مع بدء عمليات التشغيل التجاري لمبنى المسافرين الجديد بمطار مسقط الدولي بعد نجاح التجارب التشغيلية، وتشغيل مبنى الشحن الجوي الجديد بالمطار، تضع السلطنة ركيزة مهمة من ركائز التنمية الشاملة الساعية إلى تحقيق سياسة التنويع الاقتصادي وتعدد مصادر الدخل، في عالم بات يضع التنافسية مقياسًا للنجاح، ويضع جودة الخدمات السهلة والسريعة والمختزلة للوقت والجهد والمحققة للنتائج هدفًا يؤهله لخوض غمار المنافسة الشريفة مع ذوي الخبرات والإمكانات السابقة والمتقدمة.
فاليوم الطموحات والآمال من وراء إنشاء مطار مسقط الدولي تتعدى تلك الصورة النمطية بأن يكون لبلادنا مطار دولي يستقبل الطائرات والمسافرين، إلى ما هو أبعد من ذلك، بأن تنتقل السلطنة إلى محطة مرموقة في عالم النقل والاتصال والترويج السياحي والاقتصادي والاستثماري والتجاري لبلادنا، بما يفتح مجالات واسعة من الاهتمام بهذه القطاعات من قبل المهتمين والمستثمرين وذوي رؤوس الأموال، وذلك بأن يلعب أدواره، سواء لجهة أنه واجهة حضارية لعماننا الحبيبة من خلال ما يجمعه فنه المعماري والإنشائي بين التراث العماني والإسلامي المعروف بروعته في فنون العمارة، وبين النمط المعماري العصري، أو لجهة أنه يعمل على تقديم السلطنة في أثواب رائعة وجاذبة في السياحة وما تتمتع به من مقومات طبيعية وتراثية وتاريخية وثقافية، وفي الاقتصاد والتجارة وما تتمتع به من بنية أساسية صلبة تتمثل في المناطق الاقتصادية الحرة والمناطق الصناعية والموانئ والطرق، والإمكانات الواعدة للاستثمار فيها، بحيث يعمل مطار مسقط الدولي كمنصة متقدمة للتعريف بهذه الإمكانات والمقومات والترويج لها أمام المسافرين والزائرين، ليس من خلال ما يجمعه طرازه المعماري الأخاذ فحسب، وإنما من خلال شاشات عرض ومكاتب للسفر والسياحة والاستثمار تعمل على تلبية رغبات المهتمين والمستثمرين والساعين إلى معرفة الكثير عن عُمان وما تشتهر وتزخر به، والرد على أسئلة واستفساراتهم، وتزويدهم بأفلام وثائقية ومطويات وكتيبات تعرفهم بالسلطنة.
على أن الهدف الآخر من خطط التحديث والتطوير والتنمية في بلادنا والذي لا تخطئه العين هو خدمة الإنسان العماني الذي هو عماد التنمية وهدفها في نفس الوقت، فالمطار إضافة نوعية متقدمة لتنشيط اقتصادنا الوطني، وسيوفر فرص عمل كثيرة ومتعددة المجالات لشبابنا ولرواد الأعمال وللمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب أن المطار يعكس التطور النوعي الذي حققته السلطنة في فترة زمنية وجيزة وفي إطار إمكانات ومصادر ثروة محدودة نسبيًّا قياسًا إلى دول تملك وترصد ميزانيات هائلة للحاق بركب التقدم والتطور، ولكن عبقرية الشخصية العمانية ممثلة في الرؤية النافذة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وحرصه على بذل الجهد المضاعف لاستثمار كافة الإمكانات المتاحة ماديًّا وبشريًّا لتحقيق نهضة حديثة تعد أهم محاور نجاح المنجزات وخطط التنمية، مضافًا إليها إخلاص المؤسسات والجهات التنفيذية في تحويل رؤى وتوجيهات جلالته إلى إنجاز عملي ملموس على نحو هذا الصرح التنموي العملاق الذي تشرئب إليه الأنظار إعجابًا بتضافر الجهود من أجل إبراز وجه عُمان الحضاري والتاريخي على أفضل صورة، وبما يمثله من طموحات وآمال في أن يضع السلطنة على الخريطة التنافسية للعالم، وتأكيد أحقية حركة التنمية العمانية بأن تتبوأ مركزها المتقدم في قوائم الجهات الدولية والإقليمية المعنية بمتابعة معدلات النمو الاقتصادي والسياحي والتجاري وغيرها، حيث روعيت النظرة المستقبلية في مبنى المطار الجديد وذلك من خلال إمكانية رفع طاقته الاستيعابية الحالية البالغة 20 مليون مسافر سنويًّا إلى 56 مليون مسافر في المراحل اللاحقة، بالإضافة إلى المرافق الأخرى القابلة للتوسع مثل الفندق الذي يتكون من 90 غرفة والمزود بالخدمات الضرورية للنزلاء، ويتسع لبناء 90 غرفة إضافية، فضلًا عن ما يحتويه المبنى من جسور جوية لنقل المسافرين من وإلى الطائرات بلغت 40 جسرًا جويًّا عن طريق 29 صالة انتظار، و16 صالة انتظار إضافية لنقل المسافرين من وإلى الطائرات عن طريق الحافلات عند الضرورة، و29 موقفًا للطائرات موصولة بالمبنى و30 أخرى. بينما تبلغ المساحة الإجمالية لمبنى المسافرين بالمطار الجديد 580 ألف متر مربع، ويتكون من ثلاثة أجنحة ويتضمن 118 منضدة لتخليص إجراءات السفر من قبل شركات الطيران و82 منضدة لتخليص إجراءات السفر من قبل شرطة عُمان السلطانية، وغيرها من المرافق والخدمات التي لا يتسع المجال لتعدادها.