كتب ـ عادل مراد:
■ الجمهور ذواق للأعمال الدرامية، ودائما ما يميز بين السيناريو الجيد والإخراج المتميز، فبعد مرور منتصف رمضان، ومتابعة الأعمال الدرامية لهذا العام، وقع اختيار الجماهير علي بعض الأعمال، التي قرروا متابعتها وعدم البعد عنها، وترك الأخرى، ولكن مع اختلاف الأذواق تتغير نسب المشاهدة من عمل لآخر، هناك أعمال اعتمدت في قصتها على نصوص أدبية روائية معروفة وأعمال مسرحية، لكن صناع العمل استطاعوا تحويلها ببراعة لعمل درامي تليفزيوني.
دهشة وسجن النساء
ومن هذه المسلسلات مسلسل «دهشة» الذي تميز في حواره ورسم شخوصه المصرية على الأصل الأجنبى المأخوذ عنه مسرحية (الملك لير) وفقا لتقديرات النقاد، بينما نجحت حرفية الكاتبة مريم نعوم في تلفزة مسرحية «سجن النساء» بمعاونة المخرجة كاملة أبوذكرى، دون التقيد بالأصل ليأتى العملان من أفضل المسلسلات لهذا العام، والتى تمتع الجمهور حوارا وإخراجا، والمليئة بالكثير من التفاصيل التي ربما لا يسعها عمل مسرحى مدته 3 ساعات.
ثراء
الناقد والمخرج المسرحى الدكتور عمرو دوارة، أكد أن 60 % من الأعمال الفنية التي تعتمد على نصوص أدبية مضمونة النجاح والتأثير في الجمهور، لأن الأدب هو العمود الفقرى لأى عمل منها، وقال: إذا كنا نتعامل في المسرحية باعتمادها على قالب له شكل أدبى، فإن السينما مثلا بوصفها من الفنون الأحدث بالنسبة للمسرح اعتمدت على القصة والرواية والنصوص المسرحية، وأفضل الأفلام التي حققت نجاحاً لا يزال مدوياً هو الذي أُخذ عن كبار الكتاب، مثل إحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ ويوسف إدريس، وبدوره فإن التليفزيون التفت إلى أصحاب الأقلام الأدبية وأخذ من المسرح عدة كتاب ومواهب، منهم محفوظ عبدالرحمن ويسرى الجندى وأبوالعلا السلامونى وفتحية العسال ولينين الرملى وبهيج إسماعيل، فانتقلوا من المسرح ليثروا الدراما التليفزيوينة، التي بدت هذا العام أكثر متعة ورقياً باعتماد عملين على نصين مسرحيين حققا نجاحاً كبيراً، الأول «دهشة» أخرجه أحمد عبدالحليم وقدمه يحيى الفخرانى، والثانى «سجن النساء» أخرجه عادل هاشم، ولعب بطولته سوسن بدر وصفاء الطوخى وسلوى محمد على وأشرف عبدالغفور.
وأشار دوارة إلى أن المسرحيتين عرضتا على المسرح القومى، وكان النقد الموجه لـ»سجن النساء» تحديداً هو أنها مكثفة تحتاج وقتا أطول للتعرف على مشكلة كل امرأة من السجينات، وهو ما أتيح في المسلسل، الذي حافظت خلاله مريم نعوم على الشخصيات ومنحتها مساحة أوسع مما هو في المسرح، بينما «المللك لير» نص رائع به الكثير مما يمكن تقديمه من جحود الأبناء وعطاء الأب وتخلى الأصدقاء والصراع البشرى وكل المشاعر الإنسانية التي تنتج دراما مميزة بطابع تراجيدى لا يخلو من بعض اللحظات الكوميدية الخفيفة، وتقديم الفخرانى له مسرحياً من قبل بالتأكيد كان دافعه لتحويله إلى مسلسل تليفزيونى، فبحث عمن يحوله لعمل يغرسه في التربة المصرية ويكسب تعاطف عدد كبير من الجمهور معها.
وأبدى دوارة تفاؤله بأن يكون هذا اتجاها لدى صناع الدراما بالعودة للأدب، وأن يتابع الجمهور الأعمال الأصلية ويبحث عنها، مشيراً إلى أن كاتبى السيناريو ممن حولا النصين إلى عملين تليفزيونيين استطاعا اللعب بالقواعد الفنية الجديدة لتقديمهما.
تطور
تقول الناقدة ماجدة موريس إن الكاتب الروائى يملك من الخبرات العريضة ما يجعله يقدم ما هو أكثر ثراء في نصه، ويخدم الحياة الثقافية والأدبية والمشاهدين أيضا، خاصة الذين لا يقرأون من الأجيال الجديدة، التي تساهم المسلسلات عن النصوص الأدبية في تحفيزهم للقراءة ونشر الأدب عن طريق الصورة، كما أن كثيراً من كتاب الدراما التليفزيونية بدأوا حياتهم ككتاب قصة وأعدوا أعمالا لنجيب محفوظ، مثل أسامة أنور عكاشة، لكن ذلك لا يمنع أن أسامة أنور عكاشة ومحفوظ عبدالرحمن مثلا فرضوا مسألة وجود الكتابة المباشرة للتليفزيون والمؤلف التليفزيونى دون الاعتماد على نص أدبى.وتضيف ماجدة: ما من عمل قدم عن نص أدبى أو مسرحى إلا وكان يحمل إبداعاً كبيراً مثل أعمال ثروت أباظة ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وجمال الغيطانى كما في «الزينى بركات»، وأعمال صالح مرسى للجاسوسية «رأفت الهجان»
والنص الأدبى مهم جداً بشكل عام لتطور الدراما وإثرائها، ولا يحد الاعتماد عليه سوى طموح المؤلف وخبرته، لأنه يحتاج عند تحويله إلى مسلسل مؤلفا طموحا وموهوبا لتقديمه في عمل ممتع، بالتوازى مع وجود مخرج يملك أدواته هو أيضا ولديه رؤية لعمل أكثر إقناعا، وهو ما توفر في المسلسلين.
فكرة
مريم نعوم، كاتبة سيناريو مسلسل «سجن النساء»، قالت إن فكرة تقديمها لمسرحية «سجن النساء» كانت اقتراحا من المنتج جمال العدل الذي أراد تقديمها منذ فترة، ومر عليها أكثر من فريق عمل، لكننى حين قرأت المسرحية شعرت بأن الظرف الحالى والوضع السياسى الراهن لن يسمحا بتقديم البطلة معتقلة سياسية، كما أنها «مش هيصة .. يالا نعمل سياسة» ففتحية العسال حين قدمتها استوحت تجربتها في الاعتقال في الثمانينيات، كما أن السجن وقتها مختلف تماما عما هو عليه حاليا، ولذلك اقترحت على المنتج جمال العدل أن نأخذ اسم المسرحية ومكان الأحداث، لكن الحدوتة والشخصيات كلها من عندى، ومن قرأ المسرحية سيجد اختلافا في النص عما أقدمه في المسلسل، ولم أعتمد عليها بشكل كامل.
وأضافت مريم: قرأت كثيرا عن تجارب السجينات، وزرت سجن القناطر عدة مرات للوقوف على الشخصيات، وقدمت الجرائم الاجتماعية. ■