[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
انطوت صفحات كثيرة من ايام الحرب الأميركية – البريطانية على العراق، بسبب ما افضت إليه الحرب من طوي صفحة كاملة واستبدالها بأخرى، وأن القوات الغازية قد تولت الأمر في كل شيء، وبالتأكيد ثمة اسرار كثيرة ذهبت دون توثيق وتسجيل، في حين تحتفظ قوات الاحتلال الأميركية بالكثير منها، ومن بين تلك الاسرار محاولات اختراق قادة الجيش العراقي قبل بدء الغزو واثناء الحرب.
في ساعات الصباح الأولى من يوم الخميس العشرين من مارس/آذار، رن جرس الهاتف (الخط المدني)، أي التلفون الأرضي، الذي يرتبط بالبدالة المدنية، ويختلف هذا الخط عن الهاتف العسكري، الذي يعمل على بدالة سرية خاصة تربط قادة الجيش بالقيادة العليا للقوات المسلحة وبوزير الدفاع وهيئة الأركان، رن هذا الهاتف في وقت واحد، عند غالبية قيادات الحرس الجمهوري، ابتداءً من مركز القيادة، الذي تمركز في محيط بغداد، واتخذ عدة أماكن للطوارئ، وانتهاءً بجميع القيادات (قادة الفيالق، وقادة الفرق، وأمراء الألوية وقادة الميدان)، من الذين يمتلكون مثل هذا الخط الهاتفي، وفوجئ الجميع عندما سمعوا أن الذي يتحدث على الطرف الثاني، هو من القوات الأميركية وربما من وكالة المخابرات المركزية، وقد عرف بنفسه بلغة عربية، واستمع البعض إلى كلام المتحدث، في حين سارع الكثيرون إلى إغلاق سماعة الهاتف، إذ لم يتوقع أي قائد في قوات الحرس الجمهوري، أن يتحدث إليه شخص أميركي عبر الهاتف، وسارع القادة إلى إبلاغ مراجعهم العليا بأسرع ما يمكن، لأنهم يعلمون تماما إن التأخير في نقل هكذا معلومة، تضعهم في خانة المحاسبة القانونية، بعد أن جرى اتصال من طرف قوات العدو، الذي دخل البلد في حرب عنيفة وشرسة، وازدادت المفاجأة، عندما علم هؤلاء القادة، بأن الاتصال شمل القيادات العليا، إضافة إلى القادة والآمرين في مواقع القيادة، وفي مناطق مختلفة من العراق، وسرعان ما شعر كبار قادة الحرس الجمهوري بالارتياح، عندما علموا بذلك، وأدركوا إن الأمر قد شمل الجميع، ومن جهتها سارعت الجهات المسؤولة في الاستخبارات التابعة للحرس الجمهوري، وبالتباحث مع الاستخبارات العامة، ومن خلال اتصالات سريعة مع مسؤولين ومختصين في جهاز المخابرات، لمناقشة هذا الأمر، الذي قال البعض أنه يُعد خرقا أمنيا خطيرا، وبينما اقترح مسؤولون في الاستخبارات، إجراء تحقيقات موسعة، حول هذا الخرق، توصل مسؤولون آخرون إلى أنه لا يجوز إعطاء الموضوع اهتماما كبيرا، لأن الخرق استنادا إلى قناعاتهم، لم يحصل من خلال أي من الضباط أو المسؤولين في الحرس الجمهوري أو الحرس الخاص، وإنما من خلال جهات أخرى، ويقول أحد ضباط الحرس الجمهوري، إنه قد تم حسم هذا الموضوع بسرعة فائقة، واقتنع الجميع، بأن أرقام هواتف قادة الحرس الجمهوري، قد وصلت إلى وكالة المخابرات الأميركية وإلى دوائر الاستخبارات، من خلال لجان التفتيش التابعة للأمم المتحدة، التي أصر مسؤولوها على زيارة مواقع قوات الحرس الجمهوري، وحصلوا على موافقات الأمم المتحدة للدخول إلى جميع الأماكن، ومن بينها البدالات العسكرية والمدنية، وكانت معلومات قد تسربت، تؤكد أن هناك منظومات تنصت واتصالات على مستويات متطورة جدا، قد وضعت في فندق القناة، الذي يقع في جانب الرصافة من بغداد، وتتخذه لجان التفتيش في ذلك الوقت مقرا لها، قبل أن تغادره قبل ثلاثين ساعة من بداية الحرب.