أعلنت الإفراج عن أكثـر من مليارين من أموالها المجمدة
فيينا ـ طهران ـ وكالات: اتفقت ايران والدول الكبرى مساء في فيينا على تمديد مهلة المفاوضات الجارية للتوصل الى اتفاق نهائي حول البرنامج النووي الايراني الى 24 نوفمبر، اي اربعة اشهر اضافية. وفي الوقت نفسه، اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان الولايات المتحدة وافقت على الافراج عن 2,8 مليارات دولار من الاموال الايرانية المجمدة لديها وذلك مقابل تحويل ايران قسما من مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة الى وقود. وقال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف والممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون في بيان مشترك «مع اننا حققنا تقدما ملموسا في بعض المجالات وعملنا معا على نص (...) ما زالت هناك خلافات كبيرة حول بعض المواضيع الاساسية». واكدت ايران ومجموعة خمسة زائد واحد (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين اضافة الى المانيا) في البيان تصميمها على التوصل الى اتفاق نهائي «في اسرع وقت ممكن». وتريد الاسرة الدولية ضمانات للطابع السلمي للبرنامج النووي الايراني مقابل رفع للعقوبات عن الجمهورية الاسلامية التي تؤكد باستمرار انها لا تريد امتلاك سلاح ذري. ووقع الجانبان في نوفمبر الماضي اتفاقا مرحليا في جنيف ينص على ان تجمد طهران نشاطاتها النووية مقابل رفع جزئي (يشمل سبعة مليارات دولار) للعقوبات التي تؤثر بشدة على الاقتصاد الايراني. كما يقضي هذا النص بالتوصل الى اتفاق نهائي بحلول 20 يوليو. وقال كيري «من الواضح اننا انجزنا تقدما ملموسا في مفاوضات لكن ما زالت هناك خلافات جوهرية في بعض المجالات». وبعد ست جولات من المفاوضات جرت بعد التوصل الى الاتفاق المرحلي، يبدو ان الجانبين نجحا في تقريب مواقفهما حول بعض النقاط وخصوصا حول مفاعل اراك للمياه الثقيلة الذي يمكن ان ينتج البلوتونيوم وحول زيادة زيارات تفتيش المواقع النووية الايرانية. واوضح كيري ان الخلافات تتركز حول مسألة ما اذا كانت ايران ستحتفظ بقدراتها على تخصيب اليورانيوم الذي يستخدم في انتاج الطاقة الكهربائية اذا ما خصب الى مستويات متدنية. اما اذا تم تخصيبه الى مستويات مرتفعة فيمكن حينئذ استخدامه في انتاج قنبلة ذرية. وفي صلب هذه المسألة عدد اجهزة الطرد المركزي التي تسمح بتخصيب اليورانيوم. وقال وزير الخارجية الاميركي ان «هذه المسألة ذات اهمية حاسمة للاتفاق النهائي برمته». واضاف ان «ادارة ظهرنا قبل الاوان للجهود الدبلوماسية في الوقت الذي تم فيه تحقيق تقدم كبير يعني اننا نحرم انفسنا من القدرة على بلوغ اهدافنا بطريقة سلمية»، مؤكدا انه لهذا السبب تقرر تمديد المفاوضات اربعة اشهر.
وتابع كيري «قلنا بشكل واضح ان عدم وجود اتفاق افضل من اتفاق سىء والامكانية الواقعية جدا للتوصل الى اتفاق جيد يحقق اهدافنا يتطلب منها العمل لوقت اطول». لهذا السبب قرر الجانبان تمديد المفاوضات اربعة اشهر اخرى. واكد مسؤولون عدة في الادارة الاميركية من جديد معارضتهم لفرض عقوبات جديدة على ايران معتبرين انه يجب افساح المجال الكامل للدبلوماسية. وقال الناطق باسم البيت الابيض جوش ارنست في بيان امس السبت «طبقا بشكل صارم نظام العقوبات القائم وسنواصل ذلك طوال فترة التمديد». واضاف «لن نقبل باي شىء آخر سوى قرار شامل يحقق اهدافنا، لذلك من الضروري مواصلة المفاوضات». وقال ظريف وأشتون، التي تمثل الدول الست في المفاوضات، في تصريحات متطابقة «على الرغم من أننا أحرزنا تقدما ملموسا في بعض القضايا وعملنا معا على نص لخطة عمل شاملة مشتركة، لا تزال هناك ثغرات كبيرة بشأن بعض القضايا الجوهرية، تتطلب مزيدا من الوقت والجهد». على صعيد متصل اعلن مساعد وزير الخارجية وكبير المفاوضين الايرانيين عباس عراقجي الافراج عن مليارين و 800 مليون دولار من اموال الصادرات النفطية الايرانية المجمدة خلال اربعة اشهر وعبر 6 دفعات. واضاف عراقجي في حديث للصحفيين بعد الانتهاء من الجولة السادسة من المفاوضات النووية بين ايران ومجموعة 5+1 ، انه قد تم الافراج عن هذا المبلغ وفقا لاتفاق جنيف وسيتم ايداعها