواب في البرلمان القادم سيكون نصفه من النساء .. المرأة في كوبا من اكثر نساء العالم ممارسة لشتى انواع العمل والفنون والاداب والثقافة والسياسة والاقتصاد والاجتماع.
لا نخاف على التجربة الكوبية وفرادتها، غياب زعيم تجربتها له أثره، لكن الرجل عرف كيف يربي اجياله، وكيف يتركهم مصانين ضد أي تلوث امبريالي، فهو لم ينشئ دولة ذات خصوصية فقط، بل ايضا شعبا ذا خصوصية سيظل مثلما كان إلى جانب زعيمه اثناء حياته، ولن يتغير أو يتبدل أو تعصف به رياح الامركة.
يقول بعض غير المتحمسين لإعادة العلاقات الكوبية مع الولايات المتحدة ، انه كان يجب الانتظار اكثر للتفكير بهذا الأمر، فما زلنا بنظر اميركا عدوا سترمي كل ثقلها من اجل تغيير عالمنا الكوبي، ونخاف بالتالي ان تذهب تجربة كل تلك السنوات هدرا .. ويقال ان الزعيم الكوبي فيدل كان ضد عودة العلاقات تلك.
كلما ذكرت كوبا اشعر بالامتنان لهذا البلد الذي حافظ على نقائه رغم المصاعب التي فرضها الحصار الاميركي الجائر عليه. ظلت تلك الجزيرة حلما للثوريين في العالم .. من ذهب إلى كوبا او زارها لأسباب ما، فقد وجد فيها مكانا دافئا للنفس، يأمن فيه الإنسان على انسانيته، وهي طموح لن تصله دولنا العربية على اقل تقدير.