[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
خلال أقل من مئة ساعة، من بداية المعركة تولد شعور عند العراقيين، انتقلوا فيه من المتخوفين من الضربة الأولى، التي تحمل بين طيات تهديداتها جميع الأشكال والألوان المنضوية تحت مفهوم الصدمة والترويع، إلى امتصاص هذا النوع من الصدمة، والتعامل مع نتائجه على أساس أنها فشلت في تحقيق أهدافها.
الأمر الذي ساعد في تعزيز مثل هذه القناعة عند شريحة واسعة جدا من العراقيين، الانتقادات اللاذعة، التي بدأت تصدر من وسائل الإعلام الأميركية، خاصة ما يتعلق بعدم قدرة القوات الأميركية على تحقيق انتصار سريع، وفي يوم الاثنين (24/3/2003) نشرت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية مقالا افتتاحيا قالت فيه: إن مسؤولي البنتاغون، كانوا يتوقعون أن يستقبل العراقيون الجنود الأميركيين كمحررين. واعترفت الصحيفة (أن العراقيين أنزلوا خسائر فادحة بقوات التحالف. أما صحيفة نيويورك تايمز، فقد أكدت أن اسر الجنود الأميركيين من قبل العراقيين، يؤكد مساوئ استراتيجية التقدم السريع).
في هذه الأثناء، أخذ بعض القادة العسكريين الأميركيين والبريطانيين يتحدثون عن تصد قوي من قبل القوات العراقية، ونقلت بعض تلك التصريحات صحيفة فايننشال تايمز البريطانية بتأريخ (24/3/2003). واستنادا إلى ما قالته وكالتا أنباء رويترز ويونايتدبرس، التي يرافق مراسلوها ومصوروها القوات الأميركية الزاحفة من الجنوب، فقد جاء في تقارير هاتين الوكالتين ليوم الاثنين (24/3/2003) أن الدبابات الأميركية قد أخفقت في هزيمة القوات العراقية، وأعلن في ذلك اليوم أيضا قادة عسكريون أميركيون، أنهم دخلوا في أعنف يوم من القتال، حيث تواجه قواتهم مقاومة شرسة وهي تتجه إلى بغداد. ولم تتردد وكالات الأنباء في صياغة تقاريرها، بالاتجاه الذي يخدم استراتيجية الصدمة والترويع، ففي وسط كل هذه الأحاديث والتوقعات، واعترافات كبار ضباط الجيش الأميركي بحجم المقاومة التي يبديها العراقيون، فقد ألمحت بعض الوكالات إلى أن نجاح التكتيك في أم قصر، قد يتضاعف بشدة عند أبواب بغداد، وقالت في تعليقاتها، إن ذلك قد يوقع المزيد من الخسائر بين صفوف القوات الأميركية.
هنا لابد من التأكيد، على أن الخسائر بين الجنود العراقيين، في تلك الأيام، كانت قليلة جدا، وهذا ما لم يعتد عليه العراقيون في حروبهم السابقة، وتم تفسير ذلك، ضمن سياق القناعة التي أخذت تتنامى بفشل الاستراتيجية الأميركية، ورأى العراقيون أن ذلك يمثل أحد جوانب هزيمة القوات الأميركية، وعدم تمكنها من التأثير على القوات المسلحة العراقية.
يمكن القول، إنه منذ تلك الأيام، أي قبل أن ينقضي الأسبوع الأول من الحرب، أخذ العراقيون يربطون في تحليلاتهم لمجريات الحرب، بين ما قالته الإدارة الأميركية من حرب خاطفة سريعة تُجْهْز فيها على العراق بأجمعه، وما يحصل من قصة مذهلة يسمعون بتفاصيلها من خلال طرفي النزاع العراقي والأميركي. ورأى العراقيون بأن حكومتهم تريد أن ترفع من معنويات الناس في الإشادة بالمقاومة.
لم يعرف الشارع العراقي أن أستراتيجية القوات الغازية قد اعتمدت اسلوب عزل المدن وتحاشي دخولها مع استمرار القصف العنيف في كل مكان.