تُقدِّم تطورات الأحداث في سوريا على خلفية العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش العربي السوري في الغوطة الشرقية مزيدًا من الحقائق الثابتة حول طبيعة التدخلات الغربية والإقليمية في الشأن الداخلي السوري، لتؤكد جملة وتفصيلًا حقيقة النيات الصهيونية ـ الغربية ـ الإقليمية المبيتة ضد سوريا، وتكالب القوى المتآمرة عليها لتدميرها وإخراجها من المعادلات الإقليمية والدولية، بحكم مواقفها العروبية والقومية الصلبة، خصوصًا تجاه القضية الفلسطينية ومناصرة الشعب الفلسطيني ومقاومته.
فالصراخ والبكاء اللذان ترفعهما القوى المتآمرة على الدولة السورية على ما يجري في الغوطة الشرقية سلطا أضواء إضافية على ازدواجية المعايير، وسياسة الكيل بمكيالين في التعاطي مع ما يجري في سوريا من أحداث؛ في شمالها، ووسطها وشرقها وجنوبها، حيث يعلو الصراخ، وتكثر دموع التماسيح بشأن الأحداث في الغوطة، لتبدو للمتابع أنها من أجل سواد عيون المدنيين السوريين الذين تتخذهم التنظيمات الإرهابية دروعًا بشرية، في حين أن الصريخ والبكاء هما من أجل الدفاع عن الإرهاب التكفيري الذي راهنت عليه القوى المتآمرة الساكبة لدموع التماسيح في إسقاط الدولة السورية وتفتيتها، وما سيترتب على تمكن الدولة السورية من القضاء على هذا الإرهاب الكوني العابر للحدود من سقوط ذريع ومذل لمخطط التدمير.
ويبدو التناقض في أجلى صوره، وتبرز سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير والنفاق في أوضح مظاهرها وأشكالها وذلك من خلال العزف الغربي على وتر الوضع الإنساني للمدنيين في الغوطة ودمشق وشمال سوريا (عفرين تحديدًا)، حيث يحاول العازفون على الوتر الإنساني أن يوهموا المتابعين أن مُقلهم قد خرجت من محاجرها من شدة البكاء على المدنيين في الغوطة، في حين يتساقط هؤلاء المدنيون بالعشرات قتلى وجرحى في العاصمة دمشق وفي عفرين ودرعا وحماة وغيرها، وهو ما يطرح علامات استفهام كثيرة منها: لماذا تعمل قنواتهم الدمعية حين يتعلق الوضع بالغوطة، وتتوقف عن العمل حين يتعلق الأمر بالوضع المأساوي الإرهابي في دمشق وعفرين وغيرهما، بينما هؤلاء المدنيون هم دروع بشرية في الغوطة، وضحايا للهجمات الإرهابية التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية في دمشق وعفرين وغيرهما؟
ويزداد التناقض والنفاق وضوحًا أكبر من خلال أمرين مهمين: الأول وهو الشهادات المؤلمة والمأساوية التي أدلى بها الناجون من جحيم التنظيمات الإرهابية في الغوطة الشرقية الذين تمكنوا من الخروج عبر الممرات الآمنة التي وفرها الجيش العربي السوري وحلفاؤه، حيث سلطت هذه الشهادات على حجم الإجرام والإرهاب الذي تمارسه تلك التنظيمات الإرهابية ضد هؤلاء المدنيين الذين تحاصرهم وتتخذهم دروعًا بشرية في الغوطة، إضافة إلى أن هؤلاء المتباكين على مدنيي الغوطة لم يمدوا يد العون والمساعدة إلى هؤلاء المدنيين الذين تمكنوا من الخروج من بعض مناطق الغوطة والالتجاء لحضن الدولة السورية؟!
والثاني هو ما تم الكشف عنه من محاولات التنظيمات الإرهابية تنفيذ هجمات بالأسلحة الكيميائية، حيث كشف الجيش العربي السوري عن مواقع لإنتاج الأسلحة الكيميائية، التي كانت ستستخدم لتنفيذ العمليات الاستفزازية، في الوقت الذي تحاول فيه القوى المتآمرة والمتخذة من الوضع الإنساني شماعة لها توظيف هذه الاستفزازات في عمليات عسكرية عدوانية ضد دمشق، وذلك لعرقلة تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه في الغوطة، ومنعهم من التخلص من الإرهاب التكفيري فيها وفي عموم سوريا.