[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
هو العام الثامن كما تؤشر التواريخ إلى عمر الحرب على سوريا. سنة إضافية من السنوات الصعبة حتى لو قيل إنها الأسهل، فهي بالتالي إن لم تكن سنة الحسم فعلى الأقل السنة التي ستمهد لها، والمعروف أن نهايات الحروب تكون عادة أكثر عنفا.
لم يخطر ببالي يوما وأنا أرى المسلحين وأشكال السلاح المنوع في شوارع بيروت في السبعينيات من القرن الماضي، سوف أراه في عواصم ومدن عربية أخرى، كسوريا واليمن وليبيا والعراق، ولا أدري من ينتظره الدور. كان لابد من تجربة قاسية في عاصمة عربية كي تعمم لاحقا على بقية أقطار العرب. عاش لبنان سنوات طويلة أيضا من القتال والصراع الذي سماه الصحافي المعروف غسان تويني بأنه حرب الآخرين في لبنان .. انقسمت خلالها العاصمة اللبنانية بيروت إلى شرقية وغربية، ونالها الأذى الشديد، ثم تتالت عليها المتغيرات .. وبرزت في تلك الحرب اللعينة آثار الأيادي التي ساهمت فيها، إسرائيل في الأساس، ثم الأميركي المهندس، وبعض العرب المقتدر.
كانت سوريا رسالة سلام إلى لبنان حين دخل جيشها لإيقاف الحرب التي لم تتوقف .. تحكم السوريون بمفاصل الدولة وبالحياة السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية اللبنانية ، فكانوا بالتالي القوة الأهم في الشرق الأوسط التي أمسكت ملفا لبنانيا كان من أصعب الملفات، وتمكنت عبر دبلوماسيتها الواسعة والمرسومة بدقة عقل الرئيس حافظ الأسد، إلى إعطائها الدور الأساس في أنهاء الأزمة التي عمل عليها في الطائف بالسعودية فكان اتفاقا دوليا عربيا أعطى لسوريا الحق في تنفيذه.
أثبتت الحرب على سوريا كم قدرة ذاك القطر العربي قوية ومقتدرة بذاتها وبهضمها للمساعدات العسكرية التي جاءتها من عدة أماكن .. أثبت الجيش العربي السوري الذي لعب دورا محوريا في لبنان، إنه جيش محترف وعقائدي ومرتبط بوطنه كأبعد مايكون الارتباط الوطني، وإنه أمين على تحرير بلاده ويعي في سبيل ذلك التكلفة الاستشهادية في صفوفه ومعنى التضحية والوفاء.
كان قصار النظر من بعض المحللين على اعتقاد بأن الأزمة في سوريا عابرة، لكنهم لم ينتبهوا إلى معنى أن تدور الدوائر على أقطار عربية قبلها، بمعنى أن التأسيس للحرب على سوريا سبقه تمهيد تجريبي لتخريب أقطار عربية قبلها، ومن هنا علم أن من وضع سيناريوهات الحرب على هذا البلد العربي، كان قد وضع في سبيل الإطاحة بالحكم وبالقيادة السورية سيناريوهات متعددة كانت قد طبقت في تونس وليبيا ومصر، وكان التصور أن واحدا منها سوف يتحقق، أما رحيل الأسد السريع كما حصل لرئيس تونس زين العابدين بن علي، وإما نهاية فاجعية كما حصل للقذافي في ليبيا، وإما استقالة الرئيس كما حصل في مصر وبالتالي محاكمته.
جميع تلك السيناريوهات فشلت، فاستعيض عنها بالحرب الطويلة وبتجهيز المسرح السوري لشتى أنواع التخريب والتدمير والقتل وإدخال جيوش من المسلحين والإرهابيين تحت مسميات عديدة ودفع الأموال بالمليارات لتحقيق ذلك، لكن النتيجة كانت الثبات السوري في كل المواقع.
في العام الثامن للحرب على سوريا، صار معروفا السر الذي تملكه، والقوة الداخلية الممانعة التي ظهرت في جيشها وشعبها ومؤسساتها كافة .. وسيشهد المؤرخون لما مر عليها، بأنه لو مر على أعتى الدول لانهارت تماما، وذلك هو السر الكامن فيها بعدما تغير كثير من العالم الذي عايش أزمتها ولعب فيها أدوارا سلبية، فيما بقيت هي على تألقها مقدمة نتائج باهرة ومطمئنة في الميدان.