في حساب البنك المركزي الايراني في اطار4دفعات بمبلغ 500 مليون دولار ، ودفعتان بمبلغ 400 مليون دولار،حسبما ذكرت وكالة الانباء الايرانية (إرنا) امس السبت . ياتي الافراج عن الاموال الايرانية في ختام الجولة السادسة والتي تم خلالها الموافقة على تمديد المفاوضات بين ايران ومجموعة 5+1 حول البرنامج النووي الايراني حتى 24 من نوفمبر المقبل ويأتي قرار التمديد قبل انتهاء المهلة المحدد لها ألـ 20 يوليو من الشهر الجاري للتوصل إلى اتفاق شامل بين طهران ومجموعة 5+1 ( التي تضم بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين وروسيا اضافة الى المانيا )لإنهاء الخلاف بشان الأنشطة النووية الإيرانية. ويؤكد خبراء ان تمديد المفاوضات حول الملف النووي الايراني مفيد مع ان المحادثات المكثفة طيلة خمسة اشهر بين طهران والقوى العظمى لم تتمخض عن اي نتيجة. فرغم استمرار الخلاف بين ايران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي اضافة الى المانيا بشأن نقاط اساسية عدة، يرى هؤلاء المراقبون ان تقدما قد احرز. وقال ريتشارد دالتون السفير البريطاني السابق في ايران والعضو اليوم في مركز شاتهام هاوس للابحاث ان «احتمالات التوصل الى اتفاق نهائي هي اكبر اليوم من اي وقت مضى». لكنه اضاف ان «عملا سياسيا هاما ينتظر واشنطن وطهران». وثمة مشكلة اخرى اكثر تعقيدا ايضا تكمن في طريقة ضبط تخصيب اليورانيوم، فكيف التمييز بين ما هو متصل بالبرنامج النووي وما هو متصل ببرنامج عسكري محتمل؟ واعتبر سيافوش رنجبر دائمي البروفسور الايراني في جامعة مانشستر ان ظريف «لا يمكنه العودة الى البلاد والقول انه وافق على تجميد كل الجوانب المرتبطة بالتخصيب».
فان بقي اقتراح ظريف غير كاف في نظر الغرب فان المراقبين يرون انه يشكل اساسا جيدا للانطلاق في مفاوضات معمقة. ووصفت فريده فرحي الاخصائية في الشؤون الايرانية في جامعة هاواي الفكرة بانها «اطار لما يمكن ان يكون شبيها بالاتفاق النهائي». واعتبر مارك فيتزباتريك من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ان الاقتراح «يظهر ان ايران تستنبط خيارات عدة. فالمسألة الاساسية تكمن في معرفة ما اذا كان المرشد الاعلى للجمهورية سيسمح باضعاف برنامج التخصيب الذي سيكون ضروريا بالنسبة لاي اتفاق». من جهته اعرب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن امله السبت في ان يتيح تمديد المحادثات حول البرنامج النووي الايراني لطهران «ان تتبنى اخيرا الخيارات اللازمة للتوصل الى اتفاق شامل، جدير بالثقة ودائم». وقال فابيوس في بيان ان «المحادثات مع ايران اتاحت احراز تقدم حول بعض النقاط، لكن تباينات مهمة ما زالت قائمة حول بعض المواضيع وخصوصا تخصيب اليورانيوم». واضاف فابيوس ان «على ايران ان تواصل التعاون الوثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول المسائل العالقة المتصلة بالابعاد العسكرية المحتملة». وقال ان طهران «تعهدت للوكالة بتحقيق نتائج قبل نهاية اغسطس. وهذه النتائج ستكون مؤشرا مهما على مدى جدية ايران قبل استئناف محادثاتنا في سبتمبر». من ناحيته أعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير عن اعتقاده بأنه لا يزال من الممكن التوصل لاتفاق مع إيران في الخلاف المثار حول برنامجها النووي. ووفقا للبيانات الصادرة عن الخارجية الألمانية امس السبت، فإن شتاينماير اعترف بوجود اختلافات كبيرة في الرأي في القضايا المركزية. في الوقت نفسه قال شتاينماير:»لكن تولد لدينا انطباع بأن كلا الجانبين اجتهد بصورة جادة من أجل التوصل إلى اتفاق وبأنه من الممكن التغلب على الخلافات في الفترة المتبقية». ورأى شتاينماير أن على إيران أن تظهر رغبتها في تبديد الشكوك حول الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي. وحذر الوزير الألماني إيران من اللعب على عنصر الوقت من خلال المفاوضات مؤكدا أنه من الواضح أنه لا يمكن استئناف المفاوضات إلى ما لا نهاية. واختتم شتاينماير كلامه بالقول إن هذه الأشهر القليلة حتى نوفمبر المقبل ربما تكون على مدار فترة طويلة الفرصة الأخيرة والأفضل لتسوية النزاع النووي بشكل سلمي.