منظومة الأمن والسلام الاجتماعي التي أرسى ركائزها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ تواصل تقديم جوانب نجاحها على مختلف الصعد، سواء بتكريس مظاهر الأمن والسلام والتعايش والتآلف والتكاتف بين أفراد المجتمع، حيث أصبح أبناء هذا الوطن درعًا حصينًا له، أو برفع المستويات المطلوبة لدى قوات السلطان المسلحة بمختلف تشكيلاتها ولدى الأجهزة العسكرية والأمنية الأخرى، ودعم هذه القوات برجال مقتدرين ومؤهلين بالوعي المطلوب تجاه أهمية بناء لحمة اجتماعية متينة بين شرائح المجتمع العماني كافة، وأيضًا مؤهلين بأحدث مخرجات التكنولوجيا الحديثة، سواء في التسليح أو في أدوات إدارة الأزمات، وملاحقة مكامن الخطر وإحباط مؤامراتها.
إن هذه المنظومة المثيرة للاهتمام والإعجاب، وهذا التطور اللافت لدى قوات السلطان المسلحة والأجهزة العسكرية والأمنية الأخرى ما كان له أن يظهر بهذا المستوى المشرِّف ـ الذي يعكس مكانة عمان الحضارية والتاريخية وطبيعة الشخصية العمانية ـ لولا الخبرة الأمنية والرؤية الحكيمة، وقوة استشراف آفاق المستقبل التي يتمتع بها جلالة عاهل البلاد المفدى ـ أيده الله ـ وهو ما أعطى أبعاده وحقق أهدافه بإعداد رجال عمان الأبطال القادرين على حمل أمانة الوطن والذود عن حياضه والتضحية من أجل ترابه وإنسانه وسلطانه. ووفقًا لذلك ترسخت العقيدة الأمنية والدفاعية لبلادنا والتي تنهض في جانبها الآخر على أساس أننا جزء لا يتجزأ من منطقة متماسكة اللبنات تؤمن بوحدة المصير، وترسيخ مظاهر السلام والاطمئنان والاستقرار والتعايش والتسامح، مع أهمية الاستعداد التام لحماية المنجزات والمكتسبات التنموية.
وأمام هذا القدر المتيقن، مضت عملية بناء قوات السلطان المسلحة وفق تلك الأسس والركائز وبما يرسي منظومة الأمن والسلام الاجتماعي، ويصون منجزات ومكتسبات النهضة المباركة، وهو ما أكد الصورة الحضارية لبلادنا المتسامحة والمحبة للسلام والحوار، انطلاقًا من الفكر الحكيم لجلالة السلطان المعظم ـ أعزه الله ـ بأن الحوار والدبلوماسية هما النهج القويم لحل المشكلات الإقليمية والدولية كافة. إلا أن هذا لا يعني عدم مواصلة نهج التطوير والتحديث لقوات السلطان المسلحة وغيرها من الأجهزة العسكرية والأمنية، وإنما هو أمر واجب وضروري للاستمرار في عملية البناء والتنمية والجاهزية والأخذ بكل جديد في العلوم العسكرية، وتكنولوجيا الأسلحة، والاستمرار في بناء الموارد البشرية وتأهيلها وتدريبها في كل ما يتعلق بالعلوم العسكرية الحديثة.
وتعد التمارين العسكرية إحدى الوسائل المتعارف عليها في العلوم العسكرية لرفع الجاهزية والاستعداد، ورفع المستوى القتالي والمعلومات والخبراتي لدى القوات المسلحة، وهذا ما تحرص عليه قوات السلطان المسلحة بفضل الرعاية الكريمة من لدن جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة ـ أبقاه الله. وتأتي في هذا الإطار فعاليات تمرين مراكز القيادة (الجهد المشترك/10) التي اختتمت ظهر أمس، والتي بدأت في الخامس والعشرين من فبراير الماضي، بمشاركة مختلف قطاعات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية وذلك في إطار الاستعداد والتجهيز للمشاركة في التمرين الوطني (الشموخ2)، وكذلك التمرين المشترك (السيف السريع3) مع القوات البريطانية والمزمع إقامتهما ـ بإذن الله ـ في أكتوبر القادم. ويتميز هذا التمرين عن سابقه من جهة أنه لأول مرة تشترك جهات مختلفة في فعاليات التمرين، وتتدرب على المستويات كافة؛ المستوى الاستراتيجي، والمستوى العملياتي، والمستوى التعبوي، فضلًا عن تفعيل الخطوط كافة؛ الخط الدبلوماسي، والخط الاقتصادي، والخط المعلوماتي والخط العسكري، بالإضافة إلى ما خرج به التمرين من فوائد ونتائج ودروس من بينها الانسجام والتفاعل من المشاركين كافة، وتحقيق الأهداف التدريبية وبما يتماشى وتحقيق الغاية الوطنية من إقامة التمرين، والعزم على عقد حلقات العمل لمناقشة خلص إليه التمرين من دروس مكتشفة مستفادة